هذا النوع من الدوافع يكون مصدره العالم الخارجي، فقد يكون محاضراً ممتازاً مثلاً أو أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة أو المجلات أو الكتب أو رؤسائنا في العمل.. إلخ. ولكن مشكلة الدوافع الخارجية تكمن في أنها تتلاشى بسرعة.

دعني أسألك: هل حدث أنك حضرت أي محاضرة بهدف تنشيط الدوافع النفسية؟

إذا كانت الإجابة بـ «نعم».. فكم كان مقدار حماسك بعد أسبوع من المحاضرة؟.. وكم كان مقدار هذا الحماس بعد شهر، ثم بعد ستة أشهر من المحاضرة؟.. بالطبع كانت درجة الحماس في انخفاض أليس كذلك؟

سؤال آخر: لو أن رئيسك في العمل قابلك بابتسامة لطيفة.. فهل لهذه المقابلة تأثير على يومك في العمل؟.. ولو حدث العكس وقابلك بطريقة جافة بدون سلام أو ابتسام فهل لهذا أيضاً تأيثير على يومك؟.. بالتأكيد إن ذلك سيؤثر على يومك ومن الممكن أن يؤثر على حالتك النفسية لمدة طويلة.

يعتمد الإنسان للأسف اعتماداً كبيراً على الدوافع الخارجية حتى يشعر بتقدير رؤسائه وأصدقائه وأفراد عائلته، فنحن دائماً نحتاج لرضا الآخرين ونحب دائماً أن نكون مُقدرين ونريد أن ينظر الناس إلينا نظرة احترام حتى نشعر بقيمة أنفسنا وقد يكون ذلك سبباً في أننا أحياناً نتصرف تصرفات لا تتطابق مع رغباتنا وندلي بأشياء لا تكون بالضرورة نابعة من دواخلنا. قال الكاتب الأمريكي بنيامين فرانكلين Benjamin Franklin:
«نظرات الآخرين لنا هي التي تهدمنا.. ولو كان كل من حولي من العميان ما عدا أنا لما احتجت لثياب أنيقة ولا لمسكن جميل ولا لأثاث فاخر».

وقال عالم النفس الأمريكي ويليام جيمس «لو انتظرت تقدير الآخرين لواجهت خداعاً كبيراً».عن طريق المحاضرات التي ألقيها لكثير من المؤسسات والشركات حول العالم ومن خلال بعض الأبحاث التي قمت بها اكتشفت أن معظم شركات التأمين تنظم سنوياً مسابقات بين مندوبي البيع لديها، فالمندوب الذي يحقق أعلى نسبة مبيعات يفوز برحلة شاملة لجميع التكاليف لشخصين إلى إحدى الجزر الجميلة في العالم.

ووجد أن المندوب الذي تصل حجم مبيعاته خلال المسابقة إلى 3000 دولار في الأسبوع، أي أنه يقوم بعمل مجهود كبير للفوز بجائزة المسابقة فترتفع مبيعاته بنسبة 50%، ولكن بعد أسبوع من انتهاء المسابقة تنخفض مبيعاته إلى 1500 دولار في الأسبوع!!!فما السبب؟ بالرغم من أن المندوب هو نفس المندوب ويعمل لنفس الشركة ويبيع نفس الخدمة في نفس السوق إلا أن الدوافع قد تغيرت وهذه هي مشكلة الدوافع الخارجية حيث يتلاشى تأثيرها بسرعة.

مثال آخر.. بعد تعييني مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة انتظرت أن أتلقى التهاني الكثيرة، وطال انتظاري على غير ما توقعت، وجاء رئيسي لزيارتي في مكتبي ورأى باقة جميلة من الورد فسألني «ما هذا الورد الجميل ومن الذي أرسله لك؟» وقرأ البطاقة الموجودة على باقة الورد وكان مكتوباً عليها «عزيزي إبراهيم.. أجمل التهاني القلبية.. أنا فخور جداً بنجاحك» وكان التوقيع إبراهيم الفقي!!!

فسألني رئيسي وعلى وجهه علامات الدهشة «ما هذا، هل أنت الذي أرسلت الورد لنفسك؟» وكان ردي «طبعاً.. لقد انتظرت أن أتلقى باقة من الورد ولما طال انتظاري قررت أن أقوم أنا بهذا العمل حيث أنني لم أجد أحد يقدّرني أكثر مني». ولدهشتي وصلني في اليوم التالي ثلاث باقات من الورد ولكنها في تلك المرة لم تكن مرسلة مني بل كانت من بعض موظفي الفندق.

قال مارك توين «يمكنك الانتظار متمنياً حدوث شيء ما يجعلك تشعر بالرضا تجاه نفسك وعملك، ولكن يمكنك أن تضمن السعادة إذا أعطيتها لنفسك».

بعد الانتهاء من إحدى محاضراتي في مونتريال قامت إحدى الحاضرات بالأخذ بهذه النصيحة في حياتها الخاصة فكانت كلما أنجزت شيئاً أو قامت بتحقيق أحد أهدافها تدعو نفسها على العشاء أو تشتري لنفسها ثياباً جديدة أو تبعث لنفسها بباقات الورد الجميل وكانت بهذه الطريقة تحمّس نفسها وتشجّعها باستمرار.

أنت أيضاً تستطيع عمل نفس الشيء وستجد فرقاً كبيراً في درجة حماسك.

وقد قال كونفيوشيس أحد حكماء الصين «ما ينشده الرجل السامي يجده في نفسه، وما ينشده الرجل العامي يجده في الآخرين».









المرجع: المفاتيح العشرة للنجاح
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 1999
رقم الصفحة: 32-35
كلمات مفتاحية: الدوافع الخارجية – التحفيز – العمل - الأهداف
أرسل بواسطة: عماد الشيخ حسين
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=317