يعتقد كثير من الناس بأن النجاح في بداية القرن العشرين كان أسهل منه في نهاياته، لكن الحقيقة تقول إن لكل عصر صعوباته، حسناته وسيئاته، وعدم وجود سبل النجاح والوسائل المتاحة من تكنولوجيا وتقدم صناعي لربما كان من العوامل التي تحسب للذين ولدوا في بداية القرن العشرين، ولا يجوز المقارنة في كثير من الأحيان وبخاصة أن الثلث الأول من بداية القرن شهد حربين عالميتين أثرتا بشكل مباشر في الاقتصاد والتجارة. ويعد النجاح في عصر خال من أية وسائل متقدمة من تكنولوجيا، اتصالات، مواصلات، كمبيوتر وغيرها، له طعم ووزن يختلفان عما نشهده من ثورات صناعية حالياً في مختلف سبل ووسائل الحياة. من أشهر التجار في ذلك الوقت كان أندرو كارنيجي، والذي اشتهر بأنه تاجر الفولاذ والصلب الأول في عصره، وذاع صيته كإنسان محـب للخير والعطاء والبر، ومن الأشخـاص النادرين الذي قرروا أن يهبوا معظم تروتهم وهم أحياء.

ولد أندرو كارنيجي في اسكوتلندا العام 1835. كان والده عامل نسيج فقيراً ومعدماً، وكانت ولادته في وقت كانت الثورة الصناعية في ذلك الحين على الأبواب، ولم يعد لعامل النسيج أي حاجة أو دور يذكر بوجود الالات، وانعدم الطلب لوجود منافسة شديدة بين العمال. ولتستمر الحياة اضطرت والدته للعمل في تصليح وحياكة الأحذية. وكان أندرو الصغير بجانبها يحمل لها الإبر. ولأن الأم تريد أن يعيش أولادها حياة أفضل. انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة الأميركية عندما كان عمر أندرو 12 عاماً.

عمل والد أندرو كارنيجي في مصنع للقطن في الولايات المتحدة، وتبعه أندرو حيث عمل في المصنع نفسه بأجر قدره دولار واحد وعشرين سنتاً في الأسبوع. ثم انتقل للعمل كحاجب مراسل في مكتب بيتسبورغ للبريد والتلغراف.لم يقبل أندرو كارنيجي أن يقف عدم دخوله المدرسة وهو صغير عائقاً في طريقه للتعليم. تعلق بالقراءة، وكان شغوفاً بالكتب السياسية والتاريخ والعلوم. كان يكتب وهو مراهق رسائل إلى الصحف، منها إلى نيويورك تريبيون، يعطي فيها آراؤه في أمور عدة منها الاستعباد ومساوئه، وظل يراسل الصحف طيلة حياته.

عرف بأمانته، ويحكي عنه أنه سلم مكتب البريد مبلغ 500 دولار عثر عليه خلال عمله، مع أن هذا المبلغ كان يعادل بالنسبة إليه 10 سنوات عمل في ذلك الحين. تمت ترقيته من حاجب إلى عامل تلغراف (بدالة) وعمل في خطوط بنسيلفانيا لسكك الحديد. وكان أندرو دقيق الملاحظة، وأصبح أول عامل تلغراف يستطيع أن يميز الرسائل من الصوت. وتمت ترقيته مرة ثانية لتميزه، وبلغ راتبه 35 دولاراً في الشهر. ويقول عن ذلك: "لم أكن أحلم أن أحصل على مبلغ كبير من المال كهذا في حياتي".








المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 320 - 322
كلمات مفتاحية:اصرار – قيم - عطاء - التواصل مع الآخر - مساعدة الآخرين
أرسل بواسطة: علاء الدين منلا أحمد
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=541