عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 29
هل أنت مثالي؟
هل أنت مثالي؟
نغضب عندما “يخطأ” الآخرون. ونحتقر أنفسنا عندما نخطأ ونسمعها أقسى الكلام. دقيقين حد الجنون بشكل غير منطقي مع تصرفاتهم وتصرفاتنا. وقد يكون بعض الناس يركزون على الآخرين أكثر، وبعضهم على أنفسهم أكثر!!!.
الأمر كله، كما في كثير من الأمور، يعتمد على معتقداتنا. لدينا هذا الصوت الحازم المصرّ أن تكون الأمور دوما “صحيحة” و “كاملة” و”ممتازة” وكما نريــــــــــــــــــــــ ــــد “نحن”!!! ليس كما يتصرف الآخرون ولا كما يريدون أو يفكرون!!! لا بل كما نريد نحن!
كلنا نعلم ما سأكتب الآن لكن لا نطبقه، وهذا يسمى إدراكا وليس عقلا. الإدراك أن تعرف الأمر أو المعلومة، لا تطبقها يعني لم تعقلها، لم تدخل قلبك بشكل صحيح. المعلومة هي أن الكمال أو المثالية مستحيلان. نحن بشر. الكمال لله وحده فقط. لو قفزنا من هنا لسابع سماء وجلبنا منها قطعة غيم ورجعنا، لن نصبح كاملين. ولن نصل للمثالية. لكن لم نصر على أن نتعب أنفسنا؟
أولا. سأبدأ بالحديث عنك أنت. يعني عندما نحرص أن نكون نحن مثاليين. وسندع الحديث عن توقع المثالية من الآخرين بتدوينة أخرى قريبا.
اسمع أو اقرأ هذا الكلام جيدا. الكمال أو المثالية وأن يكون كل شيء ممتاز أمر مستحيل. مستحيل. تقبل هذا الأمر. لا يوجد حل آخر. ودرب نفسك حبة حبة وستصل لهذه القناعة. كلما أتاك صوت يقول أو يحرضك على المثالية بأي شيء، اجعل صوتك القوي يرد عليه ويصفعه في وجهه ويقول، لا، ليست مشكلة لن أعطل نفسي وفكري وقلبي وروحي!!! المهم أن يكون جيدا قدرما أستطيع. وهذا ينطبق على أعمال أنت تقوم بها، أو تصرفاتك الشخصية.
بالنسبة للأعمال: رائع جدا جدا أن تحب التميز، وتحب أن يكون عملك مختلفا وبارزا. اسع لذلك، ليست مشكلة، اسع له، لكن، لا تذبح نفسك من أجله!! لأن ذلك يعني أنك لا ترضى إلا بالكمال في العمل وأنت تعلم أنه لا بد أن يكون شيء أقل ولو بقليل مما تريد أو مما تتصور، لكنه يظل جيدا وجيدا جدا. صح؟ تذكر ذلك حسب آخر عمل أتعبت نفسك أكثر من الحد المعقول لأجله.
بالنسبة لتصرفاتك الشخصية، وهذا الأهم: كلنا نخطأ. كلنا. نخطأ بتصرف أو بكلمة. لا يهم شكل الخطأ. لكن كلنا نخطأ والخطأ ثمن لكي نتمكن من فعل الصواب. أن تمنع نفسك من الكثير من الأمور أو الأهداف أو حتى النقاشات مع الآخرين لأنك تخاف أن تخطأ وتخاف أن تتغير صورتك عندهم وتخاف أن يظنوا بك كذا وكذا وكذا وتخاف وتخاف وتخاف، هذا سعي لشيء معاكس للفطرة الانسانية، أنت تحرم نفسك من حق عيشك كبشر لأنك تريد أن تكون كل نظرات الناس لك كما تريد “أنت” وتريد أن تكون كل الأمور تحت سيطرتك!! وهذا لا يحصل. يا صديقي لا يحصل.
أولا، أن تمنع نفسك من شيء لأنك لا تريد أن تخطأ أو تفشل فلتعلم أنك بذلك تحرم نفسك لأن الخطأ طبيعي ووجوده يحفزك على أن تنجح. وكلنا نعرف قصة أديسون واختراعاته وقصة كنتاكي وغيرهم الذين فشلوا أولا ثم نجحوا وننبهر بذلك لكن عندما يأتي الأمر لنا نتجمد ولا نريد أن ينظر لنا أننا فاشلون، و “فشلة أسوي هالشي وما ينجح”. ليس شرطا. قد تنجح من أول مرة وقد تتعلم كيف تفعل الأمر بشكل أفضل. الأمر كله يعتمد على نظرتك أنت. لا تحرم نفسك أهدافك.
ثانيا، لو حصل وقلت كلمة أو كلمات ليس من حقك أو ليس من الأدب قولها، اعتذر. نحن بشر وقد يحصل ذلك. اعتذارك دليل على أنك تتقبل ذاتك وتتقبل أنك بشر ضعيف مثل جميع الناس وقد تخطأ، الأهم الاعتذار وأخذ العبرة والدرس أن لا تقول هذا الكلام مجددا أو الاسلوب أو نحوه. حرر نفسك. قد تحرص أن لا تجرح الآخرين بكلامك، وهذا أفضل وأقوى فعل أبيض تقوم بفعله، لكن قد يحصل دون قصد أن تقول كلمة أو تنطق بكلمتين، ورأيت أنها أحزنت أو أثرت على أحدهم، اعتذر وسامح نفسك. والأهم هنا، المثالية في هذا السياق هي أن تظل في كل كلمة تقولها أو تقال لك، كل كلمة، تفكر فيها، ماذا تقصد؟ ماذا يقصد؟ ما معنى هذا؟ لم قالت هذه الكلمة؟ هل هي تقصد أني كذا؟ أكيد يقصد أنه كذا… هذا استهلاك لطاقتك الداخلية ولراحة عقلك، هذا يأخذ مساحة كبيرة من عقلك دون فائدة. لا تدقق كثيرا. عش حياتك. حرر نفسك.
ثالثا، يا صديقي، قد تعرف هذا الكلام لكن من المهم أن نتذكره ونظل نتذكره حتى نكتسب هذه العادة. أن نتحكم بالآخرين وبظنونهم وبآرائهم وتصرفاتهم ونظراتهم أمر مستحيل. أمر لا يحصل مطلقا وإطلاقا. كل إنسان يتصرف حسب نظرته لنفسه وحسب ما يخاف منه ويقلق وحسب حاجاته، لذلك كل انسان يعبر عن نفسه ولا يعبر عنا، فأن نكون نقلق لدرجة الجنون لما “قد” يظن الآخرون هذا تصرف غير عقلاني!! تذكر كل إنسان يعبر عن نفسه. عوّد نفسك حبة حبة وعلمها ذلك. وأننا لا نستطيع التحكم بأفكار وتصرفات وظنون الآخرين. حرر نفسك منهم. درّبها وستتعود أن تبتسم لهم بدلا من أن تزعج حياتك بالتفكير فيما “قد” يظنون!!!
طبعا نحن بشر، عندما نقول لا تهتم بكلام الآخرين، ولا تدقق كثيرا في الكلام، ولا تخف أن تخطأ في طريق تحقيق أهدافك، ولا تذبح نفسك ساعيا لكمال أعمالك، لا يعني ذلك أن لا تشعر أو تفكر بذلك بعد اليوم!!!! لا. وهذا أهم درس نأخذه هنا. نحن بشر ولسنا مثالييون، لكننا نسعى لحياة أفضل. قد يحصل وأقلق من كلام الآخرين، ليست مشكلة، أتقبل ذلك وأعالجه فورا، يعني أتحدث مع نفسي كما أحدث طفلة صغيرة تخاف أن يضحك عليها الناس، وأنهي الأمر وأجعل قلبي من الداخل يرتاح. هذا المهم. وقس على ذلك كل شيء. المهم أن تتقبل أنك بشر. وعندما تتعلم مهارة أو عادة أنت تفعل ذلك لكي تشعر أنت بشعور أفضل، ولو حصل وفكرت أو قلقت أو أخذ أمر حيزا من تفكيرك وهو لا ينفعك، فأنت تتصرف معه فورا، من أجلك.
الحديث عن المثالية والسعي لها (والتخلص من هذا المرض) لا ينتهي، وسنتطرق بين فترة وفترة لزوايا مختلفة منه. المهم، يا صديقي، خذ نصيحتي وتجربتي، حرر نفسك من سجن المثالية مع نفسك ومع الناس. وتذكر أن الفارق في المثالية هو شعورك بالخنق. الشعور بالخنق هو الفيصَل لكي تعرف هل أنت تسعى للمثالية أم أنك طبيعي وتتصرف بأريحية كانسان؟
المفضلات