لقد حدث أن طلب أحد رؤساء الشركات من المرؤوسين إمداده بانطباعاتهم، وتقييمهم، على أساس سؤالين يقومان على حقيقة وهي أن لنا في الحياة ثلاثة أدوار:
منتج: تنفيذ الأشياء اللازمة لتحقيق النتائج.
مدير: تكوين النظم والعمل، مع الغير، من خلالها.
قائد: بناء الرؤية، والتوجيه لفريق عمل قائم على الاحترام المتبادل.لقد طلب ذلك الرئيس من مرؤوسيه أن يضعوا الحرف المعبر عن كل دور من هذه الأدوار على الأعمال التي تستغرق معظم وقته أثناء يوم العمل. ثم سألهم أين كان من واجبه إنفاق معظم وقته.

عندما جاءه تقييم المرؤوسين ليؤكد أنه ينفق وقته بدرجة أكبر كمنتج ومدير وليس كقائد.في حين أن الصورة التي يودون فيها منها هي التركيز على دور القائد، مع وقت أقل في دور المدير والمنتج. يودون منه أن ينفق وقتاً أطول في التخطيط الطويل الأجل، وتحديد الأهداف، وقراءة الأحداث في بيئة سريعة التغير. فهم يرون أن أدوار المنتج والمدير يستطيعون هم القيام بها، وأن طاقته يجب أن تترك لمهمة القيادة.

بناءً علىهذا التقييم القادم من مرؤوسيه استطاع هذا الرئيس أن يحدث تغيير كبيراً في عمله؛ حيث ذهب تركيزه إلى بيئة الأعمال والتخطيط الطويل الأجل، وكان هؤلاء المرؤوسين سنداً له في إحداث هذا التغيير.وبسرعة ظهرت النتائج الأفضل نتيجة لهذا التغيير. لقد أمكنه رصد بعض التغييرات في السوق مكنته من اغتنام الفرصة لتحقيق زيادة ملحوظة في الحصة السوقية لشركته.النقطة هنا ليست أن القيادة أهم من وظائف الإنتاج والإرادة، فجميعها هامة لنجاح الشركة. ولكن كان إهمال القيادة هو نقطة الضعف في نمط هذا المدير، وبهذا التقييم تمكن من تحسين أداء الشركة.

يهمل معظم المديرين القيادة الموجودة في المربع الثاني بتركيزهم على الإدارة. ومشكلة التركيز على الإدارة، أنها تعني المزيد من العمل الإداري لمعالجة المشكلات الناتجة عن إهمال مهام القيادة. وهذه ميزة أخرى للتركيز على المربع الثاني. فالتخطيط للعمل الأسبوعي يتركز على القيادة ويؤكد الرؤية البعيدة المدى، أما التخطيط التقليدي يوماً بيوم فيقوم على الإدارة، حيث يضيع الكثير من الوقت في تقديم الأعمال الطارئة على سواها.

إن الحصولعلى تقييم جيد وفي وقت مبكر لمشروع ما يحقق ميزة كبيرة في الأجل الطويل. فيما يلي خبرة يقدمهالنا الزملاء:في الأسبوع الأول عندما يكون لدي مهمة جديدة، يكون لدي رؤية واضحة لما أريد أن أصل إليه، وعندها أشعر أنني أسيطر تماماًعلى كل شيء. عندئذٍ يأتيني أحد المرؤوسين قائلاً: "انظر هذه الخطة لن تنجح ولا يجب تنفيذها". عندها يصبح لسان حالي هو "ما تقوله غير صحيح!" ولكن سريعاً ما أقول: "أنا أقدر وجهة نظرك المختلفة، لماذا لا نناقش الأمر سوياً؟".

خلال خمسة عشرة دقيقة يكون هذا الشخص قد حلل خطتي، ووضع لي رؤية جديدة لخطة جديدة. لقد تعلمت من هذا الأسلوب الكثير، ولذلك بدأت أتحدث إلى كل من حولي وأسمع إليهم. سألت كل من حولي عن رؤيتهم للإدارة التي نعمل بها، وحصلت منهم على كم هائل من الملاحظات مكنني من التغلب على كافة الصعاب.

الكثير من المنظمات لا تحصل على مدار360 درجة فكل التركيز هو على الأرقام والنتائج، وهذا هو المهم. وهذه بيانات قصيرة الأجل ومحددة، ولكنها غير كاملة لأنها لا تتعامل مع الناس. فهي تسجل أعمالهم، وتكلفتهم، ولكنها لا تبين عواطفهم، وعقولهم، وخبراتهم، وقدراتهم. إن هذا النوع التقليدي من نظم المعلومات يقود التنظيم إلى إهمال عوامل يصعب قياسها مثل تنمية العاملين، وتحسين الجودة، والاستثمار الطويل الأجل، وروح الفريق، ومناخ الثقة.

كلنا زاد تعاملنا مع المنظمات كلما زادت قناعتنا أن التقييم الشامل على مدار360 درجة له أثر هائل على الجودة. وهذا التقييم الشامل يأتي من العاملين، والعملاء، والموردين، والبائعين، والمستثمرين، والمجتمع. هذا النظام نسميه نظام معلومات المشاركين.

يقول STEPHEN:في إحدى المرات حاضرت في دورة تدريبية لقادة من القوات الجوية في دولة لها تاريخ من التحدياتوالصراع. كنت أتحدث عن أهمية نظام معلومات المشاركين، فوجدتهم يوافقونني على ما أقول وأخبرني قائدهم. إنهم يستخدمون هذا الأسلوب في تدريب الضباط بشكل فعال، وأضاف قائلاً: إنهم طيارون من الدرجة الأولى، وليسوا مديرين، وكل واحدمنهم يأتيه تقرير عن انطباعات كل من حوله عن أدائه. وهم يستعينون بهذه التقارير على تحسين أدائهم، ولا يرقى أي منهم ما لم يحصل على درجة عالية في هذه التقارير من كل من حوله بما في ذلك مرؤوسيه. قلت له " لا تدري كم هو صعب أن نطبق هذا المبدأ هنا في الولايات المتحدة". عندها قال لي هذا القائد: إن حياة بلدنا متوقفة على أداء هؤلاء الناس، وهم يدركون ذلك. وكثيراً ما يحصل أشخاص غير محبوبين على أعلى الدرجات لأن أداءهم عند مستويات راقية.

لابد من التواضع لكي تبحث عن تقييم الغير لك. ولابد من الحكمة لكي تفهم هذا التقييم وتحلله وتتصرف في ضوئه. حتى تحصل في النهاية على مكافأة للمجدين.








المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر:2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 368-371
كلمات مفتاحية: التقييم الشامل – رفع معايير الأداء – أهمية تنمية العاملين – تحسين الجودة – التخطيط الطويل الأجل – روح الفريق – مناخ الثقة – وضوح الرؤية – مهمة القيادة – دور القائد
أرسل بواسطة: وليد اليوسف
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=103