عندما كنت مديراً بإحدى الجامعات الكبرى مديراً للعلاقات الجامعية، استعنت بأحد الكاتبين المبرزين موهبة، ايجابية وابداعاً، وبعد عدة شهور في العمل، دخلت يوماً إلى مكتبه وطلبت منه إنجاز بعض الأعمال ذات الطبيعة الملحة والتي كانت تمثل عامل ضغط عليّ.
قال لي: "ستيفن، سوف أنفذ ما طلبته مني، ولكن دعني أشركك في وضعي".
بعدها قادني إلى اللوحة الخاصة به التي سطر عليها مجموعة كبيرة من الموضوعات التي يعمل فيها إضافة إلى معايير الأداء والتوقيتات النهائية التي سبق واتفقنا عليها، لقد كان منضبطاً إلى حد بعيد، وهو السبب الرئيسي في ذهابي إليه لرؤيته، وقد قال لي: "إذا رغبت في إنجاز شيء ما، فاعهد به إلى رجل مزدحم بالمشغوليات".
ثم أردف قائلاً: "ستيفن، إن إنجاز الأعمال التي تريدها على وجه صحيح يستغرق عدة أيام، فأي من تلك المشروعات تريدني أن أرجئها أو ألغيها لأستجيب لطلبك؟ "لم أكن طبعاً مستعداً لتحمل هذه المسؤولية، لم أكن أريد أن أضع عصاً في عجلة أحد أكثر الناس إنتاجية بين الموظفين لمجرد أنني كنت أنتهج بالمصادفة الإدارة بالأزمات في ذلك الوقت، لقد كانت المهام التي كنت أريد إنجازها عاجلة لاحقاً، ولكنها غير ملحة، وعليه فقد انصرفت حيث عثرت على مدير بالأزمات آخر فعهدت إليه بالأمر.
إننا نقول للأشياء "لا" و "نعم "يومياً، بل عدة مرات كل يوم في العادة، ومن شأن وجود مركز للمبادئ السليمة وتركيز على مهامنا الشخصية تزويدنا بالحكمة لنتوصل إلى هذه القرارات بفاعلية. ونظراً لعملي مع مجموعات شتى، فلقد كنت أذكرهم بأن جوهر الوقت الفعال وإدارة الوقت يكمن في أن يكون التنظيم والتنفيذ دائرة في فلك أولويات متوازنة ، وبعدها أتوجه إليهم بهذا السؤال: "إذا خيرت أن ترتكب خطأ في واحد من مجالات ثلاث، فما يكون: (1) العجز عن وضع أولويات، (2) العجز أو الرغبة في التنظيم حول تلك الأولويات، أو (3) الافتقار إلى الانضباط في التنفيذ حولها، البقاء مع أولوياتك وتنظيماتك؟
ويقول معظم الناس أن خطأهم الأساسي و الافتقار للانضباط، ومع مزيد من العمق في التفكير، اعتقد أن الأمر ليس كذلك، فالمشكلة الرئيسية هي أن أولوياتهم لم ترسخ بعد في أعماق قلوبهم وعقولهم. إن الحقيقة أنهم لم يستوعبوا العادة رقم (2) في أعماقهم.
هناك الكثير من الأشخاص الذين يقرون بقيمة أنشطة المربع رقم (2) في حياتهم، سواء استطاعوا أم لم يستطيعوا تمييزها على أنها كذلك، حيث أنهم يحاولون إيلاء أولوية لهذه الأنشطة وتضمينها في حياتهم عبر الانضباط الذاتي فقط. غير أنه بدون مركز للمبادئ، وبدون إقرار شخصي للمهمة، فإنهم يفتقرون إلى الأساس اللازم لتحمل الجهود التي يبذلونها. إن أعمالهم تنصب على الأوراق، على توجهات وسلوكيات الانضباط، دون حتى مجرد التفكير في فحص الجذور ، في فحص التصور الذهني الذي ينساب منه توجهاتهم وسلوكياتهم الطبيعية.
إن التركيز على المربع رقن (2) هو تصور ذهني ينبت من مركز للمبادئ، فإذا كنت متمركزاً حول زوجتك، أو مالك، أو أصدقاؤك ، أو أمتعتك، أو أي عامل خارجي، فلسوف تجد نفسك ترتد إلى المربعين (1) و (3) مستجيباً للقوى الخارجية التي تتمركز حياتك حولها، وحتى لو كنت متمركزاً حول ذاتك، فلسوف تنتهي أيضاً إلى المربعين (1) و (3) مستجيباً إلى نبض اللحظة، ولن تكون إرادتك المستقلة قادرة بمفردها على ضبط ذاتك ضد مركزك.
وعلى غرار الحكمة المعمارية القائلة بأن الشكل يتبع المضمون فإن الإدارة تتبع القيادة أيضاً. إن الطريقة التي تقضي بها وقتك هي نتيجة للطريقة التي ترى بها وقتك والطريقة التي ترى بها أولوياتك حقاً. فإذا ما كانت أولوياتك تنبثق من مركز للمبادئ ورسالة شخصية، إذا ما كانت راسخة في أعماق قلبك وعقلك، فلسوف تنظر إلى المربع رقم (2) كمكان طبيعي، ومثير لاستثمار وقتك.
إنه من المستحيل تقريباً أن تقول "لا" للشعبية الذي يحظى بها المربع رقم (3) أو إلى المتعة في الهرب إلى المربع رقم (4) إن لم تكن تشتعل في أعماقك "نعم" الأكبر منها، لغير الهام إلا إذا كان لديك الإدراك الذاتي لفحص برنامجك – والخيال والضمير لخلق برنامج جديد، متفرد، مرتكز على المبادئ تستطيع أن تقول له "نعم".
المرجع: العادات السبع للناس الأكثر فعالية
اسم الكاتب: ستيفن ر. كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2004
رقم الطبعة: السادسة
رقم الصفحة: 219-222
كلمات مفتاحية: تنظيم الأولويات – إدارة الأولويات – تنظيم المهام – تفويض – إدارة - قيادة
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=140
المفضلات