يقول STEPHEN: أتذكر الفترة التي عاصرت فيها أحد رؤسائي، وكان من القادة القادرين على التعبئة. قيل هذا الرجل كان كل رؤسائي يمثلون أشكال الرقابة القائمة على استخدام السلطة. ولكن هذا الرئيس لم ينظر إلى مهمته من هذا المنظور، بل كان يعمل من منظور التعبئة. وكانت أول تجربة معه جعلتني أسلم له من البداية.لقد كنت مديراً لإحدى العمليات الكبيرة، وكانت تحت رئاستي العديد من المديرين. طلبني هذا الرئيس ذات يوم قائلاً: "أنا أرى دوري مجرد مساعد لك، وعندما تحتاج أية مساعدة عليك بطلبي".

عندها قلت لنفسي هذا منهج من أحسن المناهج في القيادة، ولكن وجد الظن بي إلى حد القول: ربما كانت هذه مجرد مقدمة لما سيقوم به من التحري والتحسس خلفي لكي يتأكد من حسن سير العمل. وكان هذا الحكم نابغاً من خبرتي مع غيره، فلقد حكمت عليه من خلال نفسي، وعكست دوافعي على سلوكه، غير مدرك لحقيقة المبدأ الذي يتبعه هذا الرئيس في القيادة.كرر لي القول: "إنني أعني ما أقوله. كنت أود أن آتي معك إلى موقع العمل لأرى ما يجري، ولكن ربما لا يكون الوقت مناسب. عموماً عليك أنت أن تقرر متى آتي لزيارتك".

عندما فكرت في أنه فعلاً يعني ما يقول، وأنه ليس مجرد مراقب ومفتش بالطريقة التقليدية على أعمالي، بل هو رئيس يريد بالفعل مساعدتي كمرؤوس له.قال لي: "ربما تحتاج لأن تعرف عني، وعن خبرتي، بعض الشيء، حتى تعرف إلى أي حد يمكنني كرئيس له خبرة مساعدتك". تبين لي أنه لديه عشرين عاماً من الخبرة المتنوعة والحكمة العالية. ولكن لأنني كنت منشغلاً بالعمل لحظتها قلت له: "ربما حددنا لذلك موعداً فيما بعد" وتركته.

عندما دعوته لزيارة مواقع العمل بعد عدة أسابيع كان له نفس المنظور. قابلته عند المطار وقلت له متى يود رؤية موقع العمال فكان رده "أنا هنا للمساعدة وسأعمل ما تراه أنت مناسباً". فأخذته إلى اجتماع، وعرضت عليه عدة مشكلات، فكان يقدم الحل لها الواحدة تلو الأخرى، وفي النهاية سألني هل هناك أي شيء آخر؟

عندها أحسست أنني الشخص المسؤول، وهو فعلاً مساعد لي.

ولحظتها كان قلبي وعقلي مفتوحين له تماماً. بعدها كلما كان هناك اجتماع أسأله عن تقييم لأسلوبي في معالجة الأمور، وإن كان ذلك يتفق مع ما يراه ومع خبرته. وغالباً ما تكون إجابته "لعلك تأخذ في الحسبان ما نقوم به في قسم آخر، أو تلك الفكرة، أو ذلك البديل". لم يحدث أن فرض علي أمراً ما، كل ما كان يفعله هو تأكيد مسؤوليتي، وسلطتي في اتخاذ القرار، مضيئاً طريقي بالأمثلة والإيضاحات فقط.ما حدث بعد ذلك لم يكن هذا الرجل هو المتحكم في الموقف، ولكن كان المتحكم الحقيقي هو ضميري ووعي بمسؤوليتي. كان لدى هذا الرئيس مسؤوليات أخرى، فتركني وذهب، ولكن ضميري لم يتركني أبداً.

يا إلهي! كم أشعر بالمسؤولية، لقد بدأت أسأله المزيد من حكمته وخبرته واتساع الرؤية لديه. ومع ذلك لم يحدث أن فرض علي ما يجب عمله، كل مل كان يقوله: "قد تحتاج إلى أخذ ذلك في الحسبان"، وكل ذلك حرك ضميري بشكل لم أعهده من قبل.بعد ذلك عملت مع رئيس آخر، والذي كان شخصاً ممتازاً، ولكنه كان يتحكم في كل شيء. ومع هذا الأخير اكتشفت كم كانت مهمتي سهلة. لقد كانت مجرد تنفيذ ما يقوله. ولكن مع هذا الرئيس غابت الفرص الخلاقة، والتعلم من الممارسة. ولحظتها شعرت بغياب الشحن الداخلي والتعبئة الذاتية، ولذلك كنت أجد سعادتي عادةً خارج العمل وليس داخله. وسرعان ما تحول كل الرجال الذين كانوا حول هذا الرئيس إلى مجرد ظل له يطبقون أسلوبه.

لقد ساعدني العمل مع هذين النموذجين من القادة في هذه الخبرات على التفرقة ما بين منهج الشحن والتعبئة من ناحية، ومنهج الرقابة والتحكم من ناحية أخرى.











المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر:2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة:372-374
كلمات مفتاحية: منظور التعبئة في بيئة العمل – مبادىء القيادة - تقييم أسلوب العمل – حس المسؤولية – التعلم من الممارسة العملية
أرسل بواسطة: داري قدور
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=104