من السهل أن تفكر في الشجاعة كحالة مرتبطة بالمواقف الدرامية والأحداث غير العادية، مثل نقل رسالة إلى ما وراء خطوط العدو، أو العيش مع مرض مزمن، أو الدخول في منزل يحترق لإنقاذ طفل. ولكن الكثير من حالات الشجاعة موجود في حياتنا اليومية كل لحظة، فيما بين حدوث أي مثير أو حدث واستجابتك له. يحتاج الأمر إلى شجاعة نادرة كي تكون شخصاً له تجديدي. يجب أن تتوقف عن نقل الاتجاهات السلبية التي تتناقلها الأجيال مثل الإساءة وسوء الفهم، وأن تستبدل ذلك بالتصرف بناء على مبادئ الكرامة الإنسانية والاحترام. تحتاج الشجاعة لكي تكون صادقاً مع نفسك، وفي أن تختبر دوافعك الداخلية العميقة، وأن تتخلى عن تلك التبريرات والأسباب التي تقف بينك وبين أن تحيا حياة حقيقية بكل ما تملك من ملكات.

تحتاج الشجاعة لكي تعيش حياة مبنية على مبادئ، عارفاً بأن اختياراتك لن ترضي الغير. أنك تحتاج إلى الشجاعة لكي تعرف بأنك أنت أكبر من انفعالاتك وأفكارك، وأن بإمكانك أن تتحكم في هذه الانفعالات والأفكار.

تقول REBECCA:في إحدى المرات قررت أن أحضر دورة تدريبية لمدة أسبوع. كان لدي رؤية واضحة حول ما أتوقع الوصول إليه، خاصة ما يتعلق بأهداف المربع الثاني، والتي توقعت أن أحققها أثناء وبعد محاضرات الدورة. ولكي ظهر لي نوع من التعارض منذ أول يوم في الدورة عندما ُطلب مني تنسيق بعض أنشطة المشاركين في الدورة أثناء انعقادها.

عندما تنظر إلى الأمر بعمق، فإنك تجد أن الإسهام في نجاح الآخرين في هذه الدورة من خلال القيام بهذه الأنشطة كان منسجماً تماماً مع ما أعتقد من قيم ومبادئ. وكلما فكرت في الأمر كلما تبين لي أنني لا بد وأن أقوم بهذا العمل. وكان لدي شعور بالضيق بسبب تفكيري في الأمر كان سيكون مختلفاً عما خططت وتوقعت.
قبلت المسؤولية... ولكن وجدت نفسي تحت المزيد من الضغط والقلق أركض من عمل إلى آخر محاولة أن أرضي ما يطلبه كل فرد، كما كان الضيق ينتابني بسبب تنفيذي للأهداف التي كنت أتمنى أن أنجزها. في خضم هذه المشاعر السلبية، توقفت لحظة لأقول لنفسي: إنه لا داعي للاستمرار في هذا الضيق.

لقد اتخذت قراري بعمل الشيء الذي شعرت أنني يجب أن أقوم به، وهذا لا يعني أن أعاني كل هذا الضيق. إن علي أن أتصرف بشكل مختلف! وعند هذا الحد شعرت بأن كل الضيق والقلق كان قد ولى، وبديلاً عن ذلك شعرت بشيء من الإصرار على مواجهة تحديات تلك المهمة بشجاعة حتى أقوم بتلك الأعمال التي شعرت أن من واجبي القيام بها ثم تجاهل ما عدا ذلك. لم يكن هذا قراراً اتخذته والسلام، ولكن كان علي أن أسترجعه في ذهني بين الحين والآخر عدة مرات أثناء الأسبوع كلما عاودتني مشاعر القلق والضغوط. لقد كان من السهل أن أغرق في القلق والضغوط ولكن في كل مرة كنت أقول لنفسي "لقد اخترت اختياراً مختلفاً" وعندها كانت تأتيني القوة أكثر وأكثر.

للحظة ظننت أنه من المفترض أن نصف هذه الأفعال البسيطة "بالشجاعة". الأمر فعلاً يحتاج إلى شجاعة لكي نقوم بعمل ما يجب أن نعمله في لحظة القرار، تاركين جانباً كل الأسباب والمبررات والمنطق وراء عبارة "لكن لو كان" التي قد تسبب ضياع ما يجلبه هذا القرار من راحة نفسيه وسلام. بمراجعة هذا القرار، أعرف أنني لو كنت رفضت قبول هذه المهمة، لشعرت بالتعب والتشتت والازدواجية طوال الأسبوع. أما الخبرة التي خرجت بها من هذه المهمة فقد كانت رائعة، وأعطتني الكثير من القوة والتجدد بما يفوق توقعاتي.

يقول EMERSON:إن المهام التي نداوم على فعلها يصبح من السهل القيام بها. إن ذلك يحدث لأن طبيعة هذه المهام لا تتغير ولكن قدرتنا على الفعل هي التي ازدادت. فعندما نتعلم أن نسأل بهدف وبإرادة، ونستمع إلى ضميرنا دون أعذار، ونتصرف بشجاعة، فإننا ننمى قدراتنا على الحياة وفق المبادئ الصحيحة.









المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 260-262
كلمات مفتاحية: الشجاعة في اتخاذ القرارات – مواجهة الضغوط والتحديات – تحمل المسؤولية – الرضا الداخلي
أرسل بواسطة: إدارة الموقع
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=92