عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
مشكلة المراهق تبدأ من الوالدين
بالإضافة إلى مشاكل الاكتئاب والإحباط، فيعاني معظم المراهقين من مشكلة في التعامل مع الوالدين، وينتج عنها ان الوالدين يشيران إلى ان المراهق كقنبلة في البيت، لا يعرفان كيف يتعاملان أو يتواصلان معه، وعلى أثره تنشب المشاكل بينهما بشكل مستمر. وتابعت الاستشارية الطاف موضحة: «أول ما أبينة للوالدين هو أن شجرة التفاح تطرح تفاحا وليس برتقالا، وان شجرة البرتقال تطرح برتقالا وليس تفاحا، وعليه فالخلل هنا يبدأ من الوالدين. وإذا كان عند المراهق مشكلة في البيت ومع الأهل، فلا أبدأ مناقشته أو التعامل معه بل اشترط ان أناقش المشكلة وأسبابها بالاجتماع أولا مع والديه، لأتعرف على طريقة وأسلوب تعاملهما معه. فاغلب مشاكل المراهقين تأتي من العناد وإثبات الوجود، فهو يعاند لأنه يشعر بان الوالدين لا يسمعانه أو لا يفهمانه أو لا يحبانه. ومن المنطقي ان المراهق يقول لنفسه لا تسمع أو ترضي من لا يسمعك أو لا يحبك، بل عانده».
المقارنة وجلد الذات تدمر الثقة
أما مشكلة انخفاض الثقة بالذات والاعتداد وحب النفس، فيعاني منها معظم المراهقين لغياب من يدعمه ويشجعه ويثني عليه لو أنجز شيئا ما. بل في المقابل نجد ان اغلب أولياء الأمور يلجأون إلى أسلوب التعنيف والمقارنة بالآخرين، اعتقادا منهم بأن ذلك يشجع المراهق على تعديل السلوك. فيشار إلى أن اخوانه أفضل منه، وأبناء العم اذكي منه، وان فلانة أجمل منها أو أنحف، وان فلانا ناجح ودرجاته أفضل منه. وهو ما يخلق جوا من تصغير وتحجيم للذات، بل قد يكره المراهق نفسه ويحس بأنه غير جدير بأي حب.
غياب الأب يخلق فراغا
عدم وجود دور للأب أو عدم توفره في المنزل بشكل يومي، يسبب فراغا عاطفيا نتيجة لاختفاء اهتمام الأب المهم بالنسبة للولد والبنت على حد سواء. ومما يفسر بحثهم خارج المنزل عمن يملأ هذا الفراغ ويوفر لهم الحب والاحتواء. وابسط صور ذلك هو التحدث مع الجنس الآخر، فنجد البنت تتعلق بشاب أو الولد ينمي علاقة مع شابة. وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية ونفسية نتيجة انتقال الحديث مع شاب إلى آخر دونما الإحساس بالاكتفاء العاطفي. فيما ان أساس حل المشكلة يكمن في توفير الوالد للحب والاحتواء وليس التواجد في المنزل فقط.
التواجد ليس كافيا
التواجد في المنزل ليس كافيا، فقد تتواجد الأم طوال اليوم ولكنها ليست مع الأبناء، بل دائما على الهاتف أو تتابع التلفاز أو تشرف على أمور المنزل. وتعتقد ان دورها يقتصر من جهة على ترفيه الأطفال وأخذهم للمطاعم والزيارات والألعاب، ومن جهة أخرى على إصدار الأوامر والانتقادات حول ما يجب عليهم فعله، مثل استخدام عبارات: اذهب للدراسة، لا تشاهد التلفاز، اغسل أسنانك، تناول طعامك، وغيرها من أوامر بينما تغفل ان وجودها مع الأطفال يهدف للاحتواء والتربية والاهتمام بهم وتوطيد علاقتها معهم. فيجب عليها ان تسأل عن حالهم وما حصل لهم خلال اليوم، وما قاموا به، مع التحدث عن مشاكلهم ومناقشة اهتماماتهم، وليس فقط متابعة تحصيلهم الدراسي والتقصي بقصد تصيد الأخطاء. والأهم هنا ان تعطيهم المجال ليبدوا وجهة نظرهم، ورواية قصتهم عما يحصل لهم. وتوفر لهم الدعم والمساندة لعلاج أي مشكلة. كما يجب ان تركز على جانب الثقة بالنفس وحب الذات وتقبل الأمور.
الأب وشخصية الطفل
من المعروف في الطب النفسي ان الشخصية تتكون من خمس عناصر، وهي: المجتمع، الأصدقاء، المدرسة، سمات الشخصية الموروثة جينيا، والوالدين. وعليه، فالأم هي نصف الخمس، ولابد ان يتوفر دور الأب ليتوفر الخمس كاملا. وتابعت الاستشارية الطاف قائلة: لما كنا صغارا، كنا نرى ان الآباء حتى لو كانوا منهكين من العمل أو يحتاج البيت لزيادة في الدخل، فإنهم يتكبدون العناء والجهد ليخصصوا ساعة أو أكثر من الوقت لقضائه مع أطفالهم يوميا. واثر ذلك مهم جدا، فعدد الساعات ليس المهم، بل هو نوعية ما تفعله مع أطفالك في هذا الوقت هو الأهم.
وجبة ترفع فرصة النجاح
بحسب إحصائية في انكلترا، وجد ان اجتماع إفراد الأسرة لتناول وجبة واحدة يوميا وتتناقش فيها حول ما حدث لهم خلال اليوم يسبب ارتفاعا ملحوظا في معدلات نجاح الأطفال. فما بالك لو تشاركت الأسرة في 3 وجبات، وعليه شددت الاستشارية على ضرورة الاهتمام بتجمع الأسرة لتناول الوجبات على الأقل. كما يجب ان يوفر الوالدان آذانا صاغية وقلبا حنونا للابناء. فلا شيء يبرر عدم تخصيص وقت للأبناء والانشغال عنهم بالجري وراء المادة والعمل والأمور الاجتماعية.
البعض نسي مكان جنته
استغربت الاستشارية كون الكثير من الآباء والأمهات نسي أو تناسى الهدف من المنزل، ليعتبر وجوده فيه مثل الفرض والواجب فقط الذي يشبه فرض تواجده في العمل. فلم يعد المنزل هو الجنة والمكان الذي يرتاح ويستمتع فيه مع أسرته وبخاصة الأولاد. فقليلا ما نسمع ان الأم اشتاقت للعودة والجلوس مع أولادها وسماع أحاديثهم الجميلة، والمرح معهم. بل بعض الامهات يشرن إلى ان الأطفال هم وعبء ثقيل ومشاكلهم اكبر، بل قد يهرب الأب من البيت للمقاهي والديوانيات محتجا بأنه يطلب الراحة وينسى ان البيت بيته والأطفال من دمه وفي كنفه ويجب الا يربيهم فقط بل ان يحن عليهم ويصغر ويكبر معهم.
الطفل يتربى بالبركة!!
وعند سؤال الاستشارية عن فئة أولياء الأمور التي تشير الى كون الأطفال يتربون بالبركة حتى لو لم نهتم به، فالحياة وكثرة الإخوة ستربيانهم. أو ان الأطفال سيتربون مثلهم، حيث لم يهتم بهم أحد قبل. كانت ردة فعلها الفورية هي: «لا استقبلهم في عيادتي، فإذا لم يكن الاهل يشعرون بمسئوليتهم نحو أطفالهم، ولم ينووا توفير الوقت والحب واحتوائهم فلم أنجبوهم؟
فإذا كنت غير مستعد لمسؤولية الأطفال فلا احد يجبرك على إنجابهم. وبنفس المنوال بالنسبة للزواج، فان قررت الزواج فلا بد من تحمل مسؤولية الزوجة والزواج وإلا فلا تتزوج».
حل المشكلة
يعتمد حل مشكلة المراهق على جلسات النقاش مع والديه لمعرفة لب المشكلة. وفي معظم الحالات فإن تعاون الأب والأم وتعديل طرق التعامل مع المراهق، ليتخطوا الحدود التي بناها المراهق حوله يحلان المشكلة، لكن إن لم يتحسن الوضع فقد يحتاج المراهق الى جلسات نفسية فردية. وأكدت الاستشارية أهمية دور الوالدين ومساهمتهما في حل المشكلة. وما تقوم به هو تقصير المسافات ومد طرق الاتصال بينهم، وإزالة العواقب وسوء الفهم وغيرها من حواجز بينهم. فهنالك من لا يعرفون كيفية التعامل الصحي مع المراهق. وهنا يستعان بجلسة الاستشارة طلبا للإرشاد والتوضيح بطرق التعامل مع بعض الأمور ومع المراهقين بالذات.
نظام الجلسات النفسية
وحول نظام أو برنامج الاستشارة النفسية، أوضحت الاستشارية قائلة: «يعتمد ذلك على نوع المشكلة، فبعض الحالات تحتاج الى جلستين وبعضها يحتاج الى جلسة أسبوعيا، وهناك من يحتاج الى جلسة إرشادية واحدة فقط. وفي كل الأحوال، فألاهم ليس ما يتم في الجلسة فقط بل ما متقدمه أيضا، وما تقوم به بعدها من أعمال وارشادات بسيطة أو تعديل صغير وتدريجي لأمر معين لتوصل الشخص إلى حل مشاكله بنفسه واعتماده على ذاته. وعليه فإن النجاح والوصول إلى الحل يعتمدان على استجابة الشخص وتقدمه.
_________________
المفضلات