عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
كن حكيما
مشروعنا اليوم هو ان تتدرب على ان تصبح حكيما كى تمسك بزمام امور حياتك بل وحياة غيرك , اجل فالحكيم هو ذلك الشخص الذى يتميز بالفهم العميق والبصيرة الواعية والقد رة على إصدار الحكم السليم نعم , الحكيم هو الشخص الذى يتسم بالفطنة بد رجة لا نظير لها , وهو أيضا شخص غير عادى يظهر عليه خصالا مشتركة كأمثال النزاهة والتصميم وتهذ يب النفس وقوة الإرادة وقوة العلاقات والنضج والإتزان وحسن الخلق والحلم والإناة , هو ذاك الشخص الذى قام بالكثير من الأفعال وكان لد يه الإستعداد الكامل لأن يتعلم كل شئ , وهو ذاك الشخص الذى يتمتع بالذكاء وسرعة البد يهة , هو ذاك الشخص الذى يتعلم الكثير من العلوم , وليس هذا فحسب , بل يقوم بإستغلال تلك المعارف لما فيه مصلحة نفسه ومصلحة الآخرين والعالم أجمع , نعم , الشخص الحكيم يتصف بكل هذا وأكثر
الإ أن الحكمة مكتسبة ويستطيع أى إنسان على وجه الأرض أن يتحلى بها وأنت واحد من هؤلاء , والحكمة مثلها مثل جميع الأشياء الطيبة فى الحياة لا تأتى إلا بعد جهد متواصل ومن أهم الأشياء التى تعينك على إكتسابها أن ترافق الحكماء بصرف النظر عن أعمارهم أو مهنهم أو ثقافتهم , فإنهم أعظم المعلمين الذ ين سيعينوك على زيادة قد ر هائل من الحكمة , فإنك سوف تتأثر بكلامهم ومن ثم ستنتشر فى جميع جسدك إلى أن تصبح لا تتفوه إلا بالحكمة وهناك الكثير من معارفك وأصدقاءك ومن يعرفونك شخصيا من يتسمون بها فإذا أتحت لهم الفرصة كى يكسبوك ما لد يهم , فسيسهمون فى إثراء حياتك , وصدق من قال " من يصاحب الحكماء يزداد حكمة "
إذ ن , فالحكمة مكتسبة ولابد من طلبها والسعى لإكتسابها لأنها كفيلة بإذن الله بأن تجعل منك شخصاً له شأنا عظيما فى المجتمع , وهذا لأن الحكمة هى التى تبين شخصية المرء والحكيم لابد وأن يتصف بالشخصية المثالية , وبالفعل كما قال أحد التنموين فإن الحكيم يجمع بين عدة صفات تؤهله لأن يصبح ذا قيمة حقيقية بينه وبين الآخرين, وفيما يلى بعضا من هذه السمات :-
1- الحكيم لا ينقطع عن طلب العلم :-
إن الحكيم يعرف أشياء تفوق ما يعرفه الشخص العادى , إلا أنه لا يعتقد أنه قد نال أبداً حداً معقولا من العلم فكلما إزداد علما تيقن من أنه لم يتعلم سوى القليل وهكذا يصبح من طبعه أن يتعلم طيلة حياته فكل يوم فى نظره مغامرة تعلم , سواء بالقراءة أو التأمل أو الإنصات أو الفعل فيفهم الحكيم أن المخ عضلة , وما لم تستخد م فسوف تضمر لذا يعمل على تغذية عقله وتد ريبه
ويعد البشر أهم مصاد ر العلم ويوقن الحكيم من أن كل شخص يلتقى به يمتلك معلومة لا يعلمها أو مهارة لم يكتسبها وفى ضوء هذا يكون كل شخص نلتقى به متفوقا علينا بشكل أو بآخر ويمكن أن نتعلم منه شيئا م ولازلت أذكر كيف تعلمت أن أستخد م الكمبيوتر قبل أن أؤلف أول كتبى كنت وقتها فى سن التاسعة والأربعين , وقد نلت جميع الد رجات الجامعية العليا إلا أن الذى علمنى كيفية إستخدام الكمبيوتر صبى فى الحاد ية عشرة من عمره لم يكن قد تخطى الصف الخامس الإبتدائى بعد
2- الحكيم يعلم غيره :-
سيخبرك أى حكيم بعظم الدور الذى لعبه معلمه فى حياته وهؤلاء نلتقى بهم بصفة منتظمة لأنهم يشاركوننا فيما لد يهم من حكمة بمجال من مجالات الحياة , فتجد مثلا أن الشركات والمدارس تتبنى برامج إرشاد ية رسمية تعمل على إثراء خبرات المنتمين إليها فى المراحل المبكرة من حياتهم المهنية كما ان هناك المرشد ين الروحانيين من الوعاظ والدعاة وأفضل ما يميزهم هو أنهم يعرفون الكثير من الأمور التى لا نعلمها ومع هذا فإنهم على إستعداد لأن يمدونا بما لد يهم من معارف وخبرات , وجمال هذه العملية يكمن فى كونها
مستد يمة وجميع من تلقوا تلك الإرشادات شعروا بنفع هذا على حياتهم , ويصبحون بدورهم مرشد ين لغيرهم ولو بصورة غير مقصودة , وهذا لأن المتلقى للإرشاد ينتفع من خبرة وحكمة المرشد كما أن المرشد ينتفع بإشباع رغبة التعليم لديه
3- الحكيم يحافظ على إتزانه :-
من بين التحد يات التى نواجهها بإستمرار , أن نضفى الإتزان على العد يد من أبعاد حياتنا , وهى أبعاد تشمل العائلة والأصدقاء والعبادة والعمل والإبداع والراحة والإسترخاء والقراءة والتعلم والمرح والضحك ومساعدة وخد مة الآخرين وأنا لا أزعم أن كل حكيم يتصف بهذا الإتزان يوميا , لكننى أزعم أنهم يحرصون على هذا أشد الحرص , فلقد علمتهم الحياة من خلال د روس مؤلمة أنها من السهل أن تخرج عن مسارها حينما ننغمس بشكل بالغ فى شئ ما متجاهلين بعضا من إحتياجاتنا الأساسية ومن هنا تأتى معاناتنا ومعاناة الآخرين , وهذا إقتراح بسيط إذا ما كنت تبحث عن إحداث تعد يلات فى الطريقة التى تقضى بها وقتك
4- الحكيم يتحلى بالصدق :-
إن الحكيم يعيش بالصدق والنزاهة والأخلاق والإخلاص والشرف , ويصل فى وقت من حياته إلى التيقن من أن المقولة القد يمة " الصدق منجاة " ستظل دوما من بين أصدق ما ينطبق على الحياة , ففكر فى المرات التى يؤذى فيها الناس أنفسهم والآخرين عندما يرتكبون فعلا غير آمين أو صادق , فهم عندما يقومون بهذا على نطاق أوسع قد يضرون دولة بأكملها , فيعلم الحكماء أن الغش يولد المشكلات بطرق عدة , إلا أن هذا ليس هو السبب الرئيسى فى أنهم يلتزمون بالصدق والنزاهة 0 فالحكيم صادق فى كل ما يفعل وهذا لأن العائد عليه من ذلك أثمن من أن يفوته ومن بين ذلك راحة البال والسمعة الحسنة والشخصية القوية والعلاقات المبنية على الثقة والشعور بأصالة النفس والإحساس بتكامل الذات وهذا كله لا يتأتى إلا عن نتاج حياة صادقة
5- الحكيم يبدى التوقير :-
فلا يشترك كافة الحكماء فى نفس القناعات الد ينية إلا أنهم يتصفون جميعا بالتوقير , كما أن الحكيم يعى أن هناك من هو أكثر قد رة وأسمى من البشر من يدفعنا إلى فعل كل ما ينم عن الحق والخير وقد عبر " ألبرت شفايتزر " الحاصل على جائزة نوبل للسلام , عن معنى هذه الفلسفة فى عام 1915 حينما كتب عبارة " توقير الحياة " ويقول :-
إن معنى هذا هو أن الحياة ذاتها مقدسة ومن واجبنا أن نحتفى بها , فعلينا ألا نعيش الحياة دون التفكير فى الغرض منها وفى معناها وفى قيمتها فأحترام الحياة أساس كل حياة حكيمة , فالحكيم يتقبل الحياة ويحتفى بها بوصفها أعظم هبة موجودة ويكتب " شفايتزر " قائلا :-
بأنه كلما مارس الإنسان هذا أصبحت حياته أكثر ثراءً وجمالا وسعادة لتصبح خبرة حقة لا مجرد معيشة عابرة
6- للحكيم غاية من الحياة :-
فيعلم أن وجوده فى الد نيا لسبب , وقد لا يتفقون على تحد يد هذا السبب إلا أن الحكماء يعيشون بإحساس بوجود معنى وغاية من حياتهم , فلا بهجة فى الهيام بلا هدف فى الحياة أو فى الإنغماس فى حياة تتمحور حول الذات فقط على أن هناك بهجة كبرى فى التوصل إلى غاية والعمل على تحقيقها وخاصة لو تمثلت فى قضية تتعدى نطاق الذات , فالحكيم –بغض النظر عن د يانته – يشعر بمسئولية وواجب تجاه إخوته من البشر ودوما ما تشتمل غايته على نوع من تقد يم الخدمة للغير , وبالإضافة إلى مساعدة الغير فإن الحكيم يجد نفسه ميالا إلى نوع من الإنسهام فى المجتمع أو فى مهنته أو لما فيه صالح البشر الذين يعيشون من حوله
7- الحكيم يعمل بكل جد :-
فكما نعلم إن أكثر الكلمات إستخداما فى صناعة الدعاية : كلمتان " سريع وسهل " أما الآن فهناك وسيلة أخرى سهلة وسريعة لأداء كل شئ وللحصول على كل شئ , فلا عرق ولا دموع ولا مجهود بعد الآن , فقط نجاح سريع , أما الحكيم فلا ينخدع بهذا حيث إن أهم ما فى الحياة لا يتأتى بهذه السرعة والسهولة , فهى نتاج عمل كادح وأخطاء وتضحيات وأهم ما يراه الحكيم فى العمل الجاد , هو ألا يعُد مراد فا للسخرة , كما أنه ليس نقيض المرح , فيمكن للعمل أن يكون مبهجا ومبعثا للحماس , وكل هذا فى آن واحد , والمهم هو أن تجد العمل الذى يُعد جزءا من رسالتك فى الحياة ومن هنا سيكون مصحوبا دوما بالرضا الداخلى , لعلمك أن هذا العمل يستحق أن تقوم به بإتقان
8- الحكيم يبنى علاقات قوية :-
وهذا من خلال الآتى :-
أ*- التواضع : لا شئ ينفر الناس أكثر من التفاخر والكبر , ولا شئ يجتذبهم إليك أكثر من أن تتحلى بالتواضع والإخلاص
ب*- الصبر : كما أننا نطلب من الغير أن يصبر علينا , فإن علينا أن نتذ كر القاعدة الذهبية ونفعل الأمر نفسه معهم
ج- التعاطف : لما نعتاد الخروج من برجنا العاجى ونضع أنفسنا فى موضع الآخرين , نبدأ فى الإحساس بما يشعر به الآخرون وهذا هو أساس التواصل والعلاقات الجيدة
د- العطاء : حينما نهتم بالغير , نمنحهم أفضل ما لد ينا فننصت لهم , ونفعل ما فى وسعنا لكى نفهمهم , ونساعدهم ونخرج أفضل ما فى داخلهم
و- الغفران : تعانى جميع العلاقات –حتى أمتنها – من انتكاساتوليس الحل فى تبادل اللوم , فقد يسئ هذا من حال العلاقة أما الغفران فهو السبيل إلى عودة قوتها ؛ إذ يجلب علاجها ويؤدى إلى معاودة بناء وتقوية تلك العلاقات
9- الحكيم يبدى الرأى السليم :-
من بين أسباب إرتباط الفطنة بالحكمة : " إشتمالها على إعمال الفكر " , وهو أمر يتكاسل عنه عد د متزايد من البشر هذه الأيام , فالحياة العصرية قائمة على إتمام الأمور بشكل آلى , فلقد إعتد نا أن نحيد عقولنا وأن نترك للغير مهمة أن يفكروا لنا , ومن هنا ظهرت الموضات والبدع التى ما أن تظهر حتى تختفى
فقد أصبحت الحياة فى جوانب كثيرة منها نموذ جا للتبعية للغير دون تفكير إلا أن الحكيم لا يقع فى هذا , فهو يعمل دوما على تبين الصورة ككل ويفكر فى الأشياء من خلال ما يتصل بها من إستنتاجات منطقية , فالحكيم لا يتعجل النتائج من خلال قد ر ضئيل من المعلومات , فهو يفكر قبل أن يتكلم , ويفكر قبل أن يقوم بأى تصرف فالتفكير الواضح مكون حيوى من مكونات الحكمة
وبإيجاز شد يد أقول لك : أن الحكمة هى التى تتمثل فى التيقن من أن هناك هد فا لكل شئ , ولذلك فلا تفعل شئ دون أن تحد د له " لماذا أفعله ؟ " , " ما هو الشئ الذى سيعود علىّ عند ما أفعله ؟ " , " ما هى الخطوات التى سأقوم بها ؟ " , وهكذا فى كل عمل فعند ما تفعل ذلك سوف تنظر للحياة نظرة أشد تفاؤلا وسوف تحيا حياة بعيدة كل البُعد عن الأنانية , كما أنك ستصبح قاد راً على تبنى الخيارات السليمة , نعم , خيارات تأتى فى مصلحة الجميع إذ ن : فالحكمة واحدة من أهم الأشياء التى سترفع من قيمتك وتعلى من شأنك , ولذلك , فأسعى وأبذ ل مزيداً من الجهد كى تحظى بها
المفضلات