الطيب من القول




قال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"


قال المفسرون: والقول السديد هو الذي يوافق ظاهره باطنه. وما أريد به وجه الله دون غيره، والصلح بين المتشاجرين.


وقد أوصى الله تعالى عباده بحسن القول، فقال تبارك اسمه:" وقولوا للناس حسنا") بل أمرهم أن يتخيروا من ألفاظهم ما هو أجمل وأتم، فقال عز وجل:" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"


فالكلام الجميل وسيلة من وسائل جمع القلوب ودفع الضغائن، قال تعالى:" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم:


وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة القول وأثره في الناس فقال صلى الله عليه وسلم :« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».


فطول الكلام مظنة للعثرات، والوقوع في الزلات، ومن غفل عن ذكر الله في كلامه زهد الناس فيه، وأعرضوا عن حديثه، فخير الكلام ما قل ودل، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي».


ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التمهل في الكلام والتأني في الحديث من فنون الخطاب وحسن الدراية حتى يفهم المستمع المراد من الحديث، ويعقل مقصوده ومغزاه،


فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم. وقالت: إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه. وقالت أيضا: كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من سمعه.


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الكلمة الطيبة صدقة».


ومن أراد السلامة اختار من طيب القول ما يرجو النجاة فيه، فيخاطب والديه بأعذب الكلمات، ويختار لهم أجمل الصفات، قال تعالى:" وقل لهما قولا كريما"


وكان سيدنا إبراهيم عليه السلام يخاطب أباه مع صدوده فيقول له مترفقا :يا أبت ..


وعلى الأزواج إتقان الأحاديث التي تنمي وشائج المحبة والمودة بينهما، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي زوجاته بما يحببن سماعه فيقول لعائشة رضي الله عنها :« يا عائش».


فينبغي استعمال الكلمة الطيبة والعبارة اللطيفة معهم، قال تعالى:" ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء* تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها"


وغض الصوت عند مخاطبتهم، كما قال لقمان لابنه :"واغضض من صوتك"


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلى وأبعدكم منى مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون». قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال:« المتكبرون».


وما يتبع القول الطيب مراعاة مشاعر الآخرين، وحسن الاستماع لهم، والإصغاء لحديثهم، وعدم مقاطعتهم، وترك إحراجهم، أو الاستخفاف بمعلوماتهم، أو المسارعة لمخالفتهم، فإن حفظ ود الآخرين أولى من خسارتهم بشيء مهين.


"اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين".