إن الصور الذهنية المختزنة في أذهاننا لها تأثير غير عادي في سلوكياتنا، ولكن هذه الصور ليست سلبية بالضرورة: فقد تكون صورا ايجابية أيضا. و يمكن للصور الايجابية أن تكون ذات أثر أقوى من الصور السلبية إن لم تكن كذلك بالفعل،كما تبين القصة التالية:

قام "براد همفري" – وهو مدرس و باحث اجتماعي بمدينة "سان دييجو"- بتركيز عمله على المراهقين الذين نشأوا في الحواري المعزولة و الذين فقد الجميع الأمل في إصلاحهم؛ فهم أطفال شوارع، و مروجو مخدرات، و محكوم عليهم بالسجن، أو يعالجون في المستشفيات النفسية. و متوسط عمرهم المتوقع عشرون عاما فقط.

وكان هدف "براد" هو تغيير نظرتهم شديدة السلبية الى أنفسهم: وكذلك إعادة تكوين رؤيتهم لذاتهم. و قد قام "براد" بهذا العمل عن طريق تدريبهم بدنيا و ذهنيا، فمثلا قام في البداية بإجراء اختبار على ذاكرتهم ووجدها ضعيفة جدا، ثم ركز على أسوأ أطفال الفصل، و كانت فتاة أخذ يتحدث معها على انفراد بينما أرسل الآخرين لممارسة الجري لمدة نصف ساعة.

وبينما كان الآخرون يمارسون الجري قام"براد" بتدريب الفتاة الصغيرة على أساليب الذاكرة و علمها كيفية التذكر التام لقائمة تضم عشرين بندا بسهولة. و عندما عاد الآخرون تحداهم "براد" بأن يعطوا للفتاة عشرين بندا عشوائيا لاختبار قوة ذاكرتها فقاموا بفعل ذلك باستخفافلأنهم كان يعرفون مدى ضعف ذاكرتها، كما كانوا يعتقدون أنها ستخلط الأمور ببعضها. و لك أن تتخيل مدى دهشتهم(و تغير نظرتهم لها!) عندما أخذت تنطق بالعشرين بندا بدقة و سرعة من أسفل لأعلى و من أعلى لأسفل.

فقد غيرت التجربة من نظرة الآخرين نحو الفتاة، و الأهم من ذلك غيرت من نظرة الفتاة نحو نفسها و نحو قدرتها. و لمدة عامين كاملين أخذ "براد" في تعليم المجموعة كلها أساليب تقوية الجسم و الذهن. و في نهاية تلك الفترة التي استمرت عامين تم تغيير توجهات المراهقين التي كانت تتسم باليأس و إلحاق الضرر بالآخرين و الثقة بالنفس، كما أنهم عزموا على تغيير التوجهات السلبية المثبطة التي تهدد الحياة عند المراهقين الآخرين.

وكانت ذروة النجاح لمجهود العامين المتواصلين عندما قدم "براد" المراهقين أمام المشاركين في إحدى المؤتمرات التعليمية في "بلينجهام" بـ "واشنطن"، و يبلغ عددهم خمسمائة شخصية من بينهم لفيف من كبار رجال التعليم و أساتذة الجامعات، و كبار المعلمين و الكتاب. و قام المراهقون السبعة عشر- و كلهم ثقة في أنفسهم و بكل لباقة- بتحدي الحضور في جميع أنواع القدرات الذهنية بما فيها ألعاب الذاكرة و التفكير الإبداعي و الرياضات الذهنية الأخرى. و فاز المراهقون على رجال التعليم!

وأكد العمل الذي قام به "براد همفري"- دون أدنى شك- أنه بالرعاية الحقيقية و الحب يمكن تغيير التوجهات و عندما تتغير التوجهات تتغير الحياة.






اسم الكتاب: قوة الذكاء الاجتماعي
اسم الكاتب: توني بوزان
دار النشر: مكتبة جرير
تاريخ النشر: 2005
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: ص130
كلمات مفتاحية: القناعات- الثقة بالنفس- الرؤية الداخلية- الإيمان بالذات- الصورة الذهنية- تواصل مع الآخرين- تقبل الآخرين.
أرسل بواسطة: شرقي نادية أمال
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=706