كان مقرراً أن أدرب 175 من مدراء أحد مركز التسوق في فندق ما، لقد انتابتني الدهشة إزاء مستوى الخدمة هناك، التي لم تكن لمجرد التجمل بل كانت واضحة على جميع المستويات، وتتم تلقائياً دونما أي إشراف. كنت قد وصلت متأخراً كثيراً، وبعد حجز غرفتي تساءلت عما إذا كانت خدمة الغرف متاحة آنذاك، أجابني موظف الاستقبال قائلاً: "لا يا سيد كوفي، ولكن رغبت بإمكاني الذهاب وإحضار شطيرة أو سلطة أو أي شيء ترغب فيه مما يكون موجوداً في المطبخ". كان تصرفه تعبيراً عن الاهتمام الكامل براحتي وسعادتي، وأضاف قائلاً: "هل تريد أن ترى غرفة المحاضرات؟ هل كل ما تطلبه موجود؟ ماذا يمكن أن أقدمه لك؟ إنني هنا في خدمتك".

لم يكن هناك أي مشرف ليراقب الوضع. كان هذا الرجل مخلصاً في عمله. في اليوم التالي وأثناء استخدام وسيلة إيضاح بصرية، اكتشفت نقص بعض الألوان في الأقلام التي استخدمها في الشرح؛ لذا توجهت خارج الغرفة أثناء فترة الاستراحة القصيرة ورأيت أحد سعاة الفندق يهرول ناحية غرفة أخرى للاجتماعات. قلت له: "لدى مشكلة، إنني أدرب مجموعة من المدراء وليس لدى سوى وقت ضئيل للاستراحة، وأريد المزيد من الأقلام الملونة".

استدار راجعاً اليّ ثم توقف أمامي في وضع الانضباط، وعندما لمح اسمى على البطاقة المعلقة على صدري قال: "سيد كوفي، سوف احل مشكلتك "لم يقل هذا الرجل: "لا أعرف إلى أين يجب أن تذهب"، أو "جسناً، اذهب لمراجعة مكتب الاستقبال " لقد كان ما فعله هو الاهتمام بالأمر، وجعلني اشعر أنه يجد سعادة في عمل ذلك.

وفي وقت لاحق، كنت في البهو الصغير أشاهد بعض اللوحات الفنية، حينما جاءني أحد موظفي الفندق قائلاً: "سيد كوفي، هل تريد كتاباً يصف اللوحات الفنية المعروضة هنا؟" ياله من تفان في الخدمة! بعد ذلك شاهدت أحد العمال ممتطياً قمة سلم لتنظيف نوافذ البهو، ومن موقعه المتميز رأى امرأة تتعثر في سيرها على ممشى الحديقة، غير أنها لم تسقط على الأرض، ومع أنها كانت تسير بحبة آخرين، فقد سارع الرجل إلى الهبوط واطمئنان إلى أنها تلقي العناية اللازمة قبل أن يصعد السلم مرة أخرى لاستئناف النوافذ.

اهتممت أن اعرف كيف تمكنت هذه المؤسسة من خلق هذه "الثقافة" التي اعتنقها هؤلاء الأشخاص من أعمق أعماقهم خدمة النزلاء. لذا قمت بمناقشة القائمات على خدمة الغرف، والنادلات، والسعادة العاملين في هذا الفندق. ووجدت أن هذا التوجه قد تغلغل متحصناً في عقول وقلوب وسلوكيات كل موظف هناك. ومضيت في بحثي فيما وراء الأبواب الخلفية إلى المطبخ حيث عثرت على القيمة المركزية: "خدمة ذاتية مثالية"، وأخيراً توجهت إلى المدير وسألته: "إن عملي ينصب على مساندة المؤسسات لنشر وعي للعمل بروح الفريق وثقافة الفريق، غير إنني مندهش لما وجدته عندكم".


سألني: "هل تريد أن نعرف أين يكمن المفتاح الحقيقي؟" ثم عرض على رسالة الحياة لكافة سلسلة الفندق.
أعربت، بعد قراءتي لها أنها رسالة رائعة، وأخبرته أن لدى العديد من المؤسسات رسالات رائعة مماثلة.
قال لي: "هل تريد أن تطلع على الرسالة الخاصة بهذا الفرع من الفندق؟"
قلت: "هل تعني أنك وضعت رسالة محددة لهذا الفندق؟"
قال: "نعم"
"مختلف عن ذلك الخاص بسلسلة الفندق؟"
"نعم ، إنه يتوافق معه، غير أنه يختص بوضعنا، ومحيطنا، ووقتنا" ثم ناولني ورقة أخرى.
"من الذي وضع رسالة الحياة هذه؟"
"كل فرد منهم"
كل فرد منهم، أحقا تعني كل فرد منهم؟"
"نعم"
"خادمات الغرف؟"
"نعم"
"النادلات؟"
"نعم"
"موظفوا الاستقبال؟"
"نعم، هل تريد أن تطلع على رسالة الحياة التي كتبها الأفراد الذين حيوك الليلة الماضية؟" ثم سحب رسالة حياة كانوا قد كتبوها بأنفسهم ثم تم إدماجها مع جميع رسالات الحياة الأخرى. كان كل شخص، على كل مستوى، ضالعاً في هذا العمل.

كانت رسالة الحياة في هذا الفندق بمثابة الصرة أو المركز لعجلة ضخمة تولت غزل البيانات الدقيقة والأكثر تخصصاً لمجوعات معينة من الموظفين، وقد استخدم كمعيار يقاس عليه كل قرار يتم اتخاذه. وإيضاح كل ما كرس له هؤلاء الموظفين أنفسهم من اجله – كيفية تعاملهم مع النزيل وكيفية تعاملهم مع بعضهم البعض. وقد أثر على أسلوب المدراء والقادة ، وأثر على نظام المكافآت، وأثر على نوعية من اختاروهم من الموظفين للعمل بالفندق وكيفية تدريبهم وتطويرهم، ولقد كان كل مجال لهذه المؤسسة، بصفة جوهرية، نتاج عمل تلك العجلة، أي نتاج رسالة الحياة هذه.

وفي فترة لاحقة قمت بزيارة فندق آخر تابع لنفس السلسلة، وكان أول شيء فعلته عقب تسجيل بياناتي هو السؤال عن رسالة الحياة والتي سلموها لي على الفور. وفي هذا الفندق، أدركت معنى "خدمة ذاتية مثالية "بشكل أفضل. وعلى مدار ثلاثة أيام، راقبت كل موقف يتضمن طلب خدمة ما، كلما كان ذلك ممكناً، ووجدت أن الخدمة تقدم دائماً بطريقة رائعة وجذابة، كما كانت دائماً أيضاً كأنها خدمة ذاتية. وعلى سبيل المثال فقد سألت النادل أثناء وجودي في منطقة حمام السباحة عن موقع ماء الشرب، فقادني بنفسه إليه.

غير أن الشيء الذي ترك انطباعاً بالغ التأثير أكثر من غيره كان عندما رأيت موظفاً يقر لرئيسه، ومن تلقاء نفسه، بخطأ ارتكبه، كنا قد طلبنا خدمة ما تقدم إلينا بالغرفة وحددنا موعدها ، وفي طريقة إلى غرفتنا، سكب الموظف المختص بالغرف بعضاً من سائل الشيكولاته الساخنة، مما اقتضاه العودة لتغيير المفرش الذي كان يغطي الصينية واستبدال المشروب، وهكذا تأخر موعد تقديم الخدمة حوالي خمس عشرة دقيقة، الأمر لم يكن مهما بالنسبة لنا إلى هذا الحد.

وعلى الرغم من ذلك، طلبنا مدير الخدمة هاتفياً ليعتذر لنا، ودعانا إلى تناول الإفطار سواء على البوفيه أو في غرفتنا حسب اختيارنا، دون مقابل، وكترضية من الفندق وتعويضاً عما سببه من انزعاج لنا. ما الذي يمكن أن يقال بشان هذه الثقافة لمؤسسة ما، حينما يقر موظف بخطئه، الذي لا يعرفه أحد غيره لمديره حتى يمكن أن يحظى العميل أو الضيف بمزيد من الرعاية والعناية.

وكما قلت لمدير الفندق الأول الذي زرته، فإنني اعرف الكثير من الشركات التي لديها رسالات حياة ذات انطباعات مؤثرة. غير أن هناك فرقاً، جميع الفروق التي في العالم، بين فاعلية رسالة حياة أوجدها كل شخص في المؤسسة، وبين الأخرى التي حررتها فئة محدودة من نخبة المدراء من خلف جدران عاجية.


المرجع: العادات السبع للناس الأكثر فعالية
اسم الكاتب: ستيفن ر. كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2004
رقم الطبعة: السادسة
رقم الصفحة: 195-199
كلمات مفتاحية: التوجه الفعال لفريق العمل – رسالة حياة المؤسسات – روح الفريق – الأهداف المشتركة لفريق العمل - المعتقدات – القيم

رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=138