لو كان ملتون اركسون يعرف العربية وقرأ القرآن لوجد ضالته المنشودة فيما حاول أن يصل إليه من استخدام اللغة في التأثير اللاشعوري في الإنسان، ذلك التأثير الذي يشبه السحر وما هو بسحر. فقد سحر القرآن العرب مؤمنهم وكافرهم على حد سواء. ولم يكونوا في بداية الأمر يعرفون سببا لذلك. وفي قصة الوليد بن المغيرة ما يكشف عن ذلك. فقد سمع الوليد شيئا من القرآن الكريم فتأثر به، ورق له.

فقالت قريش: صبأ والله الوليد، ولتصبون قريش كلهم، فأوفدوا إليه أبا جهل يثير كبرياءه واعتزازه بنسبه وماله، ويطلب إليه أن يقول في القرآن قولا يعلم به قومه أنا له كاره. قال:" فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ولا قصيده ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا.

والله: إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه". قال أبو جهل: والله لا يرضي قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني أفكر فيه. فلما فكر قال:" إن هذا سحر يؤثر. أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن القرآن تحداهم بشكل قاطع( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون يمثله) (الإسراء:88). بل تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة فقط (فأتوا بسورة من مثله) (البقرة:23). ولم يكن هذا التحدي موجه لقوم مشغولين عن اللغة لا يحفلون بها، بل كانت اللغة هي صناعتهم، ومدار حياتهم، وأخص جوانب ثقافتهم. ولكنهم لم يستطيعوا فعل شيء تجاه هذا التحدي السافر. فأقروا بعجزهم، واعترفوا بالأثر الغريب الذي يحدثه القرآن في سامعيه.











المرجع: آفاق بلا حدود
اسم الكاتب: محمد التكريتي
دار النشر: الملتقى للنشر والتوزيع
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 206-207
كلمات مفتاحية: تأثير اللغة – أسلوب القرآن – العقل الواعي واللاواعي.
أرسل بواسطة: رامي حوالي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=196