موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
تعلم فن الاستفزاز
لمن لا يعلم، فإن الاستفزاز له فوائد جمة. ومن هذه الفوائد على سبيل المثال لا الحصر أنه يعمل على إراحة أعصاب الطرف المستفِز، وحرق أعصاب الطرف المستفَز.
فيسعد الطرف المستفِز بإثارة حنق الآخرين، وتنخفض الدهون في جسد الطرف المستفَز بسبب حرقة الدم.
والحقيقة أنه من السهل أن تكون مستفَزا، فكل ما يلزمك هو أن تكون إنسانا عاديا لكي يسهل استفزازك. لكن ليس سهلا أن تكون مستفِزا. فهذا فن لا يتقنه إلا القليلون وخاصة الأوغاد منهم.
فالمستفِزون هم الذين يعملون ليل نهار على حرق أعصاب الآخرين، وحشو جروحهم بأكياس الملح!
بل وثمة أشخاص ما أن يحلّوا في مجلسٍ، حتى يفرد ملاءته كالبائع يعرض بضاعة الاستفزاز فيبدأ بالضحك والسخرية من هذا وذاك والطرف الآخر يستشاط غضبا ولا يدري كيف يسكت هذا المستفِز.
لقد شهدت ذات يوم انقطاع وشيجة الصداقة بين طرفين كلاهما مستفِز. استمرءا الاستفزاز، فكان مجلسهما عبارة عن جلسات استفزاز واستفزاز مضاد. حتى جاء اليوم الذي تحول الاستفزاز فيه إلى عراك بالأيدي انتهى بفسخ عقد الصداقة إلى الأبد.
ما هي فوائد الاستفزاز؟
عود على بدء، بعد هذا كله، هل يمكن أن تكون ثمة فوائد للاستفزاز؟ بالتأكيد له فوائد.
إلى جانب كما قلت حرق الأعصاب وغليان الدم والتخلص من الدهون، فإنه يعمل على استنطاق الحجر. وهذا الأمر هام جدا خاصة للأزواج الصامتين والزوجات الصامتات.
إذا كان أمامك شخص صامت ما عليك إلا أن تستفزه. استفزازك هذا سيجعل ذلك الشخص أمام اختيار حياة حقيقي. اختبار على شاكلة يا قاتل يا مقتول. لأن الاستفزاز لعبة خطيرة قل من يجيدها. قليله نافع وكثيره مضر. فيجب استخدامه بحذر.
لأن الاستفزاز قليل من يصمد أمامه. إنه يجعل من فم الإنسان الصامت مثل خرطوم سيارة الإطفاء، ما أن ينطلق الماء منه فإنه يحتاج إلى يد قوية جدا لإيقاف صنبور الماء الغاضب المتعطش لإخماد النيران.
ذلك أن للاستفزاز فعل السحر على المستفَز، فإنه يصل بدرجة حرارة عقله إلى درجة الغليان الزئبقية فتتطاير الكلمات في كل اتجاه مثل انفجار سيارة مفخخة إن صحّ (التفجير)!
هل انت ممن يسهل استفزازهم؟
كنت في السابق من أولئك الفئة. سهل الاستفزاز مثل الغالبية الساحقة من الناس. ثم وجدت نفسي أتعلم فن الاستفزاز شيئا فشيئا. أقصد فن ابتلاع الاستفزاز. فكم جميل أن يكون الإنسان ذو مشاعر متبلدة، على الأقل يشعر بالراحة حين يقف أمام طرف مستفِز.
لكن يبدو أن ذلك ساعدني أن أصبح مستفِزا في بعض الأحيان. لا يعني ذلك أنني أصبحت مستفِزا إلى حد القرف، لكني أحيانا أستخدم الاستفزاز بتذاكٍ...أو بخبث إن شئت...
فأحيانا حين أكون أبحث عن المتعة الحلال ... أقصد متعة التجول في النفوس البشرية بطريقة شرعية!
أفتح الفيسبوك وأسأل سؤالا أو أضع تعليقا أو خبرا أو فيديو، فتبدأ التعليقات. دائما أجد شخصا ما في بقعة ما في وقت ما ينحرق دمه، وربما يلهبني بسياط كلماته. فبدأت أفهم أمزجة الناس.
فتلك الفتاة التي قالت أنه لولا خشيتها من الله لسجدت أمام راشد الماجد لم تأخذ معي (غلوة شاي) كما نقول...بكلمتين فقط، كشرت عن أنيابها وأظهرت أنها ليبرالية متعطشة لسفك دماء السلفيين.
وذلك الشاب ما أن تضع فيديو أمامه حتى يسيل لعاب شدقيه وينخر في عظام العلمانيين فنعرف بأنه سلفي.
وشاب آخر ما أن تتحدث عن المرأة أمامه، فتعرف أي زير نساء هو.
وتلك الشابة العاشقة، ما أن تضع بيت من الشعر حتى تنهار (لايكات) (إف يو لايك( من قبل الشباب سواء فهم بيت الشعر أم لم يفهمه، المهم أن يبدي استعداه للإعجاب بأي شعر تقوله تلك الفتاة. لقد استفزاز (شهامة) ذاك الشاب إلى أبعد حد!
هكذا نحن البشر... نحتاج دوما إلى المفتاح لكي نتحدث... ربما الاستفزاز هو الذي يسهل عملية الحديث... لا أدري... أليست الأشياء تعرف بأضدادها؟
الذي خبرته أنه يمكن لك أن ترسم خارطة لأمزجة أصدقائك من خلال تعلم فن الاستفزاز الرشيد...
المفضلات