عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
إرتقاء المرأة منطلق لإرتقاء المجتمع .. ؟؟
[SIZE=أكاديمي]
من البديهي أنه لا يمکن احداث اي تغيير اجتماعي أوتحقيق أي رقي انساني ما لم يتم توجيه المجتمع کله في طريق الإرتقاء والنمو والتطور وهذا يعني تحريک شرائح المجتمع کله لما فيه خير ونهوض المجتمع، وبمعنى آخر لا تبقي اي شريحة في المجتمع تعيش على هامش الاقصاء أو التجميد أو الرکون إلى عوامل الاحباط والتراخي والکسل، وبهذا تحدث حرکة لا بد وان تؤدي إلي حدوث التغيير الايجابي المطلوب للمجتمع.
وإن کانت المرأة تمثل نصف المجتمع فإنه بتوجيه هذه الشريحه إلي اليات الإرتقاء يتم الإنطلاق نحو ارتقاء المجتمع کله، فهي کل المجتمع في التوجيه والتقويم، کما إنها فاعلة ومؤثرة في العناصر الفاعلة وعناصر المجتمع الاخرى، وهي صانعة الحياة الإجتماعية لکونها مهداً ومحضنا لاعداد الجيل الصالح الذي يقوم بتدعيم رکائز الاستخلاف الرباني في الارض.
ولا ننسى ابدا ان الاهتمام برقى الشريحة النسائية سوف يمهد لها مشارکة فعالة في المجتمع سواء على الصعيد الثقافي او السياسي او الإجتماعي، کما إنها تعکس صورة المرأة الايجابية التي تعيش مع وإلى المجتمع ضمن دائرة المسؤولية والحس الديني والوطني.
وارتقاء المرأة يترک بصماته الايجابية علي شخصية المرأة نفسها فهو يساهم في تعزيز ثقتها بنفسها وتقوية ارادتها ويؤهلها لإکتساب الوعي المفيد الذي يعينها على التحرک الهادف في الوسط الإجتماعي، وهو ايضا ينمّي مواهب النساء ويکشف عن قدراتهن ما يساعد على ضخ المجتمع بالکفاءة النسائية التي توکل إليها المهام الصعبة والجسيمة والتي ينتظر منها أن تکون على رأس الهرم في التغيير الايجابي في المجتمع.
الارتقاء عبر الهوية:
لا ينکر أحد أن ارتقاء اي مجتمع ينطلق من ارتقاء الإنسان نفسه، ولعل هذه هي الصورة التي بانت بوضوح في المجتمع الاسلامي الاول الذي شکله رسول الله (ص) في المدينة المنورة فقد تم الاعداد والتوجيه والتحريک لکل شرائح المجتمع عبر الهوية الإنسانية مع مراعاة محطات الإختلاف والفروق الموجودة فقد انطلقت المرأة من ذاتية وهوية المرأة نفسها، ولم تعمد إلى تجميل نفسها ضفوطا خطيرة في تقمّص شخصية الرجل کما روّجت لذلک التيارات العلمانية والنسوية المعاصرة والتي تدعو إلى المساواة والتحرر والحصول على الحقوق الکاملة لکن عبر رفض الذات الأنثوية والسير في خط اکتساب الهوية الذکوريه حيث تعکس هذه الحرکات دائما نموذج الرجل کأنه الصورة المطلقة للنجاح وصورة الأنثى المرأة کنموذج للتدني والتخلف.
وبهذا فسبيل الإرتقاء يکون عبر احترام هويتها کإنسان خلقه الله في أحسن تقويم وکرّمه وسخّر له ما في البر والبحر ودعاه إلى التکامل عبر صورة القدوة الحسنة التي رسّخها في الانبياء (ع) وسيدات نساء العالمين (ع) ويکون ايضا عبر حفظ الفوارق البايولوجية والتي هي وسائل لإداء الادوار الموکلة إلى الأفراد بصورة متکاملة تحقق الغاية المطلوبة في بناء المجتمع الصالح.
آليات ارتقاء المرأة:
تتباين آليات الإرتقاء حسب القيم التي ينطلق منها الفکر والنهج الذي يتنباه القائمون على شؤون المجتمع، وبهذا يکون المنطلق الأول هي القيم المتبناة والتي يجب ان تحقق توازنا في بناء شخصية الفرد والمجتمع على حد سواء.
وفي الفکر النسوي فإن الإرتقاء (أوالتطور) يکون عبر رفض القيم الدينية والاخلاقية والتي يعتبرها هؤلاء قيود مفروضة تحجم من فاعلية المرأة وتسبب لها ضغوطا کثيرة کما إن هذه المناهج تعجل في الحرية شبه المطلقة (بما في ذلك الحرية الجنسية و الاشباع الجنسي الحر حتى قبل الزواج) وسيلة من وسائل تحرر المجتمع وتطوره وبهذا اخرجت النساء من ظل توجيه الدين والأخلاق إلى جدار عبودية الشهوات والغرائز ثم استکلمت الدور بالاستعباد للرجل عبر صورة المرأة - الأنثى الشيء والسلعة والتي تعکسها وسائل الأعلام.
في حين تنطلق الرؤية الإسلامية للإرتقاء من قيم الإسلام التي تجعل من الرجل والمرأة في خط الإنسانية الواحد وتجعل معايير التفاضل اکتسابية (وليست جنسية) تقوم علي اکتساب التقوى، والعلم، والعمل الصالح وبهذا يکون الايمان بالله واداء اوامره ونواهيه هوالدرجة الاولى في سلم التکامل الإنساني.
ومن البديهي إن الايمان بالله يدعو إلى العلم والتعلم ويجعله فريضة (طلب العلم فريضة على کل مسلم ومسلمه) ويجعل العلم النافع مفتاح الخير والإنطلاق نحو تحرير النفس من ظلمات الجهل والخرافة والتقليد والأتباع، وإذا کان العلم والتعلم هوالسبيل الأول نحو الإرتقاء فان فتح المجال أمام المرأة لمشارکة اجتماعية وسياسية واقتصادية واضحة يمهّد لها السبيل لزيادة الوعي وبناء الذات بشکل انضج، وهذه المشارکة تنطلق ضمن حدود المحافظة على القيم الدينية والاخلاقية مما يجعل المجتمع نفسه بعيدا عن مدارات الانحراف والفساد والتي تعتبر العامل الاساسي لدمار وسحق المجتمع.
وتشکل ثقافة المجتمع عاملاً مساعدا على توجيه المرأة نحو الإرتقاء، فالثقافة التي تنطلق على اساس احترام المرأة کإنسان لها دور ووظيفة وهي مسؤولة ومکلفة تساعد المرأة على الحضور الإجتماعي الصحيح والفاعل، وللأسف فما زالت ثقافة مجتمعنا تنظر إلى المرأة على أنها المخلوق الادنى وترسم لها دورا واحدا محدودا وهذا يعني تدمير نصف طاقات المجتمع التي يحتاجها ...وهوظلم کبير وخيانة عظمى للأمانة الموکلة إلى الإنسان.
ومما لا شك فيه أن الاعلام نفسه يساعد على توجيه النساء نحو الإرتقاء أو الإنحطاط وهذا يعني توجيه المجتمع نحوالإرتقاء والإنحطاط والتخلف والتبعية، فالاعلام الهادف يرسم ادواراً ايجابية للمرأة ويشجع الرجل والمجتمع کله على تدعيم هذه الادوار، في حين إن الاعلام الهابط يمدد للمرأة مسارات (شيئية) هابطة تعزز من الفوضي الجنسية وعوامل الانحراف في المجتمع.
شخصية المرأة:
المرأة تبقى هي المسؤول الأول عن تحقيق الإرتقاء لذاتها. (فإن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم) إن حرکة الذات الايجابية أو ارتقاء الذات تتم عبر ارادة المرأة والحديث الشريف الذي يقولمن تساوى يوماه فهو مغبون ومن کان آخر يوميه شرهما فهو ملعون).
ليدل دلالة واضحة على دعوة خالدة إلى التطور وإلى صعود درجات سلم التکامل وإلي البحث عن آليات أفضل للإرتقاء الذاتي.
فالمرأة التي تمتاز شخصيتها بالإنسحابية تتواري دائما أمام المهام والسؤوليات وتتهاوى امام ارادة التغيير وبذلک تحرم نفسها من النمو ومن الرقي، في حين إن المرأة ذات الشخصية المتوازنة تتحرک برؤي واضحة ومتوازنه بين کل المهام والرغبات مما يجعلها أکثر قدرة على تنسيق ادوارها الحياتية نحو العطاء، اما المرأة التي تمتلک شخصية اعتمادية فهي تلقي بکلها وثقلها على الغير الذي قد لا يساعد على الارتقاء وهي تقول انتم انهضوا بي بدل ان تقول انا انهض مع نفسي اولًا، والمرأة ذات الشخصية القوية تکون ثابتة في مواقفها تدعمها ارادتها وتمضي في اتخاذ قرارات صائبة تعينها على صعود سلم الإرتقاء في حين إن المرأة ذات الشخصية الضعيفة تکون تابعة ومنقادة ودائما تخونها ارادتها عن تلقي أي تغيير ويتعزز لديها مفهوم العجز وعدم القدرة فتلجا إلى حالة التبرير بالاعذار.
ويبقى دور الرجل داعماً للمرأة إن کان يؤمن بانها ذات رسالة ومکلفة وبأنها يجب إن تکون معه عوناً وسنداً لبناء مجتمع سليم يحيّ المواهب وينمّي القابليات.
ازاء کل هذا يطرح تساؤل أمامنا...متى تبدأ مسيرة الرقي والتکامل في اعماقنا لتنعکس نوراً على مجتماعات غارقة في الظلام.[/SIZE]
المفضلات