كيف تزيد حضورك و يقظتك ؟
الحضور :
في الفيلم المؤثر “ Jazz That All “ يبدأ البطل يومه بالتحديق في نفسه في المرآة قبل أن يصيح : “ لقد حان موعد العرض “ . إنه بذلك يعي جيداً أنه منذ هذه اللحظة قد غادر هدوء منزله و صار على “ خشبة المسرح “ .
و على الرغم من أنك لست مضطراً إلى أن تذكر نفسك يومياً بأن موعد العرض قد حان ، إلا أنك في حاجة بالفعل إلى أن تزيد من قدرتك على الانتقال إلى حالة التيقظ من أجل اللحظات التي تتطلب أن تكون حاضراً تماماً .
ذات مرة ، كانت هناك امرأة رائعة لم تكن ترى أو تسمع أو تتكلم بصورة تكفي لكي يفهمها معظم الناس . و كانت باقي حواسها في المستوى الطبيعي . و على الرغم من هذه القيود ، كتبت كتباً حققت أفضل المبيعات ، و ظهرت في حفلات المنوعات ، و اكتسحت هوليود و حصلت على جائزة أوسكار . و قد وقع عدد لا يحصى من الناس تحت سحرها ، و صار الكثيرون يبكون في حضورها .
هكذا كانت القوة التي تتمتع بها “ هيلين كيلر “ ، و التي كانت طوال كثير من الأعوام واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في العالم . و لقد كان تأثير الكاريزما الخاص بها في أعلى جزء من المنظومة التي وصفناها سابقاً . و من الغريب أن “ هيلين “ كانت تكتب و تتكلم بإستخدام تعبيرات تتعلق بــ “ الرؤية “ ، و “ السمع “ . و بالطبع ؛ كانت لا تستطيع أن تسمع الأصوات بالمعنى الحرفي للكلمة ، إلا أنها كانت تستطيع أن تتعرف عليها بوسائل أخرى مثل الإهتزاز الخفيف .و تيارات الهواء ، و الروائح و الأنسجة . و كانت دائماً ما تعرف جيداً ما يدور حولها . و باستخدام ما تبقى من حواسها ، تعلمت أن تصبح حاضرة تماماً في اللحظة .
و تفسر القوة التحويلية للحضور السبب في أن الصورة القصوى لتأثير الكاريزما يمكن أن تبدو مهيبة و بعيدة المنال . و على الرغم من ذلك لا تزال تبدو مألوفة إلى درجة لا تصدق ؛ فالحضور مودة ، و هو الشيئ الذي يتيح للإنسان أن يبقى على قيد الحياة . و يحدث الحضور عندما تمر بحجرة مزدحمة بالأشخاص و تلتقي عيناك بعيني شخص آخر و تتوجهان نحوه ، و بالحضور تقابل شخصاً تعرفه و يعرفك – و تشعران بأنكما شخصان آخران .
إن هذا الحضور ليس مقتصراً على البشر فقط ؛ فقبل سنوات ، جلستُ على العشب خارج دائرة من الأسوار أراقب أحد مروضي الخيول يهمس لحصان جميل ، لقد تعلم أن يكون حاضراً ، و قد شعر الحصان بذلك و استجاب له ، لقد بدأ يفعل ما أراد ليس من باب الخوف ، و لكن من باب الاحترام ، و الفضول ، و حس من المساواة .
و الحضور التام هو أحد المكونات الجوهرية لتأثير الكاريزما ، إلا أنه ليس من الضروري أن يكون النوع الأقصى الذي يروض الخيول ، أو يدير أحد المسارح في “ ويست إيند “ .

فخذ ؛ على سبيل المثال ؛ أحد الاستشاريين الخبراء في مجال تعيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات ، و الذي يجلس في مجموعة صغيرة يثرثر دون توقف و هو يبتسم للكل في دفء ، و يجري تواصلاً بصرياً رائعاً . و رغم أن أحد الأشخاص يصده بهدوء . إلا أن الخبير ينتقل إلى الشخص التالي دون أدنى إحساس بالضغينة ، الأمر الذي يجعله في وقت قصير حياة و روح المجموعة ، و عندما يذهب كل شخص إلى حال سبيله ، سيتذكره أغلبهم ، إن لم يكن كلهم ، في مرح .
لقد قام هذا الخبير بنقل تأثير الكاريزما الخاص به ، على الرغم من أنه ليس من مستوى مرتفع مثل تأثير “ هيلين كيلر“، أو غيرها من الرموز البارزة في هذا المجال . فحضوره الطبيعي دوماً متاح عند الحاجة إليه ، و هو دائماً يعرف من هو ، و ما هي الأمور المهمة له بالفعل .
و يقدم الحضور الكثير من حالات النجاح أمام الميكروفون أو في المواقف الأقل رسمية أو الإعتيادية . و في رحلتك نحو تأثير كاريزما أقوى ، افحص علاقتك مع الحضور ، و بعدها ارفع وعيك بذاتك إلى مستوى أبعد .
و في دورات العروض التقديمية المنتظمة التابعة لنا – التي تسمى عرض “ الآداء من خلال الحضور “ – يمر المشاركون بالشعور الذي يعني أن تكون حاضراً بصورة كلية . يمر المشاركون بالشعور الذي يعني أن تكون حاضراً بصورة كلية . و لكننا لا نحاول أن نقلد ظروف “ هيلين كيلر “ بأن نطلب منهم أن يغلقوا أعينهم و يسدوا آذانهم في آن واحد . و لكننا نطلب منهم أن يتوقفوا قليلاً و يسترخوا في مقاعدهم و ينظروا حولهم و يتأملوا فيما يستطيعون أن يكتشفوه باستخدام حواسهم المركزة على هذا الشيئ . سوف يعرب الكثيرون عن دهشتهم مما سوف يكتشفونه