الرهاب الاجتماعي هو أحد أنواع القلق المنتشرة بشكل كبير في جميع المجتمعات وعلى جميع المستويات والفئات العمرية وبين الجنسين.

يعتبر الرهاب الاجتماعي أحد أشد أنواع القلق النفسي إعاقة للمصاب به، حيث أنه يعيق الإنسان عن الحياة الاجتماعية، وكذلك الحياة المهنية، وكثير من نواحي الإنتاجية في حياة الإنسان.

يعتبر الرهاب الاجتماعي من الأنواع القلق التي تتشكل بأشكال عديدة، وتصيب الإنسان من سن مبكرة، وقد تتسبب في تعطيل كثير من الإنتاجية في حياة الإنسان، سواء في حياته المهنية، ما يجعله غير قادر على العمل بشكل الجيد، وغير قادر على تحقيق إنجازات كثيرة في حياته العملية، وكذلك غير قادر على إقامة علاقات الاجتماعية، وبالتالي العزلة الاجتماعية بشكل كبير.


تعريف الرهاب الاجتماعي:

هو حالة من القلق الشديد التي تصيب الإنسان عند مواجهة مجموعة من الناس، أو عند مواجهة أشخاص معينين، يصاب الإنسان بالخوف أمامهم، أو عند مواجهة مواقف معينة .

أهم الأعراض: الشعور بالخوف الشديد، الرهبة الشديدة، الشعور بعدم القدرة على التوازن، عدم القدرة على التركيز، اللعثمة في الكلام، الشعور بالخفقان، الرعشة في الأطراف، التعرق، الشعور بالحرارة أو البرودة في الجسم، الشعور بالآم المعدة والغثيان، الشعور بعدم القدرة على الوقوف كالإرتعاد في الركبتين أو في الرجلين، الشعور بالغبش في النظر، الشعور بالصداع أو عدم القدرة على الإستعاب، عدم قدرة على الكلام، النسيان، ضعف الثقة في النفس.

كل هذه الأعراض تصيب الإنسان عند مواجهة الموقف المحدد، أو الأشخاص المعينين، أو مجموعة من الأشخاص، كحضور المناسبات الاجتماعية، وخصوصاً عندما يكون الإنسان محط أنظار الأخرين.


تشخيص الرهاب الاجتماعي:

يتم تشخيص الرهاب الاجتماعي من خلال تقييم حالة المريض من عدة نواحي:

أولاً: يتم إجراء فحوصات مخبرية للتأكد من عدم وجود خلل عضوي مصاحب لحالة القلق والرهاب الاجتماعي، وأهمها التأكد من عدم وجود خلل في وظائف الغدة الدرقية وهرموناتها، والتأكد من عدم وجود فقر دم ونقص هيموجلوبين، أو نقص الفيتامينات وخصوصاً فيتامين (د) والكالسيوم.

إجراء فحوصات أساسية مثل وظائف الكبد ووظائف كلى.

ثم يتم إجراء فحص عقلي لحالة المريض، والتأكد من عدم وجود أي اضطرابات نفسية مصاحبة للرهاب الاجتماعي، سواءاً كانت أعراض ذهانية - وهي نادرة - أو أعراض نفسية لأحد مضاعفات الاكتئاب، مضاعفات الرهاب الاجتماعي مثل: الاكتئاب، أو نوبات الهلع، أو الرهاب المحدد، أو تعاطي المخدرات، أو غيرها.

فيتم تشخيص الحالة سواء كانت رهاب اجتماعي منفرد، أو رهاب اجتماعي مصاحب لأحد الاضطرابات النفسية الأخرى.

ثم يتم تقييم شخصية المريض والتأكد من وجود أو عدم وجود أعراض الاضطراب في الشخصية أو سمات في الشخصية المصاحب للرهاب الاجتماعي مثل الشخصية المتفادية، أو الشخصية الانطوائية، أو الشخصية الشكاكة، أو الشخصية الوسواسية، أو الشخصية الهيستيرية، أو الشخصية الحدية.

أياً من هذه الاضطرابات في الشخصية أو سماتها قد تسبب أو تصاحب الرهاب الاجتماعي، ويجب التطرق لها عند إجراء العلاج النفسي لحالة المريض، أيضاً يتم تقييم التاريخ المرضي لحالة المريض منذ بداية الحالة، ومسببات الرهاب الاجتماعي سواء كانت تجارب في سن الطفولة، أو ضغوطات تعرض لها المريض أثناء سن البلوغ والمراهقة، أو ضغوطات حياتية تعرض لها أثناء الدراسة أو أثناء العمل أو أثناء الحياة الاجتماعية، كل هذه الضغوطات يتم تقيمها حتى يتم التطرق لها أثناء العملية العلاجية.


علاج الرهاب الاجتماعي:

يتم علاج الرهاب الاجتماعي من خلال عدة الخطوات:

أولاً: لا بد من العلاج نوبات الخوف التي تعتري الإنسان أثناء مواجهة الآخرين، وذلك من خلال أدوية المهدئة تخفف من الشعور بالخوف الشديد والقلق الشديد والأعراض الأخرى مثل الشعور بالرهبة، وعدم التركيز، واللعثمة، وعدم القدرة على التواصل البصري مع الأخرين، وغيرها من الأعراض المصاحبة للقلق. وأيضاً العلاج الأعضاء الجسدية مثل الخفقان، والرعشة، والتعرق، واحمرار الوجه وغيرها، وهذه أيضاً توجد علاجات الدوائية تعالجها، كل هذه العلاجات تعالج فقط الخوف اللحظي الذي يصاحب لحظة المواجهة المصاحبة لأعراض الرهاب الاجتماعي.

ثم يتم العلاج القلق الدائم الذي يصاحب الإنسان المصاب بالرهاب الاجتماعي، نتيجة كثرة التفكير، والخوف من المواجهات في حياته، والشعور بالقلق الدائم، والخوف من المواجهات اليومية، أو المناسبات التي يدعى إليها الإنسان، وبتالي كثرة التفكير فيما يمكن أن يحدث عند المواجهة.

عادة ما يصاب الإنسان بقلق دائم وشعور بالتوتر ويلجأ إلى تفادي حضور المناسبات خوفاً من الأعراض المصاحبة لحضور هذه المناسبات، فلابد من علاج هذا القلق والتوتر الدائم وأيضا ما يصاحبه من الاكتئاب أو أعراض الاكتئاب نتيجة الشعور بالإحباط وضعف الثقة بالنفس والشعور بعد الكفاة وعدم القدرة على تحمل مسؤليات المواجهة والحديث أمام الأخرين، وبالتالي تستخدم علاجات دوائية تعالج الاكتئاب والقلق الدائم.

أيضاً يمكن استخدام بعض العلاجات الدوائية التي تحفّز الدافعية عند الإنسان، وتعالج الشعور بالإحباط، والشعور بفقدان الهمة، وعدم الرغبة في تحمل مسؤولية الحياة، ولهذه أيضاً علاجات مضادة للاكتئاب، من ميزاتها أنها تزيل الشعور بالإحباط، وفقدان الهمة، وتحفز الإنسان لدافعية للعمل ومواجهة أعباء الحياة.

في جميع الأحوال العلاجات الدوائية هي فقط عوامل مساعدة في عملية العلاجية ولا يكتمل العلاج إلا من خلال جلسات العلاج المعرفي السلوكي.

وفي هذا نوع من العلاج يتم الجلوس مع المريض عدة جلسات تتراوح من 8 إلى 12 جلسة، قد تزيد أحياناً في بعض الحالات، والهدف من هذه الجلسات هو تقييم الحالة النفسية لدى المريض والتاريخ النفسي له، وأحداث الحياة منذ الطفولة وسن المراهقة إلى سن الرشد، وما مر به من أحداث في حياته، والتراكمات النفسية التي سببت في تنامي حالة الرهاب الاجتماعي والشعور بعدم القدرة على المواجهة وفقدان الثقة بالنفس، وما صاحب ذلك من أفكار السلبية عن الذات، وشعور بفقدان الثقة بالنفس، وبالتالي يتم تحليل هذه الأفكار والأنماط الفكرية التي أصبحت أفكاراً لا إرادية تحصل عند الإنسان بمجرد تعرضه لي أي موقف اجتماعي يشعر من خلاله بفقدان القدرة على المواجهة، وفقدان الثقة بالنفس، ويتبادر إلى تفكيره دائماً الفكرة السلبية عن الذات، ويتم علاج هذه الأفكار من خلال تعديل نمط التفكير لدى المريض، وتوجيه تفكيره من التفكير السلبي إلى التفكير إيجابي، وبناء الثقة في النفس وتنمية المهارات الاجتماعية وتنمية التفكير الإيجابي لديه وتنمية النظرة الإيجابية عن الذات، حتى يحاول المريض تدريجياً من خلال تجاربه في أحداث حياته اليومية، كسر الحاجز النفسي ومواجهة أحداث الحياة بثقة أكبر وقدرة على مواجهة هذه الأحداث بشكل أفضل وبمهارات نفسية واجتماعية أفضل، يتدرب عليها، ويتم توجيهه لهذه المهارات تدريجياً من خلال الجلسات المتوالية حتى يتم علاج الرهاب الاجتماعي وسلوكيات الرهاب الاجتماعي وأفكار الرهاب الاجتماعي بالتدريج جنباً إلى جنب مع العلاجات الدوائية.

أيضا يجب عدم إغفال علاج أي مضاعفات نفسية تصاحب الرهاب الاجتماعي مثل الاكتئاب، أو نوبات الهلع أو تعاطي المخدرات، كذلك يجب عدم إغفال علاج الاضطرابات الجسدية التي قد تصاحب الرهاب الاجتماعي مثل فقر الدم أو اضطراب الغدة الدرقية أو نقص الفيتامينات أو غيرها من الاضطرابات العضوية.