عضو جديد
- معدل تقييم المستوى
- 0
السمكه
قصة السمكة من روائع وحي القلم
لمصطفى صادق الرافعي
ذكر مصطفى صادق الرافعي في كتاب وحي القلم :
كان رجل اسمه «أبو نصر الصياد» يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد، فمشى في الطريق مهموماً لأن زوجته وابنه يبكيان من الجوع، فمر على شيخ من علماء المسلمين وهو «أحمد بن مسكين» وشرح له وضعه وقال له: أنا متعب.
فقال له: اتبعني الى البحر.فلما وصلا قال له: صل ركعتين.فصلى.
ثم قال له: قل بسم الله، وارم الشبكة.
فقال: «بسم الله» ثم رمى الشبكة، فخرجت بسمكة عظيمة.
فقال له الشيخ: بعها واشتر طعاماً لأهلك.
فذهب وباعها في السوق، واشترى فطيرتين.. احداهما باللحم، والأخرى بالحلوى، وقرر ان يذهب ليطعم الشيخ منها، فذهب الى الشيخ وأعطاه فطيرة.
فقال له الشيخ: «لو أطعمنا أنفسنا هذا، ما خرجت السمكة».(أي ان الشيخ كان يفعل الخير للخير، ولم يكن ينتظر له ثمناً)، ثم رد الفطيرة الى الرجل وقال له: خذها أنت وعيالك.
وفي الطريق الى بيته، وجد امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا الى الفطيرتين في يده، فحدث نفسه: هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً، فلمن أعطي الفطيرتين؟!
ونظر الى عيني المرأة، فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما، فقال لها: خذي الفطيرتين.فابتهج وجهها، وابتسم ابنها فرحاً.
وعاد من جديد يحمل الهم.. كيف سيطعم امرأته وابنه؟
وخلال سيره سمع رجلاً ينادي: من يدلني على أبي نصر الصياد؟
فدله الناس على الرجل، فقال له: ان أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة، ثم مات ولم أستدل عليه، خذ يا بني.. هذه ثلاثين ألف درهم مال أبيك.
يقول أبو نصر الصياد: تحولت الى أغنى الناس، وصارت عندي بيوت وتجارة، وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة لأشكر الله.وأعجبتني نفسي لأني كثير الصدقة، فرأيت رؤيا في المنام..
رأيت ان الميزان قد وضع، وينادي منادٍ: «أبو نصر الصياد.. هلم لوزن حسناتك وسيئاتك».فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات!
فقلت: أين الأموال التي تصدقت بها؟!!
فوضعت الأموال، فاذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو اعجاب بنفس، وكأنها لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، فرجحت السيئات، فبكيت وقلت: ما النجاة؟!
فسمعت المنادي يقول: هل بقي له من شيء؟ فقال الملك: نعم.. بقيت له رقاقتان.فوضعت الرقاقتان (الفطيرتان) في كفة الحسنات، فهبطت كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.. فخفت!
ثم سمعت المنادي يقول: هل بقي له من شيء؟
فقال الملك: بقي له شيء.فقلت صائحاً: وما هو؟! فقيل: دموع المرأة حين أُعطيت لها الفطيرتان.فوضعت الدموع، فاذا بها كحجر، فثقلت كفة الحسنات، ففرحت كثيراً.
فسمعت المنادي يقول: هل بقي له من شيء؟ فقيل: نعم.. ابتسامة الطفل الصغير حين أُعطيت له الرقاقتان.فلما وضعت في الميزان رجحت كفة الحسنات.
فقال المنادي فرحاً: لقد نجا.. لقد نجا.
فاستيقظت من النوم أقول: «لو أطعمنا أنفسنا هذا، لما خرجت السمكة».
Bassam Al-Mahameed
المفضلات