عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
شروط إمامة الصلاة
شروط إمامة الصلاة
*
ذكر فقهاء الإسلام شروطاً عدة لصحة الإمامة في الصلاة ومن أبرزها ما يأتي :
الأول : الإسلام
الإسلام شرط صحة لكافة العبادات وفي مقدمة ذلك إمامة الصلاة باتفاق علماء الإسلام.
قال الكاساني : ولا يجوز الاقتداء بالكافر ، ولا اقتداء الرجل بالمرأة لأن الكافر ليس من أهل الصلاة ، والمرأة ليست من أهل إمامة الرجال ، فكانت صلاتها عدماً في حق الرجل ، فانعدم معنى الاقتداء وهو البناء (1).أ.هـ
وقال الشيرازي : ولا تصح إمامة الكافر لأنه ليس من أهل الصلاة ،فلا يجوز أن يعلق صلاته على صلاته ، فإن تقدم وصلى بقوم لم يكن ذلك إسلاماً منه لأنها من فروع الإيمان فلا يصير بفعلها مسلماً كما لو صام رمضان أو زكى المال (2).أهـ
وقال ابن قدامة : الكافر لا تصح الصلاة خلفه بحال سواء علم بكفره بعد فراغه من الصلاة أو قبل ذلك ، وعلى من صلى وراءه الإعادة ، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي ، وقال أبو ثور و المزني لا إعادة على من صلى خلفه وهو لا يعلم لأنه ائتم بمن لا يعلم حاله ، فأشبه ما لو ائتم بمحدث ، ولنا أنه ائتم بمن ليس من أهل* الصلاة فلم تصح صلاته كما لو ائتم بمجنون (3).أهـ
( فلا تصح إمامة غير المسلم باتفاق فمن صلى خلف رجل يدعي الإسلام ثم تبين له أنه كافر فإن صلاته التي صلاها خلفه تكون باطلة وتجب عليه إعادتها) (4).
لكون المُقتدى به كافراً .
قال تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (5).
بمعنى لا يقبل الله منه أي عبادة قام بها لكونه على غير الإسلام ، فهي مردودة عليه.
ويزيد ذلك وضوحاً وتأكيداً قوله تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً } (6).
وهو كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } (7).
*
الثاني : البلوغ .
باتفاق ثلاثة من الأئمة [ أبو حنيفة ومالك وأحمد ] : وخالف الشافعية (8).
قال الدردير : ولا يصح ائتمام البالغ بالصبي في الفرض نص عليه أحمد وهو قول ابن مسعود وابن عباس ، وبه قال عطاء والشعبي ومالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة ، وأجازه الحسن والشافعي واسحق وابن المنذر (9).أهـ
والراجح جواز صحة إمامة الصبي المميز لحديث عمرو بن مسلمة قال : " لما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبادر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال : جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا ـوفيه قال : فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين ، وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت (10) عني ، فقالت امرأة من الحي : ألا تغطون عنا إست قارئكم فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.
أخرجه البخاري (11) ،والنسائي بنحوه . قال فيه : " كنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين " (12) وأبو داود وقال فيه : " وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين" (13).
وأحمد (14) ولم يذكر سنه .
قال الشوكاني في نيل الأوطار (15) : الذين قدموا عمرو بن سلمة كانوا كلهم صحابة .
قال ابن حزم : ولا نعلم لهم مخالفاً كذا في الفتح.
وقد ذهب إلى جواز إمامة الصبي الحسن وإسحاق والشافعي والإمام يحيى (16).أهـ.
*
الثالث : الذكورة المحققة .
*
فلا تصح إمامة النساء وإمامة الخنثى المشكل إذا كان المقتدي به رجال أما إذا كان المقتدي به نساء فلا تشترط الذكورة في إمامتهن بل يصح أن تكون المرأة إماما لامرأة مثلها أو الخنثى (17).
*
قال تعالى : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } (18).
قال الشافعي في الأم: وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة ، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبداً (19).
وقال الشوكاني في الدراري المضية: وأما عدم صحة إمامة المرأة بالرجل فلأنها عورة وناقصة عقل ودين،* والرجال قوامون على النساء "ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة "كما ثبت في الصحيح (20) ، ومن ائتم بالمرأة فقد ولاها أمر صلاته (21).
*
وقال ابن حزم في مراتب الإجماع: ( واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة ، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع ) (22).
*
*
*
الرابع : العقل
ومن شروط صحة الإمامة العقل فلا تصح إمامة المجنون إذا كان لا يفيق من جنونه ، أما إذا كان يفيق أحياناً ويجن أحياناً فإن إمامته تصح حال إفاقته وتبطل حال جنونه (23) وعمدة ذلك الحديث الصحيح:" رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل " (24).
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وإذا أمَّ الرجلُ المسلمُ المجنونُ القومَ فإن كان يجن ويفيق فأمهم في إفاقته فصلاته وصلاتهم مجزئة ، وإن أمهم وهو مغلوب على عقله لم يجزهم ولا إياه صلاتهم ، ولو أمهم وهو يعقل وعرض له أمر أذهب عقله فخرجوا من إمامتهم كأنهم صلوا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم ، وإن بنوا على الائتمام شيئاً قل أو كثر معه بعد ما علموا أنه قد ذهب عقله لم تجزهم صلاتهم خلفه ، وإن أم سكران لا يعقل فمثلا لمجنون ، وإن شاربٌ يعقل أجزأته الصلاة وأجازت من صلى خلفه، فإن أمهم وهو يعقل ثم غلب بسكر فمثل ما وصفت من المجنون لا يخالفه (25).أهـ
*
الخامس : اقتداء القارئ بالأمي.
اشترطوا لصحة الإمامة أن يكون الإمام قارئاً ـ إذا كان المأموم قارئاً فلا تصح إمامة أمي بقارئ ، والشرط هو أن يحسن الإمام قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به (26).
على اعتبار أن الأمي لا يحسن القراءة ، فإن كان أمياً وهو يحسن الفاتحة صحت إمامته ، والعمدة في ذلك حديث : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (27).
قال النووي : فيه دليل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد (28).أهـ
*
السادس : سلامة الإمام من الأعذار كسَلَس البول.
ويشترط أيضاً لصحة الإمامة أن يكون الإمام سليماً من الأعذار كسلس البول والإسهال المستمر وانفلات الريح والرعاف ونحو ذلك فمن كان مريضاً بمرض من هذه فإن إمامته لا تصح بالسليم منها وتصح بمريض مثله إن اتحد مرضهما أما إن اختلف كأن كان أحدهما مريضاً بسلس البول والآخر بالرعاف الدائم فإن إمامتهما لبعضهما لا تصح ، وهذا القدر متفق عليه بين الحنفية والحنابلة وخالف الشافعية والمالكية ..
المالكية قالوا : لا يشترط في صحة الإمامة سلامة الإمام من الأعذار المعفو عنها في حقه فإذا كان الإمام به سلس بول معفو عنه لملازمته ولو نصف الزمن كما تقدم صحت إمامته وكذا إذا كان به انفلات ريح أو
*
الرابع : العقل غير ذلك مما لا ينقض الوضوء ولا يبطل الصلاة فإمامته صحيحة ، نعم يكره أن يكون إماماً لصحيح ليس به عذر.
الشافعية قالوا : إذا كان العذر القائم بالإمام لا تجب معه إعادة الصلاة فإمامته صحيحة ولو كان المقتدي سليماً (29).
والظاهر صحة إمامة صلاة من لم يسلم من الأعذار كسلس البول والإسهال المستمر وانفلات الريح والرعاف ونحو ذلك بمماثل له في المرض إن لم يوجد سليم من هذه الأمراض ، ولكن بشرط أن يتطهر لكل صلاة، وهذا قصار ما باستطاعته عملاً بقوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (30).
*
السابع : طهارة الإمام من الحدث والخبث
ومن شروط صحة الإمامة المتفق عليها [ عند الأئمة الأربعة ] أن يكون الإمام طاهراً من الحدث والخبث فإذا صلى شخص خلف رجل محدث أو على بدنه نجاسة فإن صلاته تكون باطلة كصلاة إمامه بشرط أن يكون الإمام عالماً بذلك الحدث ويتعمد الصلاة . وإلا فلا تبطل (31).
وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة [ البدن و الثوب* و المكان ] في الصلاة وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة ، وذهب آخرون إلى أنه سنة ، والحق الوجوب فمن صلى لابساً لنجاسة عامداً* فقد أخل بواجب ، وصلاته صحيحة ، وفي المقام أدلة مختلفة ومقالات طويلة وليس هذا محل بسطها (32).
*
الثامن : سلامة لسانه من لثغ ونحوه.
من شروط صحة الإمامة أن يكون لسان الإمام سليماً لا يتحول في النطق عن حرف إلى غيره كأن يبدل الراء غيناً أو السين ثاء أو الذال زاياً أو الشين سيناً أو غير ذلك من حروف الهجاء
*
وهذا يقال له ألْثغ لأن اللثغ في اللغة تحول اللسان من حرف إلى حرف، ومثل هذا يجب عليه تقويم لسانه ويحاول النطق بالحرف صحيحاً بكل ما في وسعه فإن عجز بعد ذلك فإن إمامته لا تصح إلا لمثله أما إذا قصر ولم يحاول إصلاح لسانه فإن صلاته تبطل من أصلها فضلاً عن إمامته (33).
قال المرداوي : الألثغ : الذي يبدل حرفاً بحرف لا يَبْدُلُ به كالعين بالزاي وعكسه أو الجيم بالشين أو اللام أو نحوه ، وقيل : من أبدل حرفاً بغيره قال ذلك في الرعاية وغيره ، فالصحيح من المذهب : لا تصح إمامة الأَرَت (34) والألثغ (35).أهـ
وهذه الشروط على المشهور، وهناك أخرى لا يصح أن تكون شروطاً.
المفضلات