عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
كيف تختار من تحب؟
كيف تختار من تحب ؟
عندما كنت مراهقاً صغيراً، وأخبرتني إحدى الفتيات بأنها تحبني، سألتها ماذا تقصد بذلك، وقلت لها: "على فرض أنني تحولت فجأة إلى رجل ضعيف واهن تملأ وجهه التجاعيد ويبلغ من العمر تسعة وتسعين عاماً، هل كنت ستحبينني آنذاك؟" لقد شعرت بالارتباك، لكنها أجابت قائلة: "لا، إن ذلك لن يكون أنت". إنني أذكر أنني قلت لها: "أنا لست هذا الجسم الذي ترينه، وإذا كان هذا ما تحبينه، إذن فإنك لا تحبينني في الواقع، فأنا أيضاً هذا الرجل الذي يبلغ من العمر تسعة وتسعين عاماً. إننا عندما نحب شيئاً ما أو شخصاً ما، غالباً ما نشير بذلك إلى الكيان المادي المحسوس، ونهمل ما بداخل هذا الكيان. يجب أن تدرك أن الألقاب والمسميات هي جزء من الحياة الخارجية للكيان المادي، ولابد أن تقرر البحث عن الحياة الداخلية أيضاً.
- عليك أن تدرك أن الرحلة والهدف شيء واحد. إنك لن تتكون أو تتشكل أبداً ولن تصل إلى هدف نهائي. إن الحياة تحول ونمو؛ وللمفارقة فإنك تستطيع تحقيق جميع أهدافك من خلال مفهوم وحدة الوجود. غن كل خطوة على الطريقة، وكل يوم في حياتك يعتبر تجربة فردية، وكذلك جزءاً من الكل الذي نطلق عليه الحياة، فلا وجود للدقائق العادية المتعارف عليها. إن هذه اللحظة التي تمثل حياتك الآن هي كيان كامل وليست شيئاً منفصلاً عن حياتك كلها. حاول أن تتذكر دائماً المثل القديم القائل: "إن الحياة هي كل ما يحدث لك أثناء قيامك بوضع خطط أخرى". إن هذا يساعدك على التركيز على الوحدة في كل شيء، ويجعلك تركز دائماً في هذا الجانب، وليس على الأساليب المصطنعة التي نقشنا بها حياتنا.
- إن أفراد أسرتك هم أداة تذكير يومية لك بالإنسانية التي تشاركهم إياها، فأنتم جميعاً جزء من هذا الكيان والجسد العظيم الذي نسميه الجنس البشري. فعندما تجد نفسك تندفع بقوة نحو من تحبهم، حاول أن تستخدم هذه اللحظة في تخيلهم وهم يشاركونك نفس طاقة الحب التي تشعر بها تجاههم. إن الغضب الاندفاعي الذي نشعر به تجاه الآخرين يحركه إنكار أو خوف من أننا نسلك نفس الطريق الذي نقوم بالحكم على الآخرين لاتباعهم إياه. إننا نستطيع فقط أن نعطي ما بداخلنا، فإذا كنت تقيم اعتباراً لنفسك وتحترمها، فسوف تعطي من تحبهم مثل هذا الاحترام. إذا كنت تضمر احتقاراً لنفسك، فسوف ينعكس ذلك في طريقة تعاملك مع المقربين منك. إنني عندما أجد صعوبة في بعض ما يقوله أو يفعله أطفالي؛ أحاول أن أتخيل القوة غير المرئية التي تربطني بهم في الإنسانية، وبذلك أرى أن سلوكهم هو سلوكي والعكس؛ ومن ثم أستطيع أن أكون أكثر تفهماً وحباً لهم.
- حاول التفكير فيمن تعتبرهم أعداء لك. إن نفس المنطق والأسباب تنطبق عليهم وهذا هو الدرس المستفاد من الروحانية، فاختلاف البشر ومعيشتهم في أماكن مختلفة من العالم أو اختلاف طرق تفكيرهم لا يعني أنهم ليسوا جزءاً من الكل، أو جزءاً من الإنسانية التي هي أنت. لا تدع أحداً مهما كان أو تدع ذلك العامل التافه الذي يسمى بالتوزيع الجغرافي يحدد لك أنك سوف يكون لك أعداء. إن هذا لا يجعل منك شخصاً غير وطني، حيث تستطيع أن تحب وطنك بالدرجة الكافية التي تجعلك تريد له أن يبقى من أجل أن يعيش فيه أطفالنا في سلام. إن هذا يعني أن تبذل كل ما في طاقتك حتى تضمن أننا جميعاً نرى وحدة الوجود، ويجب أن تعرف أن الإنسان لا يستطيع أن يختار الصعود إلى الجانب الأعلى على كوكب مستدير. إنها قضية منظور، ولديك من الأدوات ما يساعدك على فهم الرؤية المطلقة، الرؤية وحدة الوجود.
إذا كنت تشغل منصباً قيادياً داخل إحدى المؤسسات؛ فحاول أن تضع الخيارات أمام الأفراد الذي يعملون معك لتنمية الشعور بالانتماء أو الارتباط بالكل. حاول تشجيع مشاركة جميع الأفراد ومساهمتهم في تنمية المؤسسة وذلك عن طريق بعض الإغراءات، مثل المشاركة في الأرباح، والاعتراف بقدرتهم على القيادة، أو منح الحوافز، ولا تحاول القيام بعملية التقسيم والتخصيص بصورة كبيرة داخل المؤسسة إلى الدرجة التي يشعر فيها الأفراد بأنهم مستبعدون من المساهمة في الرؤية الأكبر، فلابد أن تولي اهتماماً بكيفية مشاركة كل فرد في الكيان الكلي. حاول أن توجه براكج التدريب نحو فهم التأثير الشامل لجميع جوانب السلوك، وفي نفس الوقت قم بتدعيم الفردية وحق الأفراد في الاختيار. إن كل خلية داخل أية وحدة يجب أن يكون لديها درجة معينة من الاستقلال الذاتي حتى تشعر بأهميتها كأحد أفراد الوحدة. إن انحراف إحدى الخلايا يساهم في سقوط الكل، في حين أن الخلية الواحدة التي تحظى بقدر من الانسجام الداخلي تساهم في إنعاش الوحدة بأكملها. يبدو أن الفردية والشعور بالكيان الكلي أمران متناقضان على نحو تبادلي، وأن معايشة هذا التناقض وفهم أن النقيضين المتشابهين يعملان دائماً داخل الكيان الكلي المتوافق هما جزء لا يتجزأ من عملية الإدراك والتنزير.
1. حاول أن تبعث الحب مقابل الكراهية، فإذا كنت تضمر الحب بداخلك، فإنك سوف تعطيه للآخرين. إن جميع الأحقاد- حتى تلك التي يبدو أن لها ما يبررها كأن تكون رد فعل تجاه عدوان ما- هي جزء من السرطان الذي يدمر الإنسانية، وكلما ازداد الانسجام والحب الذي نبعث به للآخرين بغض النظر عن تصرفاتهم، كلما ازداد الشعور بأننا نعيش وحدة الوجود. بالتأكيد فنحن بحاجة إلى إقامة السجون ووسائل الحماية الأخرى ضد من يتصرفون بطريقة عدائية تجاهنا، أما ما لا نحتاجه فهو الحقد كرد فعل تجاه سلوكياتهم المعادية للمجتمع.
2. حاول أن ترى كل من يدخل حياتك على أنه معلم، وحاول أن ترى كل شخص على أنه جزء منك على استعداد للنمو. وفيما يتعلق بالعلاقات؛ فإنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون تدعيم العلاقات بين الشركاء يمثل جزئا غير منظور من أنفسنا؛ لذا فبدلاً من الحكم على الآخرين من منطلق أنه يجب أولاً أن تسير تصرفاتهم على نحو معين، حاول أن تراهم على أنهم يعكسون جانباً منك واسأل نفسك عما يمكنك أن تتعلمه منهم. حاول أن تحب كل من يبدو لك أنه متناقض في حياتك وعالمك، وحاول كذلك أن تدخر طريقته في الحياة كهدية لك. يجب أن تتذكر أن من يسببون لك الألم الشديد هم الذين يذكرونك بأن ما تشعر به هو شيء إما أنه ينقصك أو تريده بداخلك. أما إذا لم يكن لك رد فعل على الإطلاق، فإن ذلك قد يعني أنك مختلف تماماً وتعاني من اللامبالاة- تعني أن هناك شيئاً بداخلك يتحرك عندما تواجه مثل هذا السلوك الاستفزازي. إن هذا هو الموقف الذي تتعلم منه، وليس مشكلتهم. إن الكوكب الأرضي بأكمله هو مجموعة من المتناقضات، وأنت نفسك وحدة كاملة تتألف من المتناقضات، تعيش في الكيان المادي واللامادي في نفس الوقت. حاول أن تنسى رغبتك في أن يكون الآخرون مثلك، وأبدأ في تذوق تفردهم والاستمتاع به باعتباره التنوع الذي تتألف منه هذه الأغنية الواحدة الرائعة.
المفضلات