من أهم الشخاص الذين أسهموا في رفع شأن شركة 3M كان ريتشارد درو. كان ريتشارد (21 عاماً) يعزف البزق في أحد المطاعم، وكان طموحاً جداً ولم يكن راضياً عن عمله، بل يقوم به لأنه ليس هناك عمل آخر يتقنه. بخاصة أنه ترك الجامعة قبل عمله بسنة. قرر ريتشارد أن يتابع دراسته بالمراسلة في دورة في الهندسة، وفي الوقت نفسه كان يتابع يومياً صفحة "وظائف شاغرة" في الصحف المحلية لعله يجد ما يرفع من مستوى معيشته. مصادفة رد على إعلان عن تقني مختبر في صحيفة St. Paul Dispatch، وكان هذا الإعلان لشركة 3M، ولحسن حظه وحسن حظ الشركة تم قبوله، وكان طموحه وشخصيته، وليس كفاءته الأكاديمية والعلمية، لعبا دوراً في قبوله لهذه الوظيفة.تحول عمله إلى صناعة ورق زجاج، وأمضى أول من سنتين من عمله في الشركة يفحص المواد الأولية ويقوم بالتجارب للتوصل إلى ورق زجاج ذي نوعية جيدة. واستطاع عام 1923 أن تطور ورق زجاج لا يتأثر بالماء وطلبت منه الشركة أن يأخذ عينات مما تم التوصل إليه إلى مرآب لطلاء السيارات لتجربته والتأكد من جودته.

لم يكن ريتشارد درو يفكر في أن يخترع شريطاً لاصقاً لولا حادث بسيط غير الكثير وفتح آفاقاً واسعة. فقد وجد عامل صياغة السيارات في حالة غضب شديدة بعدما خرب طلاء سيارة "باكارد" جديدة لعدم وجود ما يثبت ورق الصحف على الجانب الذي لا يحتاج إلى الطلاء. وكان يتلفظ بألفاظ نابية لم يسمع مثلها ريتشارد في حياته حسب قوله.

اهتم ريتشارد بحل مشكلة العامل، ما دفعه إلى الذهاب إلى المختبر ونجح بعد محاولات عدة في التوصل إلى "سكوتش تيب"، والذي دخل إلى كل مكتب إلى كل مكان في العالم، وكان أول شريط لاصق شفاف في العالم، وما زال في المقدمة على الرغم من وجود منافسين له.كان ريتشارد يحب أن ينادى باسم الطباخ، لأنه يعتبر نفسه طباخاً لحلول يعاني منها الآخرون. وعندما لاحظ أنه ليست هناك وسيلة فعالة لفصل الجانب الذي يجب أن يطلى والجانب الذي لا يحتاج إلى طلاء، قرر أن يطبخ طبخة تجعل فصل الجانبين عملية يسيرة وسهلة.

يقول ريتشارد درو عن اختراعه: "الدافع الأساسي لاختراع الشريط اللاصق الشفاف كان العطف والشعور مع هذا العامل المسكين الذي خرب سيارة جديدة من دون قصد. لم يكن الدافع معرفتي بالمواد اللاصقة، فقد كنت جاهلاً فيها. وهذا دليل على أن الرغبة تعتبر أحياناً كثيرة أقوى من الكفاءة. ولحسن حظي فإن شركة 3M كانت على استعداد لتوسيع نشاطاتها واختراعاتها، فقدمت لي الدعم المطلوب من مال ووقت، وأمنت بي، بخاصة ويليام ماك ـ نايت".

لم يتم اختراع الشريط اللاصق فوراً، إنما استغرق عامين كاملين جرب خلالهما كل المواد المتاحة. وعشق ريتشارد درو هذا المجال وجعله عمله الأساسي (اكتشاف مواد لاصقة)، وفي العام 1925 ولد الشريط اللاصق غير االشفاف الـ Masking Tape وتابع تجاربه وأبحاثه واخترع في العام 1930 ورق السيلوفان اللاصق.أصبح هاجس ريتشارد درو أن يجد مشكلة تتعلق باللصق ويحاول حلها، وكانت قناعته تقول: "جد مشكلة وضع لها الحل، فإنك بذلك تفيد وتستفيد". لكن عمل ريتشارد لم يكن بهذه السهولة، فأقل اكتشاف كان يتطلب منه حوالي سنة من التجارب وخيبات الأمل.

ومن أهم ما قدمته شركة 3M كان اكتشاف Post – It هذا الاكتشاف الذي لعب فيه ريتشارد درو دوراً غير مباشر، والذي سهل الأعمال واعتمد على لصق ونزع الورق من دون مشكلات. وفي الحقيقة فإن هذا الاختراع كان مصادفة، عندما حاول أحد موظفي الشركة أن يضع علامات على الصفحات تدل إلى أين وصل.. وتذكر أن ريتشارد درو، ومن خلال محاولاته اختراع مادة لاصقةودائمة، تعرف إلى مواد لا تلصق بشكل جيد ولا تترك أثراً عند نزعها، فما كان منه إلا أن وضع بعضاً من هذه المواد على ورق عادي. وفتح بهذا الاختراع البسيط صناعة تقدر بمليارات الدولارات غزت العالم أجمع.

عرفت شركة 3M كيف تختار موظفيها، وكيف تقدم لهم الدعم لتوصلهم إلى حالة من الإبداع، فاستفادت هي بذلك واستفاد موظفوها، وكانت علاقتههم علاقة الفائدة المشتركة.كانت كل الابتكارات نابعة من إيجاد حلول لمشكلات يعاني منها الناس بطريقة السهل الممتنع. ولدى الشركة حالياً آلاف المنتجات التي يستخدمها الملايين في مجال التجهيزات المكتبية، التجهيزات الطبية، لوازم العرض، التصوير والتحميض وغيرها الكثير.








المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 375 - 378
كلمات مفتاحية:اختراع – تطوير – مبيعات – حل المشكلات – ابتكار
ارسل بواسطة: قسم الأبحاث
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=563