تخيل لو كان لديك ذاكرة مثالية: ستتحول الحياة إلى جحيمٍ لا يطاق! الذاكرة نعمة تحافظ على فعاليتها عندما نستطيع أن نترك وراءنا كل ما هو غير مهم.
من الضروري أن تؤدي الذاكرة وظيفتها على أكمل وجه في فحوصات المستوى التي نُقيّم من خلاله مدى تعلم الطالب. في الحقيقة يناقش البعض أن فحص SAT بالإضافة إلى الفحوصات القياسية الأخرى هي على الأغلب اختبارات للذاكرة. بإمكاننا أن نحسِّن أداء ذاكرتنا من خلال التدرب على بعض تقنيات التذكُر. نستطيع أن نحسِن عملية تذكُر الطلاب للتعلم إذا فهمنا كيفية عمل الذاكرة ثم قمنا بتهيئة الصف للقيام بالتدريبات وفقاً لذلك. إليك بعض النصائح التي توصلنا إليها بعد فهم وظيفة الذاكرة والتي وضعت لجعل التعلُم قابلاً للتذكر:
- استخدم أنظمة الذاكرة الثلاث.
- سهّل التعلم باستخدام السياق.
- اجمع واربط المعلومات السابقة مع المعلومات التالية.
- اهتم بالمقدمات والخاتمات.
- توقَع الاختلاف.
- استخدم مجموعة متنوعة من الاختبارات لتحسين التذكُر.
- استخدم الأماكن والوجوه والفراغات.
نقدم فيما يلي شرحاً لهذه النصائح مع بعض الأمثلة التي قد تعنيك بصفتك مُدرِساً:
1.استخدم أنظمة الذاكرة الثلاث
عرَفت الأبحاث ثلاثة أنظمة مختلفة من الذاكرة، وبالعمل ضمن هذه الأنظمة تزداد فرص التذكُر.
ذاكرة دلالية: تتضمن الحقائق والأعداد والبيانات. تعتبر هذه الذاكرة عرضة للفقدان والتحريف والخطأ في الشرح. فمن الصعب أن ينشئ التكرار الببغائي للحقائق أو الأعداد أو البيانات ذاكرة دائمة. إلا أن القيام بذلك في سياق حيوي وغير اعتيادي بحيث ينطبع في الأذهان (أو ربما مضافاً إلى حركات جسدية تخدم الموضوع) يمكن أن يكون له أثرٌ طويل الأمد. إن الأحداث الأساسية في القرن العشرين على الأرجح لن تستمر طويلاً في الذاكرة إن تم تعليمها بطريقة البصم مقارنة مع تعليم نفس هذه المعلومات ولكن بمشاركة طلاب من الصف يخترع كل منهم حركة إيمائية لكل حدث ويمثلونها كل بدوره. قد تستغرق الطريقة الثانية وقتاً أطول لكن المعلومات تعلق في الذاكرة وهذا هو المطلوب!
ذاكرة مؤقتة: تتضمن اللحظات والأحداث والنص الذي ترد فيه الكلمة. نجد ثانية أن هذا النظام قابل للفقدان والتحريف والأخطاء في الشرح. فإذا علمت أن النصوص الخارجة على المألوف، والأماكن المميزة، والخبرات عالية المشاعر تساعد على الحفظ وتعززه وتحتل جزءاً من الذاكرة و تعززها عندها تصبح قادراً على ترتيب الأحداث الفريدة بشكل مدروس يخدم الموضوع. فإن تعلَم الطلاب تلقيح النبات بالوقوف فعلياً ومحاكاة نتائج العملية بتكوين نموذج بشري جسدياً بدلاً من مجرد قراءة ملاحظاتهم فإن هذه العملية سترسخ في ذاكرتهم.
ذاكرة إجرائية: تتضمن سلاسل الأحداث وما يسمى بذاكرة العضل. إذا لعبت الغولف مثلاً، تعرف أن جسدك لا يتبع عقلك دائماً! بالتمرن على حركة خاطئة والقيام بها مراراً وتكراراً، تصبح هذه الحركة جزءاً من الآلية الحركية أو ذاكرة العضل، فيتعود جسمك نفسه على هذه الحركة وتتزايد صعوبة التخلُص منها مع الوقت. لهذا السبب يصل بعض لاعبي الغولف وعلى الرغم من سنوات الخبرة إلى الحد الأقصى الذي يمكنهم الوصول إليه من المهارة فقد خزنت ذاكرته الحركة أو تعلَمت على زاوية معينة إلى درجة يستحيل عملياً أي تغير لتصحيحها، فالحركة المطبوعة في ذاكرة العضلات تقاوم النسيان. هكذا تزداد فرصتك في تذكر المعلومات إلى حد كبير إذا رافقتها سلسلة من الحركات المُكمِلة. مثلاً: تعليم الأرقام من واحد إلى عشرين بالفرنسية مُرفقاً بالتعبير عن كل رقم بحركة جسدية معينة يبقيها في الذاكرة وقتاً طويلاً.
2. سهّل التعلم باستخدام السياق
قد تكون قد جربت تذكُر حدثٍ ما بتحريض ذاكرتك بنفسك أو من قبل الآخرين وذلك بمحاولة تذكر الظروف التي رافقت ذلك الحدث. مثال: يتدرب ضباط الشرطة على استراتيجيات استجواب يحصلوا من خلالها على المعلومات عن طريق تحديد الظروف المحيطة بالحدث. فإذا جعلت الطلاب يخصصون مساحاتٍ في دفتر ملاحظاتهم لتدوين تعليقاتهم في أثناء الدرس ستدعم عملية التذكُر بالدليل المدون. لتجني فائدة أكبر علِّم الطلاب الأكبر سناً كيفية تدوين الأفكار الرئيسة والنقاشات حولها ضمن ملاحظاتهم ولا تنس أن الطبيعة العاطفية للتجربة تترك انطباعاً لها في الذاكرة أيضاً، فالأحداث المشحونة بالعاطفة من الصعب نسيانها أما الخالية من العاطفة فلا تدوم في الذاكرة. يمكنك توظيف تلك الفكرة في مراجعة المعلومات الأساسية: اشحنها بالعاطفة في سياق ينبض بالحياة. إن المثال حول الأحداث الأساسية في القرن العشرين (المشروح في فقرة الذاكرة الدلالية) مناسب جداً لأنه يُشرك كل طالب، وهو خارج على المألوف إلى حد كبير لذلك فهو صعب النسيان.
3.اجمع واربط المعلومات السابقة مع التالية
يتذكَر الأشخاص المعلومات بشكلٍ أفضل عندما يتمكنون من ربطها بشيءٍ مألوفٍ وعندما تكون مقسَمة إلى عدة أجزاء صغيرة. عندما تقدم المعلومات قم بتجزئتها إلى أصغر جزء ممكن مع رقم مرافق. ليكن الموضوع مثلاً "خمس صفات للجبل الجليدي" استعرض المعلومات تصاعدياً من الصغير إلى الكبير: اذكر نقطة أساسية من الأسبوع الماضي، تبادل الآراء مع زميلك حتى تتفقا على ثلاث نقاط، بعدها انضم إلى مجموعة للمناقشة والوصول إلى خمس نقط من الأسبوع الماضي. من أجل الاستذكار: كلما قلَ عدد الأجزاء كان ذلك أفضل حيث يصعب تذكر القوائم الطويلة. مثلاً "خمسة أسباب للحرب العالمية الأولى"، "ثلاث أسباب لحيرة هاملت". تمثل الخارطة الذهنية تقنية جيدة للربط والتجزئة.
4. اهتم بالمقدمات والخاتمات
شاهد الأخبار المحلية في المساء. يقدِم مذيع الأخبار لمحة عن عناوين النشرة في البداية ويستعرضها في النهاية، عادة يعير الشخص اهتماماً أكبر لما يعي في بداية ونهاية أي تجربة يعيشها. في التعليم حاول أن تحافظ على بداية إيجابية وموجَهة وخاتمة حاسمة وامنح الطالب أكثر من فرصة لمراجعة المعلومات في أثناء عملية التعلم، مثلاً أن يقوم الطالب بشرح كلام المدَرس لزميله.
5. توقَع الاختلاف
ضع شخصين في غرفة واحدة واطلب منهم أن يشاهدوا مقتطفاً عن فيلمٍ ما، وبعد خمس دقائق من نهايته اسألهم عن موضوعه، بعد خمسة أسابيع اسألهم مرة ثانية عنه، وقم بذلك بعد خمسة أشهر أيضاً. لن تجد فقط اختلافاً في مفهوم كل من الطالبين بل ستلاحظ تغييراً في كيفية تذكُر كل منهما لهذا المقطع مع مرور الوقت. في الحقيقة تتعلق الذاكرة بإعادة التكوين أو الصياغة أكثر منها باسترداد المعلومات- أي التذكُر ذاته, فما نتذكَره يختلف من شخصٍ لآخر ويُحرَّف مع الوقت. حاول أن تضع جلسات المراجعة في فترات متباعدة للحفاظ على مستوى عالٍ من التذكُر، واحرص على مشاركة الطلاب في المراجعة مع بعضهم بحيث يشرح كل منهم مخطط التفكير للآخر ويتبادلون الملاحظات ويسألون بعضهم عنها.
6. استخدم مجموعة متنوعة من الاختبارات لتحسين التذكُر
إن الإستراتيجية الوحيدة التي تساعد المتعلِم على تذكُر المعلومات المطلوبة في الامتحان أكثر مما تفعله أي إستراتيجية أخرى هي اختبار الذات، ومع ذلك فإن معظم الطلاب يعتريهم الخوف من هذا الاختبار. علم طلابك كيف يختبرون أنفسهم وشجعهم على ذلك بالإضافة إلى اختبار بعضهم. جرب مثلاً إخفاء ورقة ما وادفعهم إلى محاولة تذكُر ما فيها. حاول أن تكرِّر الاختبارات واجعلها متنوعة وبطريقة عفوية. احرص على تقليص الأبعاد العاطفية والأكاديمية لتجربة الاختبار فتكون بذلك قد ساهمت في توضيح أبعاد القلق والخوف الذي يصيب بعض الطلاب وخاصة أن كلاً منهم يعتقد أنه الوحيد الذي يعاني من ضعف ذاكرته في الامتحانات.
7. استخدم الأماكن والوجوه والفراغات
نحن بطبيعة الحال نتذكر المواقع والوجوه والأماكن، ونملك قدرة جيدة على القيام بذلك ولولا هذه المقدرة لما نجونا كنوع بشري. استخدم الكثير من الأماكن والوجوه والمساحات في الأمثلة التي تطرحها، فعند استعمالك للملصقات الجدارية التعليمية احرص على أن يكون موضوعها وشكلها وموقعها جزءاً من عملية التعلُم فاسأل: ماذا فهمتم من اللوحة؟ هل بإمكانكم أن تتذكروا شكلها؟ وأين كانت؟ ولماذا؟
بتصرف من كتاب التعلم السريع: كتيب المستخدم. ديريك وايز.
بواسطة عمران المرابط
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=431
المفضلات