عمل تيد تيرنر كبائع إعلانات في وكالة الإعلان التي كان يملكها والده الذي انتحر وكان عمر تيد آنذاك 24 سنة. وقد أوصى والده قبل انتحاره بأن يرث تيد وكالة الإعلان، لكن في الأيام التي تلت تبين أن والده قد باع الوكالة إلى أحد منافسيه.جن جنون تيد وبذل أقصى جهده لكي يوقف الصفقة من دون جدوى. كانت الوكالة هي الرابط الوحيد الذي يربطه بوالده. وقد سافر إلى بالم سبرينغ ليطارد رجل الأعمال الذي لم يعر أي اهتمام لتيد، لأنه كان يعتبره ولداً عديم الخبرة، وكل ما يحاول هو أن يقبض ثمناً أكبر من الذي اشتراه من والده حتى يتسنى له ممارسة هوايته في القوارب الشراعية وملاحقة الفتيات، ولم يشكل تيد أي خطر على المشتري. لأن الجميع كانوا يعتبرونه شخصاً ساذجاً.

لا شك في أن تيد كان مبتدئاً في أمور العمل ومتاهاته، ولا يعرف الكثير عنه أنه يعتمد على حدسه وغريزته في اتخاذ القرارات، وكان تعامله مع العمل كتعامله مع سباق القوارب الشراعية أو كخوض حرب.

تأثر كثيراً بما قرأه في طفولته ومنها "التجارة والعمل حرب". لذا استعمل مناورة ساعدته كثيراً، وهي أنه خلال 24 ساعة من آخر رفض لطلبه بوقف صفقة بيع وكالة والده اتفق مع موظفي قسم تأجير مساحات الإعلانات على تحويل جميع العقود (العصب الرئيسي للوكالة) إلى اسم شركة جديدة، ما سحب البساط من تحت الشركة المنافسة في مينيابوليس، التي ضاقت ذرعاً بتصرفات الصبي الأرعن الذي أعطاهم مهلة أسبوعين للإلغاء الصفقة.

كانت الشركة تعلم أن تيد مفلس، وليس معه مال، فاجتمعوا معه وعرضوا عليه مبلغاً مقداره 200 ألف دولار. ما أن يدفع أو أن يترك الشركة. وإذا لم يوافق على هذا العرض، فإنهم سيستعملون كل الوسائل القانونية لكسب القضية. كما أنهم أرادوا أن يعطوه درساً لطيشه وتهوره، فأعطوه مهلة 30 ثانية لاتخاذ القرار.اعتقدت الشركة المنافسة بأن تيد سيأخذ المبلغ ويذهب إلى سباق القوارب، ولكن صعقهم عندما قال لهم: "أنا لا أحتاج إلى 30 ثانية، سأدفع لكم 200000 دولار واخرجوا من مكتبي".

لم يكن أحد يتوقع هذا القرار، حتى تيد نفسه الذي سأل بعدها مديره المالي: "من أين لنا هذا المبلغ الضخم؟ ولحسن حظ تيد أن الشركة المنافسة وافقت على أخذ المبلغ على شكل أسهم للشركة بدل المال، وكسب تيد الرهان".

كانت هذه اللحظات نقطة تحول في حياة تيد فهذه المخاطرة علمته ألا يهاب شيئاً، وأثرت الطريقة التي اتخذ بها قراراته في كل مراحل حياته. لقد أعطته هذه التجربة دفعة معنوية مفعمة بالثقة في النفس ودفعته إلى إتمام صفقات اعتبرها الجميع جنوناً واضحاً. كان مؤمناً بنفسه، وواثقاً إلى درجة مدهشة جعلته محارباً في العمل من الدرجة الأولى، بخاصة عندما حاربته المؤسسات التالية خلال شقه لطريق النجاح والتقدم: RCA, NBC, CBS, Time, Westinghouse, Federal Communications Commission, Cable Operators.

يعتقد الناس بأن تيد تيرنر كان مولعاً بالتلفزيون ولذلك انخرط في هذا المجال، لكن العكس هو الصحيح. فالغريب أن تيد لم يحب التلفزيون أبداً، وهو لم يحضر 100 ساعة تلفزيون قبل أن يفتتح محطة السوبر ستايشن والتي كانت تعرف من قبل بـ UHF, WTSB . وقبل أن يفتتح CNN نعته الجميع بالحماقة والجنون، لأن المحطات الباقية كانت أكبر منه 100 مرة، وهو يخاطر ويقامر بمبالغ خيالية ليطرح فكرة محطة تبث 24 ساعة أخباراً.

والمضحك أنه في لحظة تأمل قبل افتتاح CNN قال تيد لأحد مساعديه: "هل أنا مجنون فعلاً، لماذا أفعل هذا؟ كيف أقوم بعمل كهذا والتزم بمئة مليون دولار؟ هل فقدت عقلي؟

لكنه قرر المضي قدماً في قراره، وغير بذلك النظرة إلى التلفزيون على الرغم من الصعوبات الجمة التي واجهها في البداية، حيث حاربه الكثيرون، وحكم عليه الكثيرون بالفشل، ولم يستطع جذب المعلنين في البداية.










المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 91 - 94
كلمات مفتاحية: القرار – الثقة بالنفس – الإعلانات – المبيعات – تحدي الفشل – مواحهة المحن
أرسل بواسطة: داري قدور
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=452