كيف نتعامل مع الواقع ؟



لعلنا نبدأ بأسئلة أخرى وهي ماذا نعني بالواقع ؟ وهل نحن من يصنع هذا الواقع ؟


ولعلنا نقول وببساطة أن الواقع الذي نقصده هو حالنا اليومي ,أي كيف نتعامل


ونعيش مع ماذا نحدثه نحن ومع ما يحدثه الآخرين حولنا ؟؟


وطبعا الجواب للسؤال الثاني هو نعم ! فنحن جزء من هذا الحال أو الواقع ,


لذلك فالواقع قد يكون هو ما أوقعنا نحن أنفسنا فيه !


لذلك نحن أحق الناس في التعرف على واقعنا ومعرفة الطريقة التي نتعامل معها ,


والأمر غاية في الأهمية لأنه من المعيب أن تتحكم فينا رغبات الآخرين وطريقتهم


في الحياة , ولعل من ثقافتنا نجلب الطريقة الصحيحة في التعامل مع الواقع أو


الحال الذي نحن نعيشه , ولا أجد تعبيرا أقوى من قوله صلى الله عليه وسلم:


( لا تكن إمعة ) , كذلك قول سيدنا علي رضي الله عنه ( كن نفسك ) , أي إنها


دعوات لنتحكم في مصيرنا وأن نسترجع حرياتنا والتي قد نكون فرطتنا فيها لسبب


أو آخر في فترة أو فترات من حياتنا .


أما وصف واقعنا فهو أمر صعب بل ومؤلم أحيانا كثيرة , ولعل سبب صعوبة


الوصف هو في تداخل أمور كثيرة مؤثرة , كذلك ترسخ الكثير من المفاهيم


"المشوشة "في ثقافتنا وفي طريقة تفكيرنا , وهذا الأمر في حد ذاته يحتاج لشرح


وإسهاب كبيرين وقد يكون ذلك في مقام آخر بإذن الله .


وبما أن ثقافتنا الإسلامية ,والتي ننسب أنفسنا إليها, تدعونا لأمرين هما عماد لأي

محاولة للتعامل مع أي أمر , وهما الرفق و التدرج , فعلينا الأخذ بهما .


الرفق والتدرج:


فالرفق لم يكن في شيء إلا زانه , وهو رفق مع أنفسنا فلا نعاملها بقسوة فتتحطم ,


والرفق مع من لهم دور أو يد فيما نحن فيه من واقع أو حال , والرفق في التعامل


مع واقعنا يجنبنا النكسات والنكبات والإحباط وهي أمور قد نقع فيها لو فرطنا في


القسوة أثناء مواجهة الواقع .


كذلك التدرج في مواجهة الواقع وحين التعامل مع الحال , فالنفس تنفر من


الانقلابات والتغيرات العنيفة في العواطف والعلاقات و الأماكن .


والتدرج سنة ربانية فعّلها الحبيب المصطفى حين واجه واقع الحال في مكة ,


خاصة في بداية دعوته صلى الله عليه وسلم .



ومن الطبيعي أن تحضرنا في هذا المقام الآية العظيمة من كتاب الله الكِِريم ( إن


الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ), تذكرنا بأننا مركز الدنيا بل وأكبر


مؤثر فيها , بل وإن أول الأولويات الحفاظ على أنفسنا وسلامتها من التأثيرات


السلبية التي تحيط بنا .


أخيرا:


إن النظرة الصادقة والغير متحيزة لواقعنا والبحث عن دورنا ومدى تأثير ذلك على


واقعنا و معرفة التفاصيل وعدم تجاهلها سوف يقودنا وبدون شك إلى بداية الطريق


الصحيح للتعامل مع الواقع وبالشكل الصحيح بإذن الله تعالى .