كان هناك طفل يحلم بأنه في يوم من الأيام سيكون شخصية هامة، وأنه سيكون مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة، وكان يردد ذلك باستمرار أمام الجميع ولم يتجاوب أحد معه في أحلامه، وكانوا يقولون له إن هذا كلام فارغ بعيد عن الواقع فكان يشعر بخيبة الأمل وأن المحيطون به يحبطون من عزيمته بينما سخر منه زملاؤه في المدرسة عندما سمعوه يردد ذلك وقيل له دائماً «كن واقعياً».. فبدأ يفقد الأمل، وتوقف عن ذكر حلمه.

كبر الطفل وأصبح شاباً وقرر بينه وبين نفسه أن يدرس في مجال الفنادق وفعلاً أتم دراسته وتخرج ثم تزوج وهاجر إلى كندا مليئاً بالأمل، وواجهته صعوبات كثيرة وقيل له أنه لن يصل إلى ما يريده.. وكان يردد هو في نفسه عندما يفكر في هذا الحلم «أنا لا أملك الخبرة ولا أملك المال ولا أجيد التحدث بلغة البلد ولا يوجد عندي أي اتصالات وشهادتي غير معترف بها في كندا».. وبدأ صوته الداخلي يقول له «اترك هذا الموضوع من ذهنك وابدأ في عمل أي شيء آخر».. وكان أيضاً كثيراً ما يتساءل عن السبب الذي يجعل أحد أصحاب الأعماليعينه رغم كل هذه الظروف، وسمع صوته الداخلي يكرر «أنا لن أصل إلى ما أحلم به، ليس في إمكاني تحقيق هدفي».. وأصابه الارتباك والألم ولم يعد يدري كيف يتصرف، فإذا عاد إلى بلده سيسخر منه الجميع وإذا ظل في كندا فإن فرصته للنجاح ضئيلة جداً.. وفي وسط الخضم الهائل من كل هذه السلبيات التي كانت تحيط به بالإضافة إلى العوامل التي كانت تكفي لهدم أي حلم مهما كان.. انطلقت من داخله قوة جبارة مليئة بالرغبة لفي النجاح وتحدى كل الظروف الصعبة التي كانت تحيط به، وبالرغم من أن حلمه كان يتلخص في أن يصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة فقد بدأ سلم النجاح كغاسل صحون.

وكان مبعث هذه القوة أنه رأى في منامه والده المتوفى وهو يقول له تذكر «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».. وكانت هذه لحظة الصحوة الكبرى له وأصبح عقله الباطن يردد «أنا أستطيع أن أعمل ذلك.. فإذا استطاع أي شخص القيام بذلك فأنا أيضاً أستطيع.. إذا كان توماس إيديسون قد فشل أكثر من 9999 مرة ومع ذلك استمر نحو ما كان يؤمن بعمق أن في إمكانه تحقيقه، وإذا كان والت ديزني قد أفلس 7 مرات، وهنري فورد قد أفلس 6 مرات ولكنهما استمرا إلى أن حققا أحلامهما، فأنا أيضاً أستطيع أن أحقق حلمي وأن أنجح».

وأصبح متحمساً جداً وقد خلقت الطريقة الجديدة لحديثه في نفسه مجموعة اعتقادات جديدة وبدلاً من أن يقول «أنا مفلس» تذكر أن ساندرز وفورد وهوندا كانوا مفلسون أيضاً وأن كثيراً من العظماء كانوا مفلسون قبل أن يصبحوا ناجحين..

واعتقاده أن شهاداته غير معترف بها أصبح «أنا سأدرس من جديد أكثر وأكثر في كندا».. وفعلاً أكمل دراسته وحصل على دبلوم في إدارة الفنادق.. واعتقاده «أنا هنا أجنبي وغريب» أصبح «لا أصلي ولا لوني ولا جنسي سيمنعونني من أن أحقق أهدافي طالما أنا مؤمن بنفسي وإمكانياتي وأضعها موضع التنفيذ».. وتحولت نظرته تجاه الأشياء من العبوس إلى الابتسام، ومن التشاؤم إلى التفاؤل، وتحولت أحاسيسه من كونها سلبية إلى إيجابية وتقدمت صحته بعد أن كان مصاباً بالقرحة إلى شخص صحته قوية وطاقته كبيرة وفعالة.

استمر في العمل والدراسة بجدية واجتهاد.. وفي عام 1980 فقد وظيفته ووجد نفسه فجأة بلا عمل ولا يملك أي مورد وكان ذلك في نفس الوقت الذي كانت زوجته في مستشفى الولادة لوضع ابنتيه التوأمين بعملية قيصرية، كانت زوجته بعدها في حالة شديدة من الإعياء وظلت في المستشفى لمدة أسبوعين بينما اهتم هو برعاية التوأمين بمفرده وكانت نقوده البسيطة تكفي بالكاد لشراء الغذاء لهما.. ثم وجد عملاً بسيطاً كمساعد جرسون في مطعم صغير، وواظب على العمل بجدية حتى يمكنه أن يوفر القوت لعائلته وبعد أن خرجت زوجته من المستشفى كانت تحتاج لفترة نقاهة طويلة، وبلطف الله تلقى المساعدة من الجهات الحكومية التي أرسلت أحد المتخصصات في الرعاية المنزلية حتى تعاونهم في مباشرة شؤون التوأمين والأم.

واستمر في العمل في المطعم من التاسعة صباحاً إلى الثالثة بعد الظهر لكي يوفر النقود المطلوبة للمعيشة، وقام بتسجيل نفسه في جامعة كونكورديا للحصول على دبلوم في الإدارة وكان يعمل ليلاً مديراً لمطعم آخر.. وظل على هذا الحال لمدة عام تدرج خلاله من وظيفة إلى وظيفة أعلى. وبعد عدة سنوات من الانتقال من مكان إلى مكان أصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق وكان ذلك عام 1986، وأسس فريق عمل كبير قام بتدريبه والاهتمام به حتى أصبح الفندق على درجة عالية جداً من النجاح. وكان يصبو إلى تحسين نفسه دائماً فأخذ مسؤولية وظيفة أفضل في فندق أكبر والتحق بدورات دراسية كثيرة بالمراسلة، وحصل على جائزة دولية من أمريكا كأحسن طالب في الدراسات المنزلية.

وبدأ يشعر أنه يعيش أحلامه واقعاً محققاً، وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان فقد قرر أصحاب الفندق إغلاقه، وضاعت الوظيفة منه فوراً حتى إنهم قاموا على الفور بسحب السيارة التي كان يستخدمها، وعاد إلى منزله في سيارة أجرة، وعاد من جديد إلى وضع لا يحسد عليه.. حيث فقد الوظيفة والمورد وحتى الأشخاص الذين كان يظن أنهم أصدقاءه تخلوا عنه.. بالاختصار فقد كل شيء وأصبح كل ما حوله يجعله يشعر أنه سيء الحظ وبدأ يشعر بالضيق حتى من نفسه.

وأثناء هذه الدوامة من الأرق والألم والمحاولات التي ذهبت سدى لتحسين أوضاعه تذكر مرة أخرى حديث والده حيث كان يردد دائماً «إذا أُغلق أحد الأبواب يا بني فإن الله يفتح دائماً باباً آخر».. وعندئذ سأل نفسه «ما الذي يمكن عمله في هذا الوضع؟.. وكيف يستطيع تحويل هذه الحالة من سلبية إلى إيجابية».. وبدأ يبحث في مصادره الشخصية ويقيمها، وعاد إلى مجموعة الأفكار التي كان يدونها باستمرار كلما تخطر على باله..

فوجد أنها مجموعة ممتازة وكافية لأن تكون موضوع كتاب يساعد كثيراً من الناس فبدأ فوراً في تأليف أول كتاب له، ولكن رفض الكثير من الناشرين نشر هذا الكتاب، فقرر أن يقوم هو نفسه بنشره بما أمكن من مدخراته البسيطة وفعلاً باع من هذا الكتاب 5000 نسخة في أقل من ثلاثة شهور، وبدأ في التدريس وتأليف كتب أكثر وهو الآن أنجح في حياته من أي وقت آخر وعنده بعض الكتب التي تعتبر من الأوسع انتشاراً في العالم ولديه مجموعة أكبر من الأصدقاء الذين يمكنه حقاً اعتبارهم أصدقاء، وتوسعت دائرة معارفه على مستوى العالم، وأصبحت أساليبه تستخدم في أرقى الشركات بالعالم.

ربما تتسأل كيف عرفت أنا كل هذه المعلومات وهذه التفاصيل عنه؟.. إن الإجابة بسيطة لأنني أنا هذا الشخص، وأنا الآن أعيش حلمي ويشاركني فيه زوجتي وبناتي التوأمين، واقوم بتدريس هذه الأسس لأي إنسان يريد أن يحسّن من نفسه وأن يحققه أحلامه عبر تقديمي له خلاصة اطلاعاتي ودراساتي المستفيضة وعصارة رحلتي من القاع إلى أوج النجاح وسدة الإنجازات.

والآن دعني أسألك.. هل حدث أن سمعت أحد الأشخاص يقول «أن الناجحون هم كذلك بسبب الحظ؟».. هذا القول صحيح إلى حد ما، فالأشخاص الناجحون فعلاً عندهم حظ كبير، ولكنهم هم الذين يجلبون هذا الحظ لأنفسهم.. فهم يعملون بجد واجتهاد، ومستوى أدائهم مرتفع، ويصبحون الأحسن في مجالهم ويتميزون بالصبر والمثابرة والانضباط بالإضافة إلى أنهم يقحمون أنفسهم في مخاطرات ومغامرات أكثر من الشخص العادي ويتعلمون من أخطائهم ومجموع كل هذا يفسر أنهم ذوو حظ كبير.








المرجع: المفاتيح العشرة للنجاح
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 1999
رقم الصفحة: 15-19
كلمات مفتاحية صناعة النجاح: الجد – الانضباط – الالتزام – الأهداف – الرؤية – عدم الاستسلام للفشل – قرار – اصرار – تحدي
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=31