كان هناك أحد الشباب الذي يتسم بالاستهتار وعدم المسؤولية حتى أنه كاد يصيب والديه بالجنون. كانت مشكلته هو أنه يعيش في اللحظة الحاضرة فقط دون أي اعتبار للعواقب. فإذا حدث أمر ما جعله يقضي الليل كاملا خارج البيت, فانه يفعل ذلك وكان يستجيب لما يواجهه من أمور مباشرة (الأمور التي يتقدم نحوها) ولا ينظر إلى عواقب أفعاله (الأمور التي ينبغي عليه الابتعاد عنها)، عندما قابلت هذا الشاب وتحدثت معه, استنبطت برامجه العليا.

فعرفت أنه كان يتقدم إلى الأمور, وأنه يتصرف تبعا للضرورة. ثم بعد ذلك بدأت في استنباط قيمه. وظهر أن أعلى قيمة لديه كانت الأمن والسعادة والثقة, وكانت هذه الأمور الرئيسية التي يريدها في الحياة. ولذا أقمت معه علاقة ألفة عن طريق تقليده ثم بعد ذلك – وبأسلوب متوافق ومتناغم تماما –بدأت أوضح له كيف أن تصرفاته كانت تقوض أكثر الأشياء التي كان يقدرها. كان الشاب قد عاد للتو بعد تغيبه يومين كاملين عن البيت دون إذن من والديه, ودون إبلاغها بذلك. فأخبرته بأن والديه كاد صبرهما ينفذ وأن سلوكه سوف يقوض الأمان والسعادة والثقة التي كانت أسرته توفرها له.

وأنه إذا استمر على حاله فسينتهي به الأمر في مكان لا يشعر فيه بالأمان ولا السعادة ولا الثقة, ويمكن أن يكون هذا المكان هو السجن أو الإصلاحية, وإذا لم يتحمل المسؤولية بدرجة كافية للعيش في البيت, فان أبويه سيرسلانه إلى مكان يتولى فيه شخص أخر مسؤوليته وهكذا, قدمت له شيئا ليبتعد عنه، شيئا كان على نقيض قيمه. ومعظم الناس, حتى وان كانوا – في العادة – يقدمون على الأشياء, فإنهم سيبتعدون عن خسارة قيمة رئيسية, وبعد ذلك, قدمت له بديلا متفائلا, شيئا يقدم عليه.

قدمت له مهاما معينة لتكون بمثابة إجراءات تحقق لأبويه لاستخدامها في تحديد قدرتها على الاستمرار في دعم الأمان والسعادة والثقة التي كانت مهمة جدا بالنسبة له. فكان عليه أن يعود إلى البيت في ا لعاشرة مساءا من كل يوم, وأخبرته أننا سنراجع تقدمه في غضون ستين يوما. وإذا ما ظل على الوفاء باتفاقاته فسوف يزيد مستوى ثقة والديه به, وكذلك سيزيد مستوى دعميهما لسعادته الشخصية وأمنه.

وقد أوضحت له أن تلك الأمور كانت ضرورية للغاية, وأنها أمور يجب عليه أن يتقدم نحوها الآن. وإذا خرق اتفاقه مرة واحدة, فسوف ينظر إلى ذلك على أنه تجربة للتعلم, وإذا خرقه مرتين فسوف يكون ذلك إنذارا بالنسبة له. أما إذا خرقه مرة ثالثة, فسوف تكون هذه نهايته .إن ما قمت به هو أنني قدمت له أشياء يبتعد عنها على الفور من أجل أن يحافظ على استمتاعه بالأمور التي يقدرها ويستمتع بها.

وفي الماضي لم يكن لديه الأشياء الصحيحة التي يتقدم نحوها والتي تساند علاقته بوالديه. وقد أوضحت له أن هذه التغيرات كانت ضرورية جدا, وقدمت له إجراء تحقق محددا لاتباعه وفي أخر مرة, سمعت فيها أخبارا عنه, كان ما يزال يتصرف كولد نموذجي. لقد وفرت برامجه العليا – إضافة إلى قيمه الأدوات المثلى لحفزه. لقد قدمت له طريقة ليصنع لنفسه بها الأمان والسعادة والثقة التي يحتاج إليها.









المرجع: قدرات غير محدودة
اسم الكاتب: انتوني روبنز
رقم الصفحة: 488-489
دار النشر: مكتبة جرير
كلمات مفتاحية: البرامج العليا – القيم – التحفيز – المرجعية الداخلية.
أرسل بواسطة: وليد اليوسف
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=51