جمعه وألفه ورتبه
الفقير إلى رب البريات
أبوكفاح الدين
أحمد بن محمد السعيد العزيزى
سبط الإمام المجدد
تقى الدين أبو الفتح القشيرى
إبن دقيق العيد
رحمه الله
جاء في المقدمة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلآ مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لآ يزيغ عنها إلا هالك وعلى الآل والصحب أجمعين .
اللهم أقمنا على سنته وأمتنا عليها واحشرنا تحت لوآئه واجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين .
ثم أما بعد ::
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتعدَّوا حدود الله ومعالمه, ولا تستحِلُّوا القتال في الأشهر الحرم, وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب, وكان ذلك في صدر الإسلام, ولا تستحِلُّوا حرمة الهَدْي, ولا ما قُلِّدَ منه; إذ كانوا يضعون القلائد, وهي ضفائر من صوف أو وَبَر في الرقاب علامةً على أن البهيمة هَدْيٌ وأن الرجل يريد الحج, ولا تَسْتَحِلُّوا قتال قاصدي البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله ما يصلح معايشهم ويرضي ربهم. وإذا حللتم من إحرامكم حلَّ لكم الصيد, ولا يحمِلَنَّكم بُغْض قوم من أجل أن منعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام -كما حدث عام "الحديبية"- على ترك العدل فيهم. وتعاونوا -أيها المؤمنون فيما بينكم- على فِعْل الخير, وتقوى الله, ولا تعاونوا على ما فيه إثم ومعصية وتجاوز لحدود الله, واحذروا مخالفة أمر الله فإنه شديد العقاب.
نداء من الله للبشر جميعًا: أن اعبدوا الله الذي ربَّاكم بنعمه, وخافوه ولا تخالفوا دينه; فقد أوجدكم من العدم, وأوجد الذين من قبلكم; لتكونوا من المتقين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1
يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.
المفضلات