إن من أفضل الطرق لتقوية إرادتنا المستقلة قطع الوعود والوفاء بها. وإن كل مرة تقوم فيها بقطع وعد هي بمثابة إيداع رصيد جديد في حسابك الشخصي من الإرادة المستقلة والشخصية المتماسكة. وهو رمز على مقدار الثقة التي نضعها في أنفسنا، ومقدار قدرتنا على القول والفعل معاً. لكي تبدأ في التدريب على ذلك أبدأ بوعود صغيرة بسيطة. وليكن مثلاً وعد بأن تستيقظ من النوم قبل الموعد المعتاد بوقت قليل، أو أنك ستمتنع عن مشاهدة التلفزيون الليلة.

تأكد من أنك لن تخلف وعدك والتزامك. لذلك تأكد من عدم الوعد بأكثر مما يجب، ثم تجنب التنفيذ بأقل مما وعدت. لا تخاطر بل اسحب من رصيدك من الإدارة والشخصية المستقلة. استمر في بناء ذلك ببطء حتى تشعر بأن إحساسك بالقوة والكرامة يطغي على انفعالاتك المتقلبة. فكر جيداً في حقيقة ما وصلت إليه بعد ذلك. وبناءً على ذلك انتقل إلى مرحلة أخرى وحدد الوعد الذي تريد تنفيذه، ثم قم بتنفيذه، مهما كانت الظروف.

قليلاً قليلاً ستكبر ثقتك بنفسك. وكلما كانت الوعود التي قطعت بتنفيذها مبنية على مبادئ أساسية فإن شخصيتك ستصبح مبنية على مبادئ بمضي الوقت. استمر في المحافظة على وعودك لنفسك، وبمضي الوقت، سيزداد رصيدك من العزة النفسية، والإرادة المستقلة، والشخصية القوية. يقولSTEPHEN : ذات مرة قدمت استشارة إلى رجل يعاني من انهيار تام في حياته الشخصية. كانت حياته محطمة وتسير من سيء إلى أسوأ. بين الحين والآخر يظهر بمظهر المرح والانطلاق، ولكنه سريعاً ما يعود إلى حياة العزلة، والأنانية محاطاً بأمور العاجلة التي تخرب حياته ثانية.

بدأت أشجع هذا الشخص على أن ينمي ملكاته الإنسانية الذاتية، وأن يبدأ في ذلك بجرعات صغيرة. قلت له: " هل يمكنك أن تستيقظ من النوم في موعدك بعدما تخطط لذلك، وبدقة؟ " رد قائلاً: "وما تأثير ذلك على باقي حياتي؟ " قلت: "إن جسمك هو الآلة التي من خلالها تمارس حياتك. فإذا لم تملك السيطرة على جسمك، فكيف ستسيطر على ما يصدر عنك من تعبيرات سواء من جسمك، أو عقلك؟ ". عندها بدأ كل ليلة يخطط للاستيقاظ مبكراً، ولكنه بعد قليل سيطرت عليه حالة ذهنية مختلفة، حيث وجد صعوبة في التخلص من الالتصاق بالسرير. حاولت معه مرة أخرى قائلاً: "لا أظن أنني سأستطيع" قلت: " إذاً لا تقطع هذا العهد على نفسك. إن كرامتك وشخصيتك في الميزان، وأي إخلال بهذا العهد على نفسك، سوف يولد الصراع مع نفسك. الأفضل أن تبدأ بوعد بسيط وتنجزه.

ابدأ بالأصغر، هل يمكنك تنفيذ ذلك لمدة أسبوع؟ ". فرد: "نعم، أعتقد أن ذلك ممكن لمدة أسبوع". قلت: " إذاً عليك أن تستيقظ في الوقت الذي حددته لمدة أسبوع". قال: "سأفعل" بعدها بأسبوع جاءني قائلاً: إنه تمكن من ذلك.. فرددت: مبروك! الآن بدأت حياتك بالتماسك عند مستوى محدود. والآن عليك تحديد ما هو الالتزام التالي الذي يجب أن تبدأ به؟ ". قليلاً، قليلاً بدأ هذا الرجل بالالتزام بمهام معينة. لم يكن هناك سواي أنا، وصديق آخر، يعرفان ماذا يجري في حياة ذلك الشخص؟ لاحظنا بعد ذلك التبدل الهائل في حياته. كانت حياته العاطفية تغلي فيما سبق، كانت قراراته وليدة الانفعال والظروف، كان يقطع العهد على نفسه، ولكن ما إن تضغط عليه الظروف أو تبدل الأحوال حتى يتقاعس عن تنفيذه. ومن كل ذلك كان شيئاً هاماً يتحطم بداخله، بمضي الوقت، كان هذا الشيء هو إحساسه بالثقة، والكرامة، والاعتزاز بالنفس.

ولكن بمجرد أن بدأ عملية قطع، وتنفيذ، الوعود الصغيرة، بدأت حياته العاطفية بالاستقرار. كانت الوعود التي يقطعها على نفسه تساعده على تقديم الوعود لغيره من الناس، وتنفيذها. لقد كان فقدان الثقة بالنفس يمثل عبئاً عليه في علاقاته مع الآخرين، ولكن من خلال انتصاراته الذاتية على نفسه بدأت انتصاراته الخارجية في الظهور. يقول أحد الحكماء: "إن أكبر المعارك التي نخوضها هي تلك التي تحدث داخل دهاليز النفس والروح" نحن نحتاج لأن نسأل أنفسنا: "هل أنا مستعد لأن أكون إنساناً له الشخصية، والإرادة، والكرامة الكاملة؟ هل أنا مستعد لأن أعتذر عندما أخطئ، وأن أحب بدون شروط، وأن أحب لغيري ما أحب لنفسي؟ ".

قد يقول أحدنا: "لا يمكنني القيام بتغيير نمط حياتي" ولكن إرادتنا المستقلة تقول: " انتظر دقيقة أنت قادر على ذلك. يجب ألا تكون مجرد انعكاس لتكوينك وبيئتك الاجتماعية، أو الجسر الذي يعبر عليه الآخرون. إن لديك الفرصة الآن لكي تقيم كل ما حدث لك حتى الآن. عليك أن تنظر إلى ردود الفعل عندك عند التفاعل مع كل ما حولك، ثم عليك بأن تغير من كل ذلك. إلى أولئك الذين يقولون" ويحك، أنت لا تعرف ما يجري في المجتمع الذي تعيش فيه! " وردي عليهم: "ويحكم، هل تعرفون مقدار القوة الذاتية بداخل كل منكم؟ "، نحن لا نهدف إلى إيلام أحد، فكل ما هنالك قل ما تريده بحب، إن حياتنا هي نتاج اختباراتنا. عندما تلقي اللوم، والاتهام على الآخرين والبيئة المحيطة، وغير ذلك من العوامل الخارجية نسمح من جانبنا لكل هؤلاء بأن يحددوا مصيرنا.

نحن نختار إما أن نحيا حياتنا، أو نترك غيرنا ليحيياها نيابة عنا. إن قطع العهود على النفس وللآخرين، شيئاً فشيئاً يقوي من قدراتنا على الفعل، والتأثير في حياتنا إلى ما هو أكبر من تأثير القوى الأخرى علينا وعلى حياتنا.








المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 95-98
كلمات مفتاحية: تنمية الإرادة المستقلة – تنمية الذات –الإيمان بالقدرات الموجودة داخلنا – الثقة بقدرات النفس
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=81