عنوان الكتاب: المختصر في فقه الحقوق الزوجية. المؤلف: فهد عبد الله. يتحدث الكتاب عن واجبات الزوج تجاه زوجته والعكس ، وفيه مباحث مهمة لكلا الزوجين.
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
فإن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة سنة إلهيه، وغريزة أودعها الله في الجنسين- الذكر والأنثى-اللذين يشكلان الركيزتين الأساسيتين لهذه العلاقة، ولهذا لم يترك الشارع الحكيم هذه العلاقة دون توجيه وبيان لما يجب على كل طرف نحو الآخر، وما تمليه ضرورة هذا الاقتران من حقوق بحيث تستمر هذه العلاقة وتقاوم الصعاب الدنيوية، ولا تتكسر أمام موجات الحياة الصغيرة.
كما أن الشارع أراد بذكر الحقوق والواجبات على كلا الطرفين تجاه صاحبه كيلا تنحرف الأسرة عن المسار الصحيح، والذي بانحرافها ينحرف المجتمع برمته، فالأسرة هي النواة للمجتمع، وهي التي تشكل سداه ولحمته وبصلاح الأسره يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد.
وللمركز الهام الذي تحتله العلاقة الزوجية بيّن الشارع الحكيم في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم جملة من الواجبات والحقوق التي يجب على الزوجين تطبيقها طاعة لله سبحانه أولاً، وحفاضاً على كيان الأسرة ثانياً، وعلى هدوء واستقرار وسلامة المجتمع ثالثاً.
إن هذه الحقوق التي بينها الشارع الحكيم- والتي سآتي على ذكرها في الفصول القادمة- تمثل سياجاً آمناً يحفظ للأسرة سلامتها وطمأنينتها، كيف لا؟! وهي آتية من اللطيف الخبيرأَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الملك:14). لا يستطيع أحد أن ينكر أن العلاقة الزوجية نعمة أنعمها الله على الإنسان، وميزه بها عن غيره من المخلوقات ذات الزوجية الذكرية والأنثوية، خاصة فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، فالمسألة ليست تسافداً كتسافد الكلاب، بل هي علاقة تنبني على التفاهم والوفاء، فلا يصح للإنسان أن يصرفها كيف يشاء بعيداً عن توجيه رازقها ومعطيها المولى سبحانه، إذ إن مقتضى الربوبية ينقض هذا من أساسه والواجب على المسلم أن يقول: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(البقرة: من الآية285)ومن هنا تكمن أهمية معرفة الحقوق والواجبات في العلاقات الزوجية.
ومما ذكر القرآن بياناً للحقوق والواجبات بين الزوجين قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (البقرة: من الآية228) وهذه قاعدة عظيمة في بيان طبيعة الواجبات والحقوق بين الزوجين، ومنه قوله تعالى:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ (النساء: من الآية34).
كما بين القرآن النهي عن الإضرار بالنساء أو البغي عليهن كما في قوله تعالى:وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ(الطلاق: من الآية6) وقوله سبحانه:فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً (النساء: من الآية34) وغيرها من القضايا التي سأبينها في هذا البحث إن شاء الله.
يتبين مما سبق أن العلاقة بين الزوجين توجب أداء حقوق وواجبات كما تعني عدم الإساءة إلى كلٍ منهما على الآخر، وهذا ما سأفصله في صفحات هذا الكتاب، إن شاء الله.
إن مما دفعني للكتابة في هذا الموضوع أمور:- الأول: جهل الكثيرين من الجنسين بهذه الحقوق، والتي تعتبر جزءاً من الدين يسأل عنه المرء في أخراه، ذلك أن البعض يركز على الجوانب الخارجة عن إطار الأسرة، وينسى واجباته داخل بيته وأسرته.
الثاني: جهل الكثيرين من الجنسين بهذه الحقوق، والتي إذا لم تراع فإنها تفرز غالباً نتائج مدمرة للأسرة برمتها، وإن الكثير من المشاكل الأسرية التي نراها في مجتمعاتنا يعود السبب الكبير والوحيد غالباً إلى عدم الانتباه لقضية الحق الواجب عليه تجاه الطرف الآخر.
الثالث: أن هناك مؤسسات دولية وحكومية عندما رأت كثرة المشاكل الأسرية حاولت أن توجد حلولاً، فعملت اتفاقيات وقوانين بعضها يتوافق مع الشرع وبعضها يعارضه، وهذا ليس غريباً على بلدان لا تدين بدين الإسلام، بيد أن الغريب هو أن نجد بلداناً إسلامية تتبنى بعض هذه المشاريع دون الرجوع إلى ما ذكره الشرع الشريف متبعة في ذلك نهج (الآخر) مؤيدة ببغاوات مستوردة أكبر همها هو الطعن في الدين قبل محاولة إصلاح الأسرة.
ومع هذا لم يصلح شيء وهذا بدهي لأن:-
1. هذه التشريعات مصادمة لدين الله عز وجل.
2. ليس لهذه التشريعات مستند ترجع إليه سوى الاتفاقيات والندوات والأسماء المستوردة كلها من خارج ديارنا وثقافتنا وديننا.
3. وبما أنها ليست شرعية لم تكتسب الثقة من الناس والأمة
4. ولبعدها عن الدين لم تستطع أن تعطي الحلول الناجعة، وأن تحدد الحقوق الصائبة بل
زاد تخبطها وبدلاً من أن تحافظ على كيان الأسرة وعلى استقرار المرأة راحت تعلمها العصيان فزاد الطين بلة.
من هنا رأيت أن أذكر هذه الحقوق راجعاً للقرآن والسنة وكلام علماء الأمة راجياً من الله سبحانه أن يكتب هذا العمل في ميزان حسناتي، فهو حسبي ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 18-Feb-2009 الساعة 01:53 AM
المفضلات