الشخصية العبقرية

[د.صالح أندي]

الشخصية العبقرية
تمهيد:
من الذي يعلمنا الخروج من اليأس وبيئة القنوط؟
إنّهالعزم والرّغبة، فالعزم يولِّد الفعل، والرّغبة تولد الإبداع.
علىسبيل المثال: حين أصيب رون هيارد بالشلل التام، وشبه العمى، قرّر أطباؤه أنّه حالةيائسة لا يمكن شفاؤها، وبأنّ الشّيء الوحيد الذي ظلّ سالما من جسده هو عقله..
رفضرون هبارد الاستسلام لتقارير الأطباء، وراح يفكِّ{ بالطرق التي تساعده علىالشِّفاء من مرضه..
واستمربالقراءة والبحث، رغم ضعف نظره الشّديد، إلى أن استطاع أن يساعد نفسه بنفسه، علىالشفاء من هاتين العاهتين المستعصيتين؛ الشّلل وضعف النّظر.
وهولم يكتف بمحاولة الوصول إلى الشِّفاء فحسب، وإنّما ساعد الكثير من الأشخاص علىالشِّفاء من حالات مشابهة.
و"بيتهوفن" أبدع سيمفونيته التاسعة بعد أن فقد حاسّة السّمع،ولهذا فحيثما يشعر بعض الأفراد بأنّ لديهم القدرة والرّغبة لسد تلك الحاجة، يكونهناك إبداع حقيقي.
من هذه القصة يمكن أن نستنتج أهم صفاتالشخصية العبقرية، أو المبدعة.
صفات الشخصية العبقرية:
أولا: الشجاعة:
الشخصية المبدعة أو العبقرية تتسم بالشجاعة،والإصرار والعزم؛ لا يثنيها عن الوصول إلى الأهداف أيّ عائق مهما كان.ولديها الجراءةفي قول الحقيقة، والثقة بالنفس، وتحمل المسؤلية، ولا يهمها أن تجد معارضة لماتقدمه من إنجاز، أيا كان نوعه، فهي تدرك جيدا أن ما تقدمه هو جديد، ويحتاج إلى وقتحتى يدرك الآخرون قيمته وأهميته.
ثانيا: الذكاء:
الشخصية المبدعة دائمة الفكر والعمل، ولديهاما يسمى بالتفكير التباعدي"يستوعب جميع العمليات العقلية بامتدادها".
وفيدراسة حول مشاهير المبدعين، تبيّن أنّ 90% منهم تميز بدرجة عالية من الذكاء وحبالقراءة والاستطلاع، ومن علامات الشخص العبقري أنه لا يكف عن طرح التساؤلات،
ثالثا: البعد عن التقليد:
الشخصية المبدعة تبتعد عن التقليد والمحاكاة،وتبحث دائما عن التجديد، ومن هنا تتسم الشخصية الإبداعيّة بالمرونة والطلاقةوالنشاط، وحب المغامرة، ، والطموح، ولا يمنعها ذلك من أن تستفيد من تجارب الآخرين،إلا أنها تضيف إليها من ابتكاراتها الخاصة.
رابعا: المرونة والحيوية والنشاط:
الشخصية العبقرية، شخصية نشيطة خلاقة بالمعنى الحرفي للكلمة، لا حدودلابداعاتها، فهي لا تبدع في مجال واحد فحسب، وإنما في عدة مجالات في آن واحد.
مثال على ذلك؛ عباقرة العرب المسلمين، نبغوافي الطب والفلك والموسيقى والشعر، وغيرها من الفنون، مثل الرازي، وابن سينا، وابنجني، وعمر الخيام.
ومن عباقرة الغرب؛ "ليوناردودافنشي" كان رساما ورياضيا وميكانيكيا ومهندسا، ومكتشفا في الفيزياء.


خامسا:التفاؤل:
الشخصية المبدعة تتمتع بالمرح،والإيجابية،وبقدر كبير من الحضورالشّخصي.وهي تتسم بالشعور بالسعادة لما تقوم به من أعمال، أيا كانت صعوبتها.
سادسا:الإيجابيّة:
المبدع شخص إيجابي، كريم، يسعى بالخير للغير،وكما يحب لنفسه الخير، يُحبُّه للآخرين.
سابعا: الأخلاق:
الشخصية المبدعة مهذّبة في التعامل معالآخرين، وتتصف بالصدق والعدالة، ومراعاة القيم الإنسانية.
وإذا اجتمعت العبقرية مع القيم الأخلاقية،والمباديء الإنسانيّة، فعندئذ فقط تتحقق العدالة والحرّة والسّلام لجميع بنيالبشر.


سؤال:هل السِّن له تأثير في الإبداع؟
النتاجات الإبداعيّة تنمو باستمرار حتى الثلاثين إلى الأربعين من العمر،ثمّ تهبط تدريجيا.
وعلى سبيل المثال؛ اخترع باسكال آلة حاسبةوهو في الثامنة عشرة من عمره، وسكاي دايتون؛ أحد الطلبة في مدرسة"دلفاي" بـ"لوس أنجلوس" اخترع شبكة" الإيرث لينك"الدولية، وهو دون الثامنة عشرة، وقد بدأت شركته بموظّفين، وهي تضم الآن أكثر من"1200" موظّفاً وموظّفة".
ولكن هذا الأمر ليس على عممومه، ففي المجالاتالمرتبطة ارتباطا مباشرا بالمران والممارسة والخبرة، كالسياسة، والحكمة، والفلسفة؛كلما ازداد العمر كلما ازداد الإبداع.
وصلى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم
د.صالح أندي
مدرب وباحث في التنمية البشرية