حركات الجسم والرأس تكشف ما في نفس الإنسان


بما أن الإنسان كائن مركب من شيئين المادة والعقل ولكل منهما تأثيره في تكوينه الخَلقي والخُلُقي.
يعني بين أفكار المرء وأخلاقه ونهجه في الحياة وتصرفاته العامة، من جهة وبين تركيبه الجسمي وسحنته من جهة ثانية، روابط وثيقة وصلات محكمة هي التي تكوِّن الشخص في مجموعه وتفصيلاته.
فصفات المرء المعنوي من تفكير واتجاهات وتصرفات تلبس المرء لباساً من المادة يختلف إذا ما اختلفت هذه الصفات المعنوية ويكون هذا اللباس المادي الخارجي وهو الجسم بحالاته المختلفة وحركاته دليلاً قاطعاً على ما في النفوس من طباع وصفات كما هو الثابت علمياً.
إضافة إلى أن مطلق حركات الإنسان لها دلالات ظاهرة أو خفية فقد ثبت أن حركات الجسم والرأس واليدين تساهم في الثقة الإيجابية، فعندما تهز الرأس موافقاً أو معارضاً فهذه ليست مجرد
رسالة إلى الآخرين بل قد تكون رسالة ذات تأثير فيك أيضاً.
وأثبتت دراسة حديثة أن هذه الحركات البسيطة تؤثر في مدى تصديق أو موافقة الناس على الرواية التي يستمعون إليها خلال هز الرأس بالإيجاب أو الرفض واكتشف الباحثون
أن حركات الجسم الأخرى يمكن أن تؤثر في المواقف حتى بشأن قضايا هامة مثل تقدير الذات ويحدث تأثير هذه الحركات في الناس دون أن يدروا بذلك.
ويقول ريتشارد بيتي أستاذ علم النفس بجامعة أوهايو المشارك في الدراسة نحن نعتقد أن تحريك الرأس بالقبول أو الرفض هو نوع من الاتصال مع الآخرين لكنه أتضح أنه اتصال مع الذات أيضاً، ويقول بيتي أن حركة الرأس وحركات الجسم الأخرى هي نوع من التأكيد الذاتي الذي يؤكد لنا ما نشعر به وما نفكر به بشأن قضية ما.
نشرت هذه الدراسة مجلة سوشيال سيكولوجي (علم النفس الاجتماعي) في أحدث اعدادها وقام الباحثون خلال هذه الدراسة بإخبار 82 طالباً جامعياً أنهم يختبرون
سماعات أذن موسيقية وطلبوا منهم الحكم عليها أثناء الرقص أو العدو الطبيء.
وطلب الباحثون من نصف الطلاب المشاركين الإيماء بالرأس (للموافقة) مرة كل ثانية وهم يرتدون السماعات وطلبوا من النصف الآخر تحريك الرأس يميناً ويساراً (الرفض) خلال الاستماع للموسيقى عبر هذه السماعات واستمع الطلاب المشاركون جميعاً إلى نفس المادة المسجلة.
وكشفت التجربة أن حركات الرأس أثرت في رأي الطلاب في الرواية المسجلة، لكن هذا التأثير كان معقداً أكثر من المتوقع.
ثبت أن حركة الرأس بالموافقة تعني أنك تقول لنفسك أنك واثق في أفكارك سواء كانت تلك الأفكار إيجابية أم سلبية.
وأتضح أن حركة الرأس بالرفض (يميناً ويساراً) تعني العكس، أي أنك لا تثق في أفكارك وأتضح ذلك من أن الطلاب الذين وافقوا على الرواية الواردة في التسجيل هزوا رأسهم بالموافقة بانفعال أكثر من هز الرأس بالرفض وذلك لأن هز الرأس بالموافقة يزيد الثقة في الأفكار المحمودة أكثر من هز الرأس بالرفض.
والطلاب الذين لم يوافقوا على الرواية المسجلة كانوا أقل انفعالاً عند تحريك الرأس بالإيجاب مقارنة بتحريك الرأس بالرفض، وذلك لأن حركة الرأس بالإيجاب تعزز الثقة في الأفكار السلبية مقارنة بهز الرأس بالرفض بالنسبة لهؤلاء. ويقول الباحثون أن تحريك الرأس لا يعني الموافقة على كل ما تسمع ومن المفاجآت التي كشفوها أنه إذا كانت أفكارك
سلبية في الوقت الذي تومئ فيه بالإيجاب فإن هذه الحركة تعزز الإحساس بالرفض.
واثر تحريك الرأس بالإيجاب يزيد من ثقتك في أفكارك السلبية (غير الموافقة) وعندما تكون الأفكار إيجابية (موافقة) يزيد تحريك الرأس بالموافقة من الثقة في هذه الأفكار
وبالتالي ارتفاع مستوى الاقتناع الداخلي.
واثبتت تجربة أخرى نفس النتائج حتى عندما كان المشاركون يقررون شيئاً معروفاً، هو بخصوص أنفسهم وحدث ذلك بحركة مختلفة تماماً هي حركة الكتابة باليد طلب الباحثون من المشاركين كتابة ثلاث خواص جيدة أو سيئة بخصوص مستقبلهم العملي لكن الباحثين طلبوا من مجموعة الكتابة باليد اليمنى ومن أخرى الكتابة باليد اليسرى (الجميع كانوا من الذين يستخدمون اليد اليمنى في الكتابة) ثم طلبوا منهم تقدير مدى ثقتهم في الأفكار التي دونوها.
وأثبتت النتائج أن الطلاب كانت ثقتهم أكبر في الأفكار التي دونوها عندما كتبوها باليد اليمنى مقارنة بنفس الثقة عندما كتبوا الأفكار باليد اليسرى.
استخدام اليد المعتادة في الكتابة (اليمنى في هذه الحالة) مقارنة بالإيماء بالإيجاب أثر
في مدى ثقة المشاركين في أفكارهم.


وفي كل الدراسات سأل الباحثون المشاركين أن يقرروا إذا كانوا يشكون في حركة الرأس أو الكتابة وإذا كان ذلك أثر في مواقفهم لم يظن أيهم أن حركة الرأس أو الكتابة باليد المعتادة اثرت في مواقفهم.
ويقول بيتي أن كل حركات الجسم بما فيها الابتسام وعوامل أخرى مثل الحالة المزاجية تؤثر في المواقف إلى درجة كبيرة لا ندري عمقها ويضيف نحن نحب أن نعتقد أننا نفكر منطقياً ونحب أن نعتقد إذا كنا نثق في شيء ما فإن هذا بسبب تناولنا للقضايا بالفحص العميق نحن بالطبع لا نريد أن نعتقد أن ثقتنا سببها الابتسام أو الإيماء بالرأس أو لأننا في حالة مزاجية جيدة لكن يبدو أن هذه هي الأسباب الحقيقية للثقة، ويقول بيتي أنه من الأهمية بمكان أن تؤثر حركات الجسم في ثقتنا في أفكارنا عن قضايا في حياتنا هامة لنا وأننا فكرنا عميقاً بها، مثل تقديرنا لأنفسنا.
الحقيقة أن هذا يؤثر في قراراتنا الهامة عندما نعمق التفكير وهذا يعني نوعاً من الخطورة إلى حد ما فلا بد أن نتوخى الحذر عند تقدير أفكارنا ونحتاج إلى التفكير في سبب الثقة أو عدم الثقة في مواقف معينة