يجب عليك أن تقوم بإختيار أفكارك، تماماً كما تختار ملابسك التي تناسبك لإرتدائها كل يوم، فإذا لم يكن بمقدورك التحكم بأفكارك فستكون حياتك في مشكلة مستمرة، توقف عن محاولة التشبث بفكرة معينة واستسلم لأفكار أخرى أفضل من قناعاتك التي تتمسك بها، وحاول أحياناً أن تراقب المجريات دون أن تتدخل، فستصل حينها إلى الرأي السليم...


في اللحظة التي تقوم بها بالتأمل وتهدئة البال، ستأتيك فجأة آلاف الأفكار لتغزو دماغك، وعليك حينها أن تتدبر وتقوم بإختيار الأفضل...


قد تحاول أحياناً أن تقاوم هذه الأفكار وتبعدها عن ذهنك دون التفكير بها وكأنك تغلق دماغك، ولكن الهدوء والتأمل جدير بأن يجعلك تفهم دقائق الأمور وأصغر تفاصيلها، حتى أنك قد تضج من كثرة هذه الأفكار والتفاصيل في ذهنك وتحاول الخروج منها. كل هذا قد يحصل في مجرد ثوان قليلة، عندما تنظر إلى ساعة يدك وترى الوقت لا يزال كما هو، قد تستغرب من سرعة الدماغ في التفكير.


إن التأمل هو حالة داخلية لإسترخاء الوعي لديك بشكل كبير، وهدوء للبال، والشعور بالفضاء الداخلي الشاسع، ولكن تطبيقه أصعب من شرح معناه بكثير. فكيف قد تصل إلى درجة عدم التفكير بأي شيء يحيط بك وأنت تملك ما يكفيك من أمور لتفكر بها، ستلاحظ هنا أن إنشغالك بأي أمر سيشكل العائق أمام الوصول إلى القدرة على التأمل المطلق.


إذاَ كيف بإمكانك أن تصفي ذهنك من كل شيء؟ إليك الطرق التالية...



المحفزات



بالنسبة للمحترفين فإن من السهل جدّاً أن يمارسوا التأمل أو أن يتمكنوا من الإنخراط في جو الهدوء والطمأنينة لكي يتمكنوا من التأمل، أما بالنسبة للمبتدأين فلا بد من تهيئة الأوضاع الملائمة التي تمكنهم من الولوج في النفسية والذهن الصافي لكي يقوموا بالتأمل على أحسن وجه، فعليك مثلاً أن تختار مكاناً خالياً من الضوضاء والمشوشات التي قد تخرج الشخص من حالة الهدوء، بالإضافة الى إختيار التوقيت المناسب، بحيث يكون في وقت لا يوجد لديك به أي مهام أو واجبات تشغل تفكيرك.


المزاجية




وتعتبر من أهم الأمور لصفاء الذهن والتمكن من التفكر والتأمل، ولاحظ هنا أنه عليك أن تستعد من جميع النواحي ليكون ذهنك صافياً، مثل إستعدادك لموعد غرامي مثلاَ، حيث تكون الإضاءة خافتة بعض الشيء، مع هدوء في المكان وما إلى ذلك من أمور تحسن من مزاجية الشخص وهدوءه.



التنفّس



هذه النقطة تعتبر من الأمور التي ستشعرك بالفعل بمدى فاعليتها حين تجربها، فعليك أن تنتبه إلى عدّة أمور هنا، مثل تناظم الشهيق والزفير، ومدة كل منهما، وبإمكانك مثلاً القيام بالعد على أصابعك حين تقوم بالشهيق لأطول فترة ممكنة حيث أنها تساعد على دخول كمية أكبر من الأكسجين إلى رئتيك، وفي النهاية فإنك ستلاحظ من طريقة تنفسك الطبيعية فيما إذا كنت مطمئن البال ومستعدّاً للتأمل أم لا


الصبر



لا تتوقع أن تصل إلى أقصى درجات التأمل أو التأمل المبدأي من أول محاولة، فهي بحاجة إلى عدة تجارب قبل أن تصل إلى تحقيق النتائج المرجوّة، كذلك أثناء كل تجربة من هذه التجارب عليك التحلي بالصبر أطول مدة ممكنة لتسريع وصولك إلى النتائج أيضاً.


المخيلة




وهي شيء مزروع في كل واحدٍ منا منذ الطفولة، لم لا نستغلها إذاً ؟ فعندما تعصف الأفكار في ذهنك، عليك أن تطلق لمخيلتك العنان، وهنالك عدة طرق لفعل ذلك...
أولاً: تخيل لو أن عقلك هو قطتك المدللة، فكلما إبتعدت عنك أعدها بلطف، وكذلك مخيلتك دعها تسرح وتمرح قليلاً ثم أعدها إلى التفكير بما يشغلك.
ثانياً: تخيل وأن أنفاسك كالأمواج، ومع كل إرتدادة موجة، تتراشق الأفكار في مخيلتك.
ثالثاً: إختلق في مخيلتك ضباباً كثيفاً، بحيث أن هذا الضباب يتكون من الأفكار الكثيرة الموجوجة في ذهنك والتي تأتي من حين لآخر، تخيل أن هذه الأفكار تدور وتدور وتتزايد باستمرار حتى تختلط جميعها وتكون أفكاراً مبلورة وناصعة عبر ما تبقى من الضباب.


التذبذب في الأفكار




خلال التأمل لا تتوقع أن تصل إلى النتائج مباشرة، حيث أن من الأفضل عادة أن تنقل مفكرتك إلى أمور أخرى لتفكر بها ومن ثم تعود للتفكير مجدداً بالموضوع الأساسي الذي تسعى لبلورة أفكارك عنه وتحسين النتائج عند تفاعلك معه، فمثلاً قد تنقل أفكارك إلى مواضيع عاطفية، أو أمور عن علاقتك بأشخاص تشتاق إليهم وتحبهم، ومن ثم تعود للتفكير بما سبق فتجد قراراتك أقل تشدداً وأكثر قرباً للنتائج الأفضل.


العواطف



قد تكون العواطف مرتبطة ببعض أفكارنا وذكرياتنا من حين لآخر، ولتميز ذلك عليك أن تركز على مشاعر الجسم، بحيث تفكر بكل المشاعر الملموسة، مثلاً بعض الصداع، وبعض الآلام في الظهر، والقليل من جفاف الحلق، وما إلى ذلك من مشاعر ملموسة، ومن ثم أخرج كل هذه الأفكار من رأسك وإنتقل إلى المشاعر غير الملموسة من حب وكره وعطف وشوق وذكريات رائعة وأخرى بغيضة وذكريات أليمة وأخرى سعيدة، وبهذه الطريقة تعود نفسك على التأمل بهدوء أكثر فأكثر، وتمكن نفسك من التعمق والتفكر بما تريد، ونسيان ما تريد في الوقت ذاته.


هنا والآن



في آخر نقطة من المهم جدّاً أن نذكر ما يتعلق بـ "هنا والآن" بحيث تشعر بوجودك الملموس في عالمك الحقيقي، وأفكارك التي تدور في ذهنك ومدى عقلانيتها وإمكانية تطبيقها على واقعك، قم بإيجاد ما يساعدك دائماً على التقدم نحو الأمام في البيئة المحيطة بك، وانظر كم أن هذه سيكون ممتعاً.


من الضروري جدّا في الخلاصة أن نتذكر أن التأمل أولاً وأخيراً لا يتعلق بوصولك إلى نهاية معينة أو هدف أخير بحيث تنتهي حاجتك بعدها للتأمل، فعلى العكس عليك أن تبقي دائماً مهتمّاً به مهما وصلت إلى نقاء فكر وعقلية سليمة، وحاول أن تنصت لما يخبرك به عقلك وجسمك، إستمتع بهذه اللحظات حين تكون تسمع صوت أنفاسك فحسب.