عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
تحقيق الكفاءة في التعلم
تحقيق الكفاءة في التعلم
عند الكلام عن التوافق مع البيئة لابد أم نهتم بالحاجات الأساسية الفسيولوجية والجسمية التي تؤدي إلى السلوك: ولكن يندر بالنسبة للمعلم أن يستخدم الدوافع الأولية داخل حجرة الدراسة على نحو مباشر، ويندر أن يعتمد اعتماداً مباشراً على الحاجة إلى الطعام كدافع في عملية التعلم، والحاجة إلى تجنب الألم التي كانت تسود المدرسة يوم كان العقاب البدني مباحاً، يندر استخدامها الآن. والحاجة إلى الإثارة الجنسية لا تستخدم كدافع مباشر على الأطلاق داخل المدرسة، ولكن يمكن القول أن المعلم يستخدم أحياناً هذه الدوافع الأولية استخداما غير مباشر، فقد يغري المعلم التلميذ على تعلم العوم أو الأسعافات الأولية مثلا على أساس حاجته إلى تجنب الغرق وما يترتب على الحوادث من آلام في المستقبل. وقد يعلمه أشياء أخرى، اعتماداً على حاجته إلى اختيار زوجة مناسبة في المستقبل، ولكن هذا الأستخدام للدوفع الأساسية استخدام غير مباشر.
ويمكن القول على وجه العموم أن المعلم يستخدم الدوافع الجسمية والفسيولوجية استخداما غير مباشر، ولا يمكن للمعلم أن يغفلها ولو انه يعتمد اعتمادا مباشراً على الدوافع الأجتماعية والذهنية ويستخدمها في مواقف التعلم. فيمكن أن يستخدم حاجة الطفل لأن يكون مع الناس وحاجته لأن يكون موضع التفاتهم، وحاجته لآن يؤثر فيهم وأن يساعدهم، وحاجته إلى أن يحسن الآخرون الرأى فيه وحاجته لآن يحرك الأشياء التي حوله ويتناولها وحاجته إلى أن يحسن الرأى في نفسه.
والحق إن هناك طرقا كثيرة لتحليل القوى الداخلية التي تحرك السلوك وطرقا منوعا لتصنيفها. ويفضل علماء النفس التجربيبيون تفسير السلوك في ضوء الدووافع الأولية وهي دوافع فسيولوجية في طبيعتها إلى حد كبير كالجوع والعطش والنوم والجنس وما إلى ذلك. ولقد تزايد عدم الرضا عند علماء النفس في السنوات الأخيرة عن هذا التصور. على الرغم من أنه كما أوضحنا من قبل يمكن تفسير بعض جوانب السلوك في ضوء هذه الدوافع الأولية ولكن جوانب أخري لا يمكن تفسيرها بسهولة على هذا الأساس، فمثلاً، شغف الحيوانات بالانغماس في نشاط لذاته كما يبدو ودون وجود أى حاجة جسمية لذلك يثير سؤالا هاما عن صواب تفسير السلوك على أساس الدوافع الأولية، ولقد وجد (هارلو) في تجاربه على القردة، أنها تتناول الأدوات الميكانيكية وتفككها إلى أجزاء دون أن تثاب علي ذلك، أى لمجرد فك هذه الأدوات، كما تدل دراسات أخرى على أن الحيوان عندما يواجه مثيرا جديداً فإنه يستجيب له على أكبر قدر ممكن من الأحساس به، فإذا ما ألف هذا المثير وتكرر تقديمه له قلت إستجابته له، وليس من شك في أن محاولة تفسير السلوك الإنساني الإجتماعي والرمزي المتنوع الخصب على أساس فسيولوجي بحت محاولة غير معقولة بالنسبة للمدرس الذي يحاول فهم سلوك تلاميذه.
ولقد انتهي ( روبرت هوايت ) الأستاذ بجامعة ( هارفارد ) بعد أن قام بدراسة البحوث التي أجريت في الدوافع واستقصاء ما يوجد من نظريات فيها إلى أن السلوك ( إذا استثنينا أنماط السلوك الوثقية الارتباط بالدوافع الأولية ) الذي يتكون من الأستكشاف والبحث والتفاهم، والتفكير، والانتباه، والأدراك وتناول البيئة يمكن اعتباره محاولات لتحقيق الكفاءة Competence وهذا الكفاح من أجل تحقيق الكفاءة يطلق عليه لفظ Affectance وهي عملية تؤدي إلى الشعور بالكفاءة والفاعلية. والحاجة للكفاءة أو الفاعلية التي تعمل مستقلة نسبياً عن الدوافع الجسمية، تمكن الفرد من إيجاد سبل مواءمة نفسه مع البيئة البالغة التعقيد، وهذه الحاجة هي التي تفسر معظم ما يقوم به الفرد من إنجاز وتحصيل داخل حجرة الدراسة وخارجها.
المفضلات