دعنا نقدم لك خبرة تعد نقطة تحول في حياتنا، والتي أدت إلى اقتناعنا بوضع الأمور الأهم أولاً.
تقول REBECCA: منذ عدة سنوات كان كل أبنائي في سن المدرسة، ولذلك قررت أن أعود أنا أيضاً إلى المدرسة. يوم تزوجت كنت في منتصف الطريق، وجدت أن الزواج وتربية الأولاد يجب أن تأتي أولاً. ولم أندم قط على هذا القرار، فقد أدى إلى مزيد من السعادة والمتعة والتحدي والتعلم. ولكن نتيجة لذلك لم أحصل على الدرجة الجامعية. ولذلك عندما كبر الأولاد قررت العودة إلى الجامعة. لم أتوقع المشاعر التي انتابتني لحظة عودتي إلى الحرم الجامعي لتقديم طلب الالتحاق بالجامعة. لقد غمرني شعور بالسعادة، والمغامرة، والإثارة، والرغبة في التعلم، بل وحتى برائحة الكتب!

كدت أطير من الفرح وأنا في طريقي إلى مكتب التسجيل لمراجعة درجات المواد التي أنهيتها سابقاً، حيث أن السبيل إلى استكمال الدراسة ممكن. عندما غادرت المبنى كنت أفكر في كيفية الاستعانة بمن يحمل عني أعباء البيت والأسرة حتى أتفرغ كل الوقت للدراسة الأكاديمية.عدت إلى البيت أفكر. كانت التحديات مثيرة. لقد أنهيت بعض المقررات خلال عدة سنوات ماضية كما أنني أنهيت البعض الآخر بعيداً عن الجامعة. ولكن فكرة التفرغ الكامل للدراسة كانت شبه مسيطرة. وأقول "شبه" لأن هناك صوتاً بداخلي يقول "أسرتك مازالت تحتاجك". كم أحب أن أنصت لهذا الصوت. كان لدي العديد من الأسباب لتبرير عودتي للجامعة. ولكن هذا الصوت الداخلي أصبح مصدراً للقلق لم يستطع الحماس والمنطق من التغلب عليه. عندما توقفت عن الصراع مع هذا الصوت، وبدأت في الإنصات له جاءني شعور حقيقي بأن في حياتي الأسرية أشياء كثيرة أهم من مجرد العودة إلى الجامعة.

كان ذلك من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي. وكأنني قد حرمت نفسي من شيء كنت على وشك الاستمتاع به، ولكنه اختفى فجأة. ولكن كان بداخلي شعور عميق بأن ذلك القرار كان القرار الصحيح. لحظتها علمت أنني يجب أن أعيد تركيز جهودي في اتجاه العطاء نحو أطفالي. لقد ضاعفت جهودي لبناء حياة أسرية أفضل. وبالنسبة للجامعة، حاولت تسجيل مادة واحدة في كل فصل، في دروس مسائية، حيث درست علم النفس والأحياء والعلوم الإنسانية. وكان ذلك ممتعاً ومفيداً. ولكن المتعة في الدراسة ما كانت لتقارن بالمتعة التي حصلت عليها من العناية بأبنائي، خاصة عندما رزقنا بطفلين آخرين في السنوات التالية. إنني أنظر إليهم الآن وأتساءل: ترى ماذا كان الحال لو أنني اخترت الطريق الآخر؟!

لقد قادني صوت ضميري من الداخل إلى اختيار بديل يتناقض تماماً مع المنطق والضغوط الاجتماعية. لقد قادني إلى قرار وضع الأسرة أولاً في وقت كانت هناك قوة اجتماعية ونفسية هائلة تدفعني إلى طريق آخر. لقد قادني فيما بعد لتقبل فرصة مثيرة وهي أن أعمل معStephen في كتاب عادات العمل السبع، والذي أتاح لي فرصة تقديم عطاء ما كان لي أن أتصوره. كان ضميري دائماً المصدر لكل قرار صحيح اتخذته. إنني أشعر بأن هناك حكمة بداخلي هي أكبر من حكمتي الشخصية، وأن العيش بانسجام مع تلك الحكمة الأكبر هو مصدر للعطاء والسعادة.

يقولROGER : منذ عدة سنوات عندما كانت أعمالنا تواجه صعوبات النمو اتخذت قراراً أنا و REBECCA من النوع الذي يداخلنا في حالة عدم إطاعة الضمير لمدة عام أو عامين. قررنا أن أقوم أنا بالعديد من الرحلات في فترة النمو هذه. كنت أعرف أنني سأكون بعيداً عن أسرتي لمدة طويلة، ولكن اعتبرنا ذلك تضحية في سبيل نجاح عملنا للوصول إلى الهدف الطويل الأجل.كان عدم التوازن مع الضمير ثمناً لتحقيق النتائج المطلوبة، ولكن عندما تخطينا هذه الفترة، أصبح من الصعب العودة إلى الحياة الطبيعية. لقد كان هناك العديد من ضغوط الأعمال التي يجب القيام بها من أجل الغير ولصالح العمل. استغرق ذلك الأسابيع والشهور لدرجة أن هذه الحالة من عدم التوازن أصبحت نمطاًُ للحياة. جاءت اللحظة الحاسمة التي عندها توقفت سائلاً نفسي: هل سأسمح للأعمال المطلوبة أن تطغى على الأعمال الأهم في حياتي؟ كانت لحظة الحقيقة، وحيث استمعت إلى نداء قلبي، وتأكدت من أنني أحتاج إلى وقفة، وأن أقلل عدد مرات السفر كل شهر.

كان القرار صعباً في الأسابيع التالية. ولكن بالتدريج بدأ العاملون معي في تفهم ذلك، وأن هذا قراري، ولا رجعة فيه. وجاء البعض فيهم بحلول بديلة تحقق الرضا للأطراف كلها وتضمن الرؤية المشتركة. كنت متأكداً من أن قدرتي على العطاء لهذه المهمة قد زادت منذ أن وضع هذا البديل المعقول. وكانت في الحقيقة واحدةً من أهم القرارات التي وضعت الأهم أولاً. من تجربة شخصية مثل هذه التجربة، ومن مراقبة الآخرين الذين يضعون الأهم أولاً، اقتنعت تماماً أن هناك نقاط تحول نلتزم عندها بالضمير بعمق حتى نحدث التغيير. عندها يأتيك السلام من الالتزام بأن تعمل الأهم فقط، على الرغم من صعوبة أو عدم تقبل الغير له. ولكن عندما نفشل في اتخاذ هذا الموقف ونتيه في حالة من عدم التوازن، وعدم الانسجام، والتخلي عن المبادرة، لحظتها نركن إلى العيش مع عدم التوازن ونرتاح إلى ذلك، بدلاً من أن ندفع الثمن للطريق الصحيح والعيش المتوازن.

يقول STEPHEN: منذ عدة سنوات قررت أن أترك التدريس قي الجامعة وأنشئ مؤسسة خاصة بي، أكون من خلالها قادراً على المزيد من العطاء. عملت في الجامعة ما يزيد على عشرين عاماً، وكان مركزي الوظيفي ممتازاً. وقبلت في العديد من المناصب بما فيها المناصب الإدارية. شاركت في إنشاء قسم للسلوك التنظيمي بالجامعة، وكان لي نمط حياة مريح ممزوج بالكثير من المرونة والحرية، إلى جانب راتب كبير ومكافآت تأتيني من استشارات ولقاءات خارجية.أكثر من ذلك كنت مستمتعاً بما أعمله! كان لدي بعض الفصول الصغيرة للدراسات العليا والكبيرة لمرحلة البكالوريوس تصل إلى 500 طالب. وكنت أشعر أن لي تأثيراً كبيراً على حياة طلابي خلال الدراسة.

إلا أنني شعرت بحماس شديد نحو منهج جديد لتدريب المديرين يتطلب التفرغ التام. كان شاغلي الأول هو مبدأ "الحسن والأحسن"، وقررت أن أخوض التجربة، وأنشر العادات السبع للقيادة القائمة على المبادئ لأكبر عدد ممكن من قيادات المجتمع. كذلك شعرت بالثقة بأن ذلك سيكون مجدياً لي من الناحية المالية، بشكل يمكنني من كفالة أسرتي بشكل أفضل.

ولكن كانت هناك الكثير من آلام الانسحاب من الجامعة، والكثير من المجهول في المستقبل. خلال عامين. كان مستوى العطاء كبيراً، والشعور بالرضا والسعادة من مواجهة التحديات حقيقياً، إلى حد أنني ندمت على عدم اتخاذ هذا القرار قبل ذلك بسنوات. بعد ذلك، سرعان ما سيطر علي شعور إدمان وهو ما يمثل حقيقة العطاء الذي أقدمه. قلت لنفسي: يجب أن أجعل ترك منطقة الراحة أمراً مريحاً، وفي نفس الوقت أجعل البقاء فيها غير مريح.

مع كل مراحل نمو مؤسستي كانت هناك المقارنة بين الالتزام سنوات العمل في الجامعة وبين التضحية والذهاب إلى المجهول حيث أنا الآن. ومع كل مرحلة جاء المزيد من الآلام. أتذكر مرة كنت أركب سيارة أجرة داخل المدينة في طريقي إلى الفندق، وهاجمتني المخاوف حول مقدار الأموال والديون والممتلكات التي خاطرت بها في إنشاء مؤسستي، لقد خاطرت حتى بمستقبل عائلتي، كل ذلك يمكن أن أفقده بما في ذلك المؤسسة نفسها. بعدها شعرت بأن كل ما خاطرت به هو استثمار حقيقي في سوق له مستقبل، حيث تطوير المنتجات. وشعرت أن الخسارة التي تحققت هي تلك المتعلقة بالتعلم والتجربة والتفكير، وهذا سنستفيد منه في المستقبل.

كانت كل الأفكار منطقية، وما يمليه ضميري كان الصواب، ولكن الحقيقة أن الموقف بالنسبة لي من الناحية العاطفية كان مليئاً بالمخاطرة والخوف. كانت المخاطرة تحيط بأسرتي، ومستقبلي. كانت المرة الأولى التي شعرت فيها بالخطر الحقيقي والضعف والخوف في كل اتجاه في كل لحظة تاريخية للتغيير الكبير في هيكل وإستراتيجية مؤسستنا هذه واجهتنا نفس المخاوف، ونفس الشعور بعد الراحة الناتج عن التخلي عن الراحة التي تعودناها في الماضي. كان التفاعل الإيجابي من جانب الأفراد المحيطين بي وبما يتمتعون به من شخصية وكفاءة مصدراً للنمو والإثارة والعطاء.
في كل سنة مناسبة، كان علي أن أرمي بنفسي من فوق الجبل. وحتى مع ثقتي بأنني مربوط بحبال متينة وأسفل الجبل هناك شبكة أمان إلا أنني كنت دائماً أشعر بالخوف والضعف. وفي كل مرة كانت المخاوف حقيقية، وكانت المخاطرة تستحق أن نتحملها.

إن الإثارة المتبادلة، والحماس التلقائي، والتعلم الحقيقي، والرؤية الجديدة، وشعور العطاء والمعنى، ورعاية الغير، والتأثير في منشآت عملاقة والعاملين فيها، وفي البيئة وفي المجتمع، كان كل ذلك عالماً جديداً مثيراً لم تتح لي الفرصة الاندماج فيه من قبل. كانت المرحلة الحاسمة عندما قررنا أن ننقل هذه المادة العلمية إلى الجمهور على اتساعه للتأثير في كل نواحي الحياة، سواء في التعليم أو الصحة أو المؤسسات الخيرية والمهنية، أو المؤسسات صغيرها وكبيرها، أو الأجهزة الحكومية والمحلية. ثم الانتقال دولياً لكي ننقل القيادة القائمة على المبادئ للعالم كله.

كل ذلك حدث خلال عدة سنوات قليلة. والآن فريق من الأفراد ملؤهم بالحماس والالتزام، والمهارات المتكاملة، ولهم نفس الرؤية والتوجه حيال رسالتهم الجماعية وهي: أن نخدم المجتمع العالمي من خلال شحن الأفراد والمنظمات، حتى نزيد من قدراتهم الإنتاجية لتحقيق أهداف عليا، من خلال فهم وتطبيق القيادة القائمة على المبادئ.ولتحقيق الرسالة نحن حريصون على تطبيق ما نقوله ونعلمه للغير.

لقد أعلنا بوضوح أننا وباستمرار نمارس ما نعلمه للغير، لأننا نؤمن بأننا لن نحقق هدفا نبيلاً بأساليب غير نبيلة، وبأن القوة النابعة من العطاء الدائم تأتي من الصلابة الشخصية، والكرامة، والقدوة الحسنة، والحماس، والالتزام.كان أهم تحدي بالنسبة لي على الأقل هو أن أضع أسرتي قبل عملي ومؤسستي وأصدقائي وممتلكاتي. لقد كانت قناعتي أن الاهتمام بباقي الأدوار، مع إهمال الأسرة، كمن يجلس في كرسي متين على ظهر السفينة TITANEC العملاقة التي غرقت في أول رحلة قامت بها، أو كما قال البعض: "لا توجد منظمة أياً كانت تأخذ أهمية ومكانة الأسرة". إن الأسرة هي المؤسسة الأساسية التي تشكل المستقبل العاطفي، والعقلي، والروحي، والأخلاقي، والاجتماعي، والاقتصادي للأفراد ولكل المجتمع.

سواء في المؤسسات التي ساعدتها بالاستشارة أو في مؤسستي، عرفت أهمية الاستعانة بعدد كبير من الأفراد في العمل مع تشكيل مجلس إدارة من أشخاص يملكون الشخصية القوية والقدرة الفنية. عرفت أهمية وضع نظام للمتابعة والتوازن لا يعوق العمل بل يدفع إلى الإنتاج ويحقق التفاعل بين الأفراد، عرفت أهمية الاستعانة بالمستشارين والإدارة من خلالهم، تعلمت الاستعانة بحكمة زوجتي وحسها الفطري، حتى لو تعارض ما تقوله مع خططي. كل ذلك علمني أن التواضع هو مصدر كل الصفات، وأننا نملك كل شيء عندما نكون مجرد جسر للمبادئ الصحيحة كي تجد طريقها إلى التنفيذ.

تعلمت إعادة تركيب الإدارة في شركات كثيرة من خلال أفراد لهم القدرة وبينهم التفاعل اللازم. عرفت أهمية عدم الاعتماد على القوة بسبب المركز الوظيفي، أو السلطة، أو الملكية. في النهاية أنا أعرف ما هو الصحيح، وما هي المبادئ، وأنني يجب أن أنحني لها، وأن أعمل بها، وأن ذلك يحقق الهدف، وحتى إذا لم يتحقق الهدف فحسبي أنني أعيش في سلام.











المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 438-445
كلمات مفتاحية: قوة المبادىء –الإنتاج – تفاعل فريق العمل – نظام – توازن – موارد – الحماس – الالتزام – التحدي – الرؤية – التوجه – الرسالة – دائرة التأثير - التغيير – التفاعل الإيجابي – كفاءة – قيادة – ترتيب الأولويات المهمة – النتائج – القرارات –الاستراتيجيات – صوت الضمير
أرسل بواسطة: علاء الدين منلا أحمد
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=108