عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
التغييرات الكبيرة في حياتنا
التغييرات الكبيرة في حياتنا
قد يقول قائل: " ولكن الناس تقاوم التغيير" ، وأن التغيير ليس بتلك السهولة. يولد يوميًّا أطفال لآباء يرحبون بالتغيير بصورة لا يمكن تفسيرها. فكر في الحجم الهائل لذلك التغيير لدى هؤلاء: " هل يريد أحدهم أن يعمل بوظيفة يوقظه رئيسه فيها مرتين ليلًا، وهو يصرخ ثم يطلب منه أداء بعض المهام الإدارية البسيطة؟ (وكيف سيكون إحساسك إذا ما أفسد رئيسك في العمل ملابسك الجديدة دائماً؟). ومع ذلك فالناس لا تقاوم ذلك التغيير الهائل في حياتهم والمتمثل في إنجاب الأبناء، بل ترحب به.
إننا نرحب بالكثير من التغييرات الكبيرة في حياتنا- وليس إنجاب الأبناء فقط. ومن تلك التغييرات: الزواج، وتأسيس المنازل الجديدة، واستعمال التكنولوجيات الجديدة، والقيام بمهام جديدة في العمل. ومع ذلك، فهناك سلوكيات أخرى تظل ثابتة بصورة تثير الجنون؛ فالمدخنون لا يقلعون عن التدخين, والأطفال يزدادون بدانة, ولا يضع الأزواج قمصانهم المتسخة في سلة الغسيل ابدًا!
هناك- إذن - تغييرات سهلة وأخرى صعبة، ويوضح هذا المقال أن التغييرات الناجحة تتضمن نمطًا مشتركًا، فهي تتطلب ممن يقوم بالتغيير أن يفعل ثلاثة أشياء في وقت واحد. ولقد أوضحنا فيما سبق أحد هذه الأشياء، وهو: تغيير سلوكيات شخص معين يستلزم تغيير موقف ذلك الشخص.
وليس الموقف هو كل شيء بالطبع، فمن الممكن أن يذهب المدمن إلى مصحة، حيث يساعده الجو الجديد على التعافي من الإدمان، ولكن ما الذي يحدث عندما يغادر ذلك المدمن المصحة مبتعدًا عن أثر بيئتها؟ وربما حدثت طفرة في أداء فريق المبيعات إذا كان مديرهم يحثهم، ولكن ما الذي يحدث بعد ذلك عندما يعود الموقف إلى سيرته الأولى؟
إن تغيير سلوكيات الأفراد يستلزم التأثير على عقولهم وقلوبهم، وليس تغيير البيئة التي يعيشون فيها وحسب.
والمشكلة هنا هي أن: العقل والقلب كثيرًا ما يتعارضان، وبشدة.
تأمل منبه كلوكي Cloacky- وهو منبه اخترعه طالب في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا اسمه " جوزي ناندا" . وهذا المنبه ليس منبهًا عاديًّا، بل عجلات، حيث يضبطه المرء ليلًا على الساعة التي يريد الاستيقاظ فيها، وعندما تحين ساعة التنبيه، يشغل المنبه مصباح الإضاءة بجانب السرير، وينطلق متحركًا في حجرة النوم، مما يضطر النائم الذي استيقظ إلى مطاردته. ولك أن تتصور المشهد: يستيقظ أحدهم من نومه في ملابسه الداخلية ليطارد ويلعن ساعة متحركة في حجرة نومه.
وهذا المنبه يضمن ألا يغلقه النائم ثم يواصل نومه- كما هي العادة- مما قد يؤدي إلى كارثة. ومن الواضح أن هذا خوف شائع، حيث بيع من هذا المنبه حوالي خمسة وثلاثين ألفًا بسعر خمسين دولارًا للواحد في أول عامين له بالسوق (رغم أن تسويقه كان على أبسط المستويات).
ويوضح نجاح هذا الاختراع الكثير عن النفسية الإنسانية، وأهم ما يوضحه هو أننا نحن البشر لدينا شخصيتان، فجزء منا- الجانب العقلاني لدينا- يريد الاستيقاظ في السادسة إلا ربعًا صباحًا حتى يتيسر لنا وقت لممارسة الرياضة قبل أن نذهب لأعمالنا. أما الجزء الآخر منا، الجانب الانفعالي- فإنه يستيقظ قبل شروق الشمس ليغلق المنبه ثم يغوص في دفء ملاءات السرير وبطاطينه، ولا يرغب في أي شيء إلا بعض الدقائق الإضافية من النوم. وإذا كنت مثلنا في أن الجانب الانفعالي غالبًا ما يفوز في الصراع الداخلي لديك، فمن المحتمل أن تشتري منبه كلوكي. ويعود جمال ذلك المنبه إلى أنه يجعل الجانب العقلاني لديك يتغلب على الجانب الانفعالي، حيث ليس من السهل أن تظل تحت فراش السرير إذا كان ذلك المنبه عالي الصوت يجوب أنحاء حجرة نومك.
ولنكن صرحاء هنا: إن هذا المنبه ليس موجهًا لمخلوقات عاقلة، فإذ ا أراد شخص عاقل أن يستيقظ في السادسة إلا ربعًا صباحًا، فسوف يستيقظ في ذلك الموعد دون أية صعوبات.
إن ازدواج شخصياتنا الفطري شيء غريب جدًّا، ومع ذلك فإننا لا نفكر فيه كثيرًا، وذلك لأننا اعتدناه اعتيادًا كبيرًا. عندما نبدأ في اتباع حمية غذائية، فإننا لا نقرب الحلويات؛ لأن الجانب العقلاني لدينا يعرف أن الجانب الانفعالي يجبرنا على تناولها إذ ا كانت بالقرب منا، وأنه لا أمل لنا في السيطرة على أنفسنا، وأن الحل الوحيد هو التخلص تمامًا من مصدر الإغواء (وبالمناسبة، فإن أحد طلبة معهد ماساشوستس يمكنه أن يكوِّن ثروة إذا استطاع اختراع نوع من الحلوى يهرب من أمام من يريدون اتباع حمية غذائية).
المفضلات