حدث مرة أن طلب أحد الأشخاص مساعدتي حتى يتمكن من إنقاص وزنه وقال أن حياته أصبحت غاية في الارتباك بعد ما زاد وزنه إلى تلك الدرجة، وقد جرب كل الطرق المطروحة للتخسيس، ولكن بدون فائدة، وعندما سألته عما يحتاجه للوصول إلى الوزن المثالي كان رده «أنا لا أعرف وهذا هو السبب لأني موجود هنا الآن».. فسألته «إذا كان جسمك رشيقاً فما الذي تفعله حتى تحافظ على هذه الرشاقة؟».. فقال «في هذه الحالة كنت أمارس التمارين الرياضية ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل بالإضافة إلى تناول الطعام الصحي ومصاحبة الأشخاص الأصحاء وربما كنت ألتقي مع الأشخاص ذو اللياقة العالية حتى أقوم بعمل ما يقومون به».. وكان السؤال الطبيعي من ناحيتي هو «ولماذا لا تقوم بعمل ذلك؟» ولكنه لم يرد. هذا الرجل عنده خطة استراتيجية ممتازة لتقليل وزنه وفي إمكانه أن يكون رشيقاً ويكون شعوره بالتالي أفضل مما كان عليه وتكون حياته أسعد، ولكنه لم ينفذ هذه الخطة ولذلك حضر إلي حتى أوجّهه إلى خطة سحرية!!

وإذا قمنا بتحليل موقف هذا الشخص نجد أنه لم تكن تنقصه أية إمكانيات.. فلم يكن المال عقبة في تحقيق حلمه بدليل أنه أنفق الكثير على الأدوية والطرق المطروحة في السوق في ذلك الوقت بالإضافة إلى أنه كان لديه الوقت الكافي لتنفيذ خطته فما الذي كان ينقصه بالتحديد؟.. الرد على ذلك هو أنه لم يكن لديه الانضباط الذي يجعله يتصرف التصرف السليم لتحقيق هدفه. لذلك كان تركيزي في خطوات علاجه على الانضباط، وساعدته على تنفيذ خطته الاستراتيجية وتحقيقها في خطوات صغيرة اعتمدت أساساً على الاستمرارية في التنفيذ والانضباط، وساعدته على تنمية صورته الذاتية الإيجابية مما أوصله في النهاية إلى تحقيق هدفه.. وقد نجح في إنقاص وزنه بأكثر من 80 رطلاً وأصبح يمارس التمارين الرياضية بانتظام مرتين على الأقل في الأسبوع وأصبحت حياته أكثر سعادة عما كانت عليه. في إحدى محاضراتي عن سيادة الذات قلت للمشتركين

إنهم كانوا منضبطين طوال حياتهم.. فسألني البعض باندهاش «وكيف توصلت إلى ذلك؟».. فسألت أحدهم «هل أنت مدخن؟».. قال «نعم».. فسألته «منذ متى وكم سيجارة تدخنها في اليوم؟».. فقال «أدخن منذ عشر سنوات وأستهلك علبة في اليوم».. فقلت له «ألم اقل لك إنك منضبط.. فإنك تدخن علبة سجائر يومياً بانتظام لمدة عشر سنوات».. ثم سألت شخصاً آخر «هل تشاهد التلفاز بانتظام؟».. فقال «نعم كل يوم تقريباً».. فسألته «منذ متى وأنت تداوم على ذلك؟».. فقال «من حوالي 12 سنة».. نستخلص من ذلك أنه شخص منضبط لمشاهدة التلفاز.

هذين المثالين يوضحان مدى الالتزام.. فالأول ملتزم بأن يقضي على نفسه، والثاني ملتزم بأن يضيع وقته!! فنحن دائماً منضبطون، ولكن الكثيرين يستخدمون هذا الانضباط في تكوين عادات سلبية مثل التدخين، والأكل بشراهة، وإدمان الخمور والمخدرات، ومشاهدة التلفاز بكثرة، وعدم ممارسة الرياضة.. بينما نجد الأشخاص الناجحين يستعملون قوة الانضباط الشخصي في تحسين مستوى حياتهم ليعيشوا حياة أسعد ولتحسين مدخولهم والارتفاع بمستوى صحتهم والحياة بطريقة متكاملة، فبدون الانضباط لن يكون لدينا أي طاقة لتحقيق أي هدف..

وبالانضباط الذاتي سيمكنك المداومة على التمرينات الرياضية والمحافظة بالتالي على اللياقة البدنية، وستتحكم في عواطفك تحت أي ظروف.. وبالانضباط يمكنك الاستيقاظ مبكراً، والابتعاد عن العادات السيئة كالتدخين أو شرب الخمر أو الشراهة في الأكل حتى لو كانت تلك العادات السيئة متمكنة منك منذ زمن طويل.. وسيساعدك الانضباط الذاتي على تغيير البرمجة التي تحد من تصرفاتك إلى البرمجة الإيجابية التي تساعدك على توجيه طاقاتك تجاه النجاح. هذه هي قوة الانضباط الذاتي.










المرجع: المفاتيح العشرة للنجاح
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 1999
رقم الصفحة: 144-146
كلمات مفتاحية: قرار – انضباط – التزام – مرونة – تحدي العوائق – تحديد الأهداف – تخطيط – تغيير
أرسل بواسطة: بهاء الشيخ علي
رابط القصة: