الحب يفوق الكراهية

بينما أنفقت آلاف الدولارات وعشت كابوساً لمدة عامين، تعلمت في النهاية درس التسامح الذي تعرفت عليه في " بيلوكسي" . لقد كنت مضطراً إلى إعادة خلق وجود بائس لكي أفهم الرسالة بوضوح هذه المرة، وكان كل ما أنفقته وكل ما مررت به لسبب قوي، لكي يعلمني أن الحب يفوق الكراهية، لكي يرسخ هذا لدي بشدة هذه المرة. عندما تكون الاستجابة الوحيدة للكراهية هي الحب؛ فإن أي شيء آخر سوف يعود بك للوراء ثانية. إنني غير نادم على أي قرش أنفقته على هذه التجربة. لقد انتهى كل شيء بالنسبة لي في اللحظة التي تحولت فيها من الغضب إلى التسامح. لقد كنت حراً في هذه اللحظة البسيطة، وكان على ما تبقى أن يتم ببساطة من خلال الكيان المادي.


بعد أن اختفى هذا الصدام مع النظام القانوني من حياتي، قطعت عهداً على نفسي بأن أضع مبدأ التسامح كاملاً موضع التنفيذ، فاتصلت بكل شخص في حياتي أُضمر له مشاعر عدائية أو حتى مشاعر ضيق طفيفة. لقد قررت أن أصفي كل هذا من خلال التسامح، لقد أردت أن أتأكد تماماً من أنني إذا مت في اللحظة التالية؛ فلن يكون لأي شخص على هذا الكوكب عداوة معي لم أحاول معالجتها، على الرغم من أنه كان واضحاً بالنسبة لي أن " أياً من هذه العداوات كانت عن خطأ مني" (ألا نشعر جميعاً بمثل هذا الشعور؟) لقد كان هناك العديد من الناس الذين اقترضوا مني مالاً وكان من الواضح أنهم لن يسددوا لي هذه المبالغ. لم أتحدث إليهم بشأن هذا الأمر لسنوات، وأدت حقيقة أنهم لم يسددوا ديونهم إلى تدمير علاقاتنا. لقد أرسلت لهؤلاء الناس نسخاً من كتبي عليها إهداء مني، وبعض الشرائط التي أنتجتها، وبعض الأزهار كل هذا مع رسالة تقول إنني أتمنى لهم الخير، وأرسل لهم الحب، وأتمنى لهم السعادة والمتعة. لم أذكر شيئاً عن الدَّين؛ فلقد تنازلت عنه من قلبي عندما قررت أنه لا بأس من عدم سدادهم للديون. لقد انتهى كل شيء، لم أسامحهم فقط، بل أرسلت لهم تعبيرات عن الحب بدلاً من الضيق والمرارة.


وفي جميع مجالات حياتي الأخرى، كان هناك التزام داخلي بالتسامح بغض النظر عن مدى تفاهة الأحداث. لقد استغرق مني الأمر ساعات فقط حتى أصبح كل شيء خلفي. لم يعد لي أعداء على الإطلاق. ليس هناك أحد على هذا الكوكب لأوجه إليه الحقد والكراهية، ليس هناك أحد من أفراد الأسرة للقي عليه باللوم على أي شيء حدث منذ سنوات طويلة. لم يعد لي خلافات مع زملاء دراسة سابقين أو رؤساء في العمل. لقد أصبحت في تلك اللحظة متحيزاً للتسامح، وقد كان لذلك نتائج عظيمة.
لم يكن هناك شائبة تشوب علاقتي بكل هؤلاء الناس، ولم أكن أرسل الحب فقط، بل أتلقاه أيضاً!! لقد استرددت العديد من الديون، وعلى الرغم من أن بعض هذه الديون لم تسدد أبداً، فقد كان كل شيء على ما يرام. إنني أحب الجميع، واليوم و بينما أكتب ، لا أستطيع تذكر شخص واحد على هذا الكوكب بقيت بيني وبينه مشاعر سيئة.


بالإضافة إلى ذلك فإنني أعرف الآن أنه ليس لدي شخص واحد حتى أسامحه ولم أفعل. كان عليّ ببساطة أن أصحح مفاهيمي الخاطئة بأن الآخرين كانوا يتسببون في تعاستي وأنهم كانوا السبب في عدم الرضا الذي أشعر به. وللمفارقة، فإنني من خلال التسامح وصلت إلى المكان الذي لا تظهر فيه الحاجة إلى التسامح. لقد تعلمت أن أتقبل الآخرين كما هم بالضبط، ولم أتظاهر أو أدعي أبداً أنني أحب شيئاً لا احبه. لكنني أعرف أيضاً أنني لم أعد بحاجة إلى ردود الأفعال العاطفية الساكنة التي اعتدت أن تصاحب مواجهاتي مع من كانوا يتصرفون بأساليب لا أرضاها. ونتيجة لذلك أعطاني القبول فرصة لرؤيتهم كما هم وتذكير نفسي بوجود نفس الشيء لدي. إن أي تصرف عدائي أو سلبي بداخلي- نتيجة لسلوك الآخرين- يدعني في الواقع أعرف أين أنا، ولم يعد يتطلب أي تسامح. لقد وصلت إلى النقطة التي لا أحتاج فيها إلى التسامح، وذلك عن طريق التسامح. إنه تناقض آخر. -