كيف تصل لمجموعتك المستهدفة؟
كانت حياتي مليئة بمشاكل الإعلانات. وحتى عند تواجدي بالمنزل كنت أفكر في سياسات الشركة والاجتماع القادم، اجتماعات العمل الجديدة، والاجتماعات التي تعقد لمناقشة اجتماعات سابقة أو اجتماعات مهمة قادمة. وكان العديد من اجتماعاتنا يدور حول كيفية الوصول إلى" مجموعتنا المستهدفة" ، وهذه المجموعة عادة ما تكون من الشباب الأثرياء الذين يتحصلون على دخول كبيرة والذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين، فإذا ما استطعنا أن ندفعهم إلى شراء السيارات والفيتامينات وأنواع معجون الأسنان التي نعلن عنها، فسيقلدهم الكثيرون.


وكنا نقضي ساعات عديدة في التحليل الديمغرافي والتحليل الشخصي للمجتمع، وتعلمنا أن نحكم على الأشخاص من ملبسهم وليس من شخصياتهم. وبمساعدة " كريستال" ، أول مديرة لي في ستاربكس، تعلمت أن تلك الأحكام السطحية لم تعد لازمة أو مؤيدة أو حتى مسموحاً بها. وحتى الآن، لا أزال أتذكر ذلك اليوم الذي تعلمت فيه أهمية عدم الحكم على الأشخاص من مظهرهم فقط. ففي أحد الأيام، دلف إلى المحل رجل متشرد، وكنت قد انتهيت لتوي من تنظيف دورة المياه، وكنت أشعر بفخر لم أعهده في نفسي من قبل لمقدرتي على أن أجعلها تلمع من شدة النظافة، واعترضت طريق الرجل الذي كان بمقدوري أن أرى أنه متوجه مباشرة إلى دورة المياه ولا ينوي مطلقاً تناول قدح من القهوة باللبن الرائعة التي نقدمها. فأخبرته قائلاً:" إن دورة المياه متعطلة" .


فعاد الرجل أدراجه دون أن ينبس شفة، فقد كان معتاداً على مثل هذا الرفض، ومدينة نيويورك لا تحتوي على الكثير من المراحيض العامة، علاوة على أن الأشخاص المشردين يحاولون في كثير من الأحيان استخدام مراحيض الكافيتريات والمطاعم إلا أنهم يفشلون في ذلك. لم يفاجأ الرجل. وتنفست الصعداء لأن دورة المياه التي نظفتها ظلت غير مدنسة. إلا أنني رأيت " كريستال" تتجه نحوي وعلى وجهها تبدو أمارات الضيق. فقالت لي:" لا تفعل ذلك مرة أخرى. فكما أعاملك باحترام، عليك أنت أيضاً أن تحترم الأخرين، فكل من يدخل إلى المقهى هو ضيف مرحب به، ومن حق أي شخص أن يستخدم المرافق الخاصة بنا. لقد كان آخر ما ينتظره ذلك السيد اليوم أن تعامله بعدم احترام" .
لقد ساعدتني " كريستال" على رؤية الحقيقة الجذرية وهي أنه لم يكن من الممكن أن أستحق احترامها لو أنني لم أحترم الآخرين، كما أنه كان عليَّ أن أتعلم احترام الآخرين ليس لمظهرهم أو لمنصبهم، ولكن لأنهم بشر. فكل إنسان يستحق الاحترام بغض النظر عن ظروفه.

واليوم، بمساعدة شركائي في كل دورية، أصبح بإمكاني إدراك أن كل فرد يستحق الاحترام. وأحد أسباب سعادتي في الوقت الحالي كذلك هو أنني وجدت في حياة الخدمة البسيطة والعيش دون أشياء تشغلني حياة جديدة كاملة لم أكن أتخيلها من قبل. إن القيام بإعداد كوب من القهوة الجيدة أمر أكثر إرضاء وإمتاعا بالنسبة لي من الجلوس في اجتماع، محاولاً اكتشاف كيفية التأثير على شخص ما لشراء شيء ما ربما أنه لا يحتاج إليه.


ولا يمكنني أن أخبرك كم أن مشاركة شخص ما في الضحك أو إخباره بقصة في المقهى أكثر مرحاً من محاولة إقناع عميل بشراء حملة إعلانية بقيمة عدة ملايين من الدولارات. إنني أكثر سعادة إلى حد كبير وأنا أرتدي مئزر المطبخ الأخضر وأتحرك بسرعة لخدمة الآخرين، منى عندما كنت أرتدي حلتي البروكس براذرز وأظل حبيساً في اجتماع آخر لمناقشة ما إذا كان أحد مسئولي شركة فورد للسيارات رأى أن إعلان سيارة الموستنج الذي صورناه يغلب عليه " الطابع الغربي" .


إن مساعدة الأشخاص- زملائي وزبائني- حتى في أبسط الأمور، في الاستمتاع بكل يوم يرفع المعنويات بدرجة أكبر كثيراً من القلق بشأن رضا وسعادة رؤساء مجلس الإدارة ذوي الدخول الضخمة. بعد مرور سنة على عملي في ستاربكس، كلما أعاود قراءة المفكرة التي اقترحت عليَّ ابنتي " آني" الاحتفاظ بها، أندهش من مدى السعادة التي أصبح عليها ما إن ألقي خلفي تلك المقاييس الظاهرية للنجاح. حينما كنت في خضم الأوقات العصيبة، كنت أبحث عن كتب تساعدني ولكني لم أجد، فأنا أحب القراءة ومطالعة الكتب للإلهام وتحصيل المعلومات. ولكن معظم الكتب المتاحة في متاجر بيع الكتب والمكتبات كانت تدور حول كيفية صناعة ثروة في وول ستريت أو كيف تكون ثروة عقارية. لم أستطع العثور على كتاب واحد يتحدث عن كيفية التحول من الثراء إلى الفقر في أمريكا، ومع ذلك تجد حياة أكثر إرضاء. لم يكن هناك كتاب يتحدث عن الكيفية التي يمكنك العثور بها على معنى جديد للسعادة دون أن تكون هناك مقومات المكانة الرفيعة. لذا فكرت في أن الأشخاص الذين يمرون بأوقات عصيبة سوف يحبون سماع قصتي. لذا فقد كتبتها بالكامل ووضعتها تحت عنوان How Starbucks saved my life.


وقد اعتلى الكتاب لائحة جريدة نيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعاً. وكم أرغب في أن أتصور أن كتابي قد اشتهر لأنه يحوي ذلك الأسلوب النثري المتألق الذي تميز به " إف. سكوت فيتزجيرالد" أو تلك المشاهد الحية للحياة المعاصرة والمصورة بالموهبة والفطنة التي عرفت بهما " جين أوستن" ، ولكن عليَّ أن أقر بأنه قد نجح لأنه عزف على وتر مؤثر في حياة الأشخاص الذين يصارعون التحديات الجديدة كل يوم. لقد كانت قصتي هي ما يحتاجون إلى سماعه، وقد ساعدتهم على المضي قدماً. وأثناء الجولات التي قمت بها لمعرفة آراء القراء الكتاب، سنحت لي الفرصة للتحدث مع الآلاف من الأشخاص، وعرفت منهم أن قصتي ساعدت العديد من الأشخاص الذين فصلوا من أعمالهم أو فقدوا منازلهم أو حتى هؤلاء الذين اكتشفوا أنهم مصابون بأمراض خطيرة وليس لديهم تأمين صحي. على الرغم من أن الكتاب يدور حول التعثر والخسارة في الحياة، إلا أنه يزف الأنباء السعيدة وهي أن هناك حياة جديدة- بل وحياة أفضل – بعد خسارة معايير النجاح الظاهرية.


حيث أرى أن الأشخاص الذين أتحدث معهم يشعرون بالاطمئنان والتحفز بعد سماع قصتي المثيرة للدهشة التي تحكي عن متعة العثور على حياتي الجديدة البسيطة. لقد استغرق مني ذلك نحو خمسة وستين عاماً، وكان عليَّ أن أتعلم أصعب الدروس، ولكني استطعت في النهاية أن أنقذ حياتي، ولم أكن في يوم ما أكثر سعادة أو رضا أو انشغالاً، وما أتمناه هو ألا يضطر الأشخاص إلى الوقوع في نفس أخطائي قبل أن يتعلموا كيف يعيشون حياتهم كما ينبغي. فلو كان هناك شخص مثلي يستطيع العثور على سبيل لإنقاذ حياته، فمن المؤكد أن الآخرين يستطيعون ذلك. سوف تقرأ في الصفحات القليلة التالية دروساً وأمثلة حقيقة للإجراءات التي يمكنك اتخاذها كي تعيش حياة أفضل وأكثر إشباعاً بدءاً من اليوم. لقد وجدت أن معرفة الآخرين بقصتي تقدم لهم العون، وآمل أن تساعدك أنت أيضاً تلك الدروس الجديدة في الحياة.