عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 17
وسع عقلك ... الأفكار لا تأتي من الفراغ
الأفكار لا تأتي من الفراغ
بالرغم مما تبدو عليه تلك الأمثلة التاريخية "للومضات " من استثنائية أو غموض، إلا أنه من خلال الإدراك المتأخر عادة ما تثبت هذه الأمثلة في النهاية أنها كانت بسيطة ومنطقية؛ أي أنها من ذلك النوع من الأفكار التي قد يتوصل إليها أي شخص من خلال بعض المعلومات المعقولة المتعلقة بالموضوع محل النقاش. وزيادة في توضيح الأمر، علينا أن نقول بأنها لم تأت من معلومات خيالية عديمة الجدوى، وإنما هي بمثابة حلول لاحتياجات أو مشاكل معينة، أو أنها تساعدك على تحقيق أهدافك وأغراضك المحددة؛ حتى تلك التي لم تعبر عنها. فنحن جميعاً نعد آلات لتحقيق الأهداف، كما أننا لا نعمل على نحو جيد إلا إذا كان لدينا أهداف. لذا فالحدس لديه هدف.
دعنا نتناول تلك الحالة البسيطة المتمثلة في تذكر اسم شخص ما كنت تعرفه منذ عدة سنوات مضت. إذ إنك عادة ما تفكر بالأمر بالفعل ( "ما اسمه مرة أخرى؟") أو على الأقل تفكر حيال شيء ما يتعلق بذلك الشخص. وعلى هذا فاستدعاء الاسم أو تذكره كان لديه هدف. لذا فالإلهام، بالرغم من أنه لا يحظى بأهمية كبيرة، عندما يأتي، فإنه يعني شيئاً ما.
نفس الشيء يحدث حينما تتلقى قليلاً من الأفكار الجيدة أثناء استحمامك في الصباح، إذ يكون هناك احتمال أكبر أن هذه الأفكار ستكون متعلقة بالعمل أو بمسائل شخصية كنت مشغولاً بها قبل أن تمضي إلى النوم، أو في الأيام أو الأسابيع السابقة لذلك. وعلاوة على ذلك، فإنك إذا عملت وفق هذه الأفكار، فسيكون هناك احتمال بأنك ستستفيد من تحقيقك لأهدافك أو حلك لمشاكلك ؛ إذن فستكون هذه الأفكار مفيدة. لذا فأياً ما كان الشأن الذي يواجهك، فإن الأفكار الإبداعية قد تحسن على نحو كبير من أدائك.
ومع ذلك، فإن الترابط بين الأفكار والنتائج قد لا يكون واضحاً ومباشراً على الدوام. لكن إذا ما كان شغلك الشاغل صحتك، فلن يكون من المدهش حينئذ أن أفكارك الجيدة ستكون مرتبطة بصحتك، حتى ولو لم تتناول "مشكلة" بعينها. وبالمثل، فحينما تكون مهموماً بالأساليب التي يمكنك من خلالها جني المزيد من المال، فسيكون من المنطقي آنذاك أنك ستحظى بأفكار قد تبدو غريبة أو جدول أعمالك الشخصي سيعمل على تحديد نوعية الأفكار التي تتلقاها، بالرغم مما قد يبدو على تلك الأفكار من عشوائية.
قد لا تكون واعياً على الدوام تجاه رغباتك الأساسية، لكن عقلك غير الواعي سيضعها في الاعتبار على الرغم من ذلك . وبالتالي فإن بعض الأفكار، بالرغم مما قد يكتنفها من متعة ودهشة، تجد بسهولة مكاناً لنفسها في مشكلة معلومة أو موضوع يشغل بالك في تلك الأثناء . وربما تتسأل " لماذا أفكر في أمر كهذا؟". إذ غالباً ما تنبثق قيمة إحدى الرؤى بعد فترة من وقوعها. لكننا نجد في كلتا الحالتين أن الأفكار لا تأتي من فراغ، وإنما هناك شيء يثيرها : هدف، مشكلة، حاجة، أمنية ،حلم . إذ تنحاز هذه الأفكار لتصب في صالح أغراضك و سوف نجد:
- حينما كان الدكتور " جوناث سالك " يعمل على فيروس الأنفلونزا، أتته تلك الفكرة ( المتعلقة بالعدوى والمناعة). إذ انصبت تلك الفكرة تماماً على أكثر أمر كان مهتماً ومشغولاً به في ذلك الوقت.
- ظل " جيمس واتسون" و "فرانسيس كريك" يعمل بكد ومثابرة في جزيء dna قبل أن يأتيهم الإلهام الذي أشار إلى اللولب المزدوج. لقد كانت الرؤية أمراً حاسماً ومهماً لتحقيق غرضهم الأساسي.
- عالم الرياضيات "بوينكير" الذي ظل يعمل بكد طوال خمسة عشر يوماً وهو يجرب "عدداً كبيراً من التوافق" قبل أن يكتشف دالته الفوشية. ليس لدينا شك حيال ما كان يدور في عقله، أو على الأقل في خلفية ذهنه.
- المخترع " أرت فراي" استهل عمله بمشكلة واقية؛ علامات الكتاب التي سقطت من النوتة التي ينشد منها، والتي حلتها الملاحظات اللاصقة التي اخترعها. كما أن الفوائد الإضافية التي جناها ( المال، أو الشهرة، وغير ذلك) قد تحققت لاحقاً حينما تم استغلال تلك الفكرة. ولا شك أتته أفكار جديدة.
- كذلك " إلياس هو" ظل يعمل لسنوات على النموذج الأولي لماكينة الخياطة قبل أن يقوم حمله غير العادي بمنحه هذا الاكتشاف المذهل.
- كذلك أهداف الموسيقيين التي لم تكن تتمثل سوى في تأليف موسيقى رائعة أو إرضاء لجنة استماع ؛ فقد كان هذا كافياً للعقل المبدع غير الواعي كي يبني عمله على أساسه.
كل "وجدتها " قد أدت إلى ظهور شيء كان صاحبها يسعى إليه . وكل إلهام نابع من المخ الأيمن كان له غرض. لذا فالأفكار قد تم تفسيرها على ضوء ما كان هناك احتجاج إليه أو كان يشغل البال، إذ على الرغم من لا محدودية قدرات وملكات المخ البشري، إلا أنه في عمله يعد اقتصادياً وموجهاً نحو الهدف.
المفضلات