شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في عدد حالات تواجد الأمم المتحدة في الميدان سواء كان ذلك لأغراض التعمير بعد النـزاع أو للقيام بوظائف وقائية أو لبناء الثقة مع زيادة مناظرة في عدد موظفي الأمم المتحدة المستخدمين في الميدان.
وقد تزايد عدد العمليات الميدانية للأمم المتحدة التي قامت في السنوات الأخيرة سواء بتنسيق من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أو برعاية جهات أخرى تابعة للأمم المتحدة، وضمت هذه العمليات ولاية لحقوق الإنسان (في أنغولا وبوروندي ورواندا والسلفادور وسيراليون وغواتيمالا وكمبوديا وكولومبيا وهايتي ويوغوسلافيا السابقة وغيرها). وهذا التكثيف للعمل الميداني هو واحد من أهم التطورات في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في العقد الأخير من القرن العشرين. وفي حين أن ولاية هذه العمليات الميدانية قد تباينت فقد كانت كلها مكلفة بمهمة كبرى هي رصد حالة حقوق الإنسان في بلد العملية.
وأعمال حقوق الإنسان – سواء كانت للرصد أو للتعزيز – أصبحت مهنة متخصصة تتطلب استعداداً كافياً ومهارات تقنية محددة ومعرفة كبيرة بالموضوع لكي يمكن أداء هذا العمل بكفاءة. ويجري استخدام موظفي حقوق الإنسان في الميدان بأعداد لم يسبق لها مثيل نتيجة الاعتراف بأن العناصر المتعلقة بحقوق الإنسان تقدم مساهمة بناءة في أنشطة العمليات الميدانية.
وقد سعت مفوضية حقوق الإنسان في هذا السياق للبحث عن وسائل للمساهمة في إضفاء التعزيز والصبغة المهنية على إجراءات الأمم المتحدة لدفع حقوق الإنسان قدماً من خلال العمليات البشرية وهو مجال أعلِّق عليه بصفتي المفوض السامي أعلى درجات الأولوية. وقد كانت صياغة منهجية لإجراء الرصد الفعال لحقوق الإنسان نقطة مركزية في أعمال المفوضية طوال عدة سنوات. ويجيء هذا الدليل تتويجاً لجهود المفوضية في تجميع خبرة الأمم المتحدة في مجال رصد حقوق الإنسان. ونأمل أن يجد الموظفون المسؤولون عن رصد حقوق الإنسان في هذا الدليل مساهمة مفيدة لأعمالهم وخاصة من يعمل منهم في العمليات الميدانية التي أقامتها الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية، وكذلك العاملون من الحكومات ومؤسسات حقوق الإنسان الوطنية والمنظمات غير الحكومية.
والدليل يقدم أيضاً كأداة لتشجيع تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في كل أنحاء العالم وذلك في إطار برنامج أوسع تقوم به المفوضية في سياق عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (1995-2004).
ماري روبنسون
المفوض السامي لحقوق الإنسان
المفضلات