تعتبر شركة فورد من أهم شركات إنتاج السيارات في العالم. وقد ولد مؤسسها هنري فورد في 30/7/1863 في مزرعة في ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الابن الأكبر في عائلة مكونة من 4 أولاد وابنتين. هاجر أهله إلى الولايات المتحدة في ايرلندا العام 1843 وواجهوا تحديات عدة. وكان والده، وليام فورد، مزارعاً ناجحاً ونشيطاً. ولد فورد خلال الحرب الأهلية التي نشبت بين الولايات المتحدة الجنوبية و الولايات الشمالية وكان انتصار الولايات الشمالية عاملاً في توحيد الولايات المتحدة، وكان لهذا أثر كبير في نجاح فورد وتحقيق أحلامه.كان لنهاية الحرب حافزاً لأميركا للتطور والتوجه نحو التطور الصناعي، ما أثر بشكل إيجابي في الزراعة. وعلى الرغم من أن هنري فورد ولد وعاش طفولته في مزرعة،

لكنه ما لبث أن أظهر اهتماماً في النهضة الصناعية، وهذا طبعاً لم يعجب والده الذي أراد أن يكون معه في المزرعة. لكن هنري كان يكره الزراعة ويحاول الهروب قدر المستطاع من هذه المهنة، ولم يكن كسلاً، إنما عدم رغبة. وكان هنري فورد نشيطاً بخاصة في الأمور التي ترتبط بالميكانيكا وتصليح أي شيء يرتبط بذلك. يقول فورد عن تلك الأيام: "لا أستطيع تصور تمضية ساعات وايام طويلة أجر مجموعة من الخيول الكسولة والمنهكة". وفي الثانية عشرة من عمره كان هاجسه تصليح الساعات لأصحابه على مقعد قديم في غرفته.

لم يكن هنري فورد على وفاق مع والده لأنه كان ينظر إليه كمزارع يساعده، وكان يرى أن والده أضاع عمره في مهنة مرهقة تتطلب جهداً وتعباً ومدخولها لا يذكر. لذلك لم يكن ممكناً أن يعيد الكرة. وهو تعلم من والده حب الريف وتعلم من أمه، ماري، الاقتصاد في كل شيء، وتربى على كره التبذير. توفيت أمه العام 1876، ما سبب له صدمة ولم يعد يستطيع أن يكمل في الزراعة، ووجد بعد 3 سنوات عملاً كميكانيكي في ولاية ديترويت. وخلال تلك الفترة انضم المحرك البخاري إلى اهتمامات هنري فورد، ويقول عن تلك الأيام أنه دهش عندما رأى القطار البخاري لول مرة.

وعندما توقف القطار ليعطي الفرصة لعربة هنري ووالده للمرور. هرع إلى سائق القطار يسأله عشرات الأسئلة عن القطار وكيف يعمل. وانضم إلى ورشة في ديترويت نشاطها تصنيع وتصليح المحركات، وكان عمره آنذاك 16 سنة.

عاش هنري فورد عند عمته في ديترويت بعد وفاة والدته. كان يعمل في النهار في الورشة، وفي الليل يصلح الساعات التي كان يعشقها، ولحاجته إلى المال. وظلت فكرة تأسيس محل لتصنيع الساعات تراوده لمدة 3 سنوات، لكنه عندما أحس بحجم المصاريف التي يحتاج إليها وطبيعة السوق، غير رأيه في الموضوع، لأنه وجد أن عليه تصنيع عدد كبير من الساعات ليكون السعر منخفضاً ومقبولاً بخاصة أن الساعات في تلك الأيام كانت من الكماليات، ولأن الشوارع كانت مملوءة بالساعات الضخمة.

وكان لدى هنري فورد قناعة وهي: "إذا استطعت أن تجد طريقة لتصنيع شيء يريده الناس بسعر منخفض فأنت على طريق يؤدي بك إلى نجاح عظيم، بخاصة أن الناس لا يعرفون دائماً ماذا يريدون حتى تقول لهم ذلك". وكان على هنري فورد، والبالغ من العمر 21 عاماً، أن يضع طموحاته الكبيرة جانباً. لذلك وافق على العمل مع والده في تقطيع الأشجار وإدارة منجرة لسنوات تعرف خلالها إلى كلارا براينت التي أعجبتها رزانته واجتهاده. وفي 11/4/1888 تزوج منها.

وعندما استقر هنري عائلياً تسرب الملل والضجر إلى نفسه من عمل الحقل، وكان قد جذبه اختراع ميكانكي جديد. ففي العام 1879 صمم المحامي الأمريكي جورج بالدوين سيلدين محرك سيارة يستخدم محرك الوقود الذي اخترعه الألماني نيكولوس أوتو. وفي الحقيقة لم يكن سيلدين مهندساً، ولم يصنع السيارة، إنما سجل براءة اختراع تمنع أي شخص من استخدام هذه الأفكار من دون أن يدفع له مالاً.









المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 33-36
كلمات مفتاحية: البحث عن الفرص – مواجهة الفشل – تحدي المصاعب
أرسل بواسطة: داري قدور
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=434