"سين ويستكوت" مشرد ينام مع زوجنه في تجمع للمشردين في إحدى الغابات، وهو لا يمتلك منزلاً ولا وظيفة، والمشكلة التي كانت تشغل تفكيره طوال السنوات الماضية هي: كيف يحصل على وجبته المقبلة.

يقول: "في كل يوم استيقظ أضحك من أعماقي، فقبل ستة أشهر فقط كان المستقبل يبدو لي مظلماً أما الآن فإنني أحس أن العالم ملك يدي". كان سين قد شارك في حرب الخليج الثانية ضد العراق، وبعد انتهاء الحرب عاد إلى ولاية أنديانا الأمريكية، لكنه ما لبث أن غادرها على أمل الحصول على عمل في شركة للمعادن، ولكن سيارته تعطلت، وعندما وصل إلى مقر الشركة كانت الوظيفة قد ذهبت لغيره، وهو يقول: لم أكن أعرف أحداً في تلك الولاية ولا مال معي، وليس هنالك من يساعدني، ولا أرغب في العيش على حساب الإعانات الاجتماعية، ولذلك انتقلت للعيش في الغابة، أعيش على السمك ولحوم الغزلان، وكنت أنحت من الخشب بعض الأشياء الجميلة وأبيعها للمزارعين، وأحصل على المال اللازم لشراء بعض الأغذية.
وذات ليلة كان يقف تحت المطر على موقف الباصات بينما الضباب يغلف كل شيء من حوله وجاء الباص ومر به دون أن يتوقف، لأن السائق لم ينتبه أن هناك راكباً على الموقف، وكان أخر باص يمر في الشارع في تلك الليلة الممطرة، فاضطر سين إلى العودة للمدينة سيراً على الأقدام.

وأثناء سيره الطويل تحت المطر كانت تنتابه خواطر شتى، ومن بين هذه الخواطر: لماذا لا يثبتون أضواء على لافتات مواقف الباصات تنبه السائقين إلى وجود ركاب؟
وفي اليوم التالي رسم فكرته على الورق, و ذهب إلى شركة ويسترن لصناعة الأجهزة الإلكترونية، وعرضها على المسؤولين وساعده أحد المهندسين على تسجيل براءة الاختراع.
يقول سين: "وضعنا لمبة زرقاء صغيرة فوق لافتة الباص، وعندما يرى الراكب الباص يقترب، كل ما ينبغي عليه هو الضغط على الزر فيرى السائق النور فيتوقف.

وبعد البدء بإنتاج اللافتات الجديدة اشترت ولاية أوريجون (13) لافتة منها على الفور، وكذلك العديد من الولايات الأمريكية، كما تلقت الشركة طلبات لشراء لافتاتها من استرالية وأوربا. عرضت الشركة على سين العمل لديها براتب (36) ألف دولار في السنة، ووافقت على دفع نسبة مئوية له من مبيع اللافتات. يقول سين: "طموحي هو شراء قطعة أرض صغيرة، وإقامة منشأة عليها لمساعدة المشردين والمحتاجين، فقد كنت مشرداً ذات يوم، وأعرف أن المشرد يحتاج دائماً إلى من يمد يد العون له".

من كتاب فجر طاقاتك/ لعبد الله بن حمود البوسعيدي / دار ابن حزم/ ص 102