كان الجو ربيعا.
مالت الشمس بأشعتها الفضية نحو المغيب، وهبت ريح الريف المفعمة برائحة الأعشاب البرية ودخلت من نافذة القطار حيث كانت تجلس سيدة في منتصف العمر.فأخذت نفسا عميقا وأغمضت عينيها كما لو أنها تطوي المسافات لتصل إلى حيث قضت طفولتها، لتلتقي بجدتها في قرية على شاطئ البحر...
ما إن رأت الحفيدة جدته حتى رمت بنفسها في أحضانها, شعرت الجدة إن حفيدتها تحمل عبئا أثقل كاهلها......وتود أن تتحدث لتخفف من وطأه الأحداث عليها، فنظرت إليها مبتسمة ومرت بيدها على رأسها....
بدأت الحفيدة بالحديث عن المصاعب التي واجهتها....تكلمت عن إيذاء الآخرين لها ،حتى من تحسن إليهم بل حتى من اعتبرتهم أصدقائها المقربين، لقد فقدت ثقتها في الكثيرين حتى ظنت أن لا احد في هذه الحياة يستحق أن تثق به...ولذلك فترت همتها عن ان تمضي قدما في مشاريعها التي كانت قد أحرزت فيها من قبل نجاحا مهما.....
كانت الجدة تنصت في صمت دون ان تغادر الابتسامة محياها،وبعدما أنهت الحفيدة حديثها أمسكت بيدها،
ثم اصطحبتها إلى شاطئ البحر،وهناك التقطت الجدة صدفة وسالت حفيدتها:
هل تعرفين لمن هذه الصدفة؟-
إنها لمحارة تنتج اللؤلؤ. أجابت الحفيدة.-
فتحت الجدة المحارة وأشارت إلى اللؤلؤة بداخلها قائلة وهل تعرفين كيف تكونت ؟
لا.-
- عندما تدخل حبة رمل أو أي جسم غريب داخل جسم المحارة ...فانه يسبب لها الألم ، وتبدأ بإفراز مادة تغطي بها هذا الجسم لتتخلص من هذا الألم...... إلى أن تتكون اللؤلؤة بشكلها النهائي الذي نعرفه.
وكذلك هي الحياة :قد لا نملك أن نتجنب التعرض للألم والأذى لكننا نستطيع أن نجعله حافزا يدفعنا لتحقيق وانجاز أشياء قيمة في حياتنا.
( مليكة تبحيري)