قد يثير مصطلح «التفاوض» حفيظة البعض لأنه يرى أنه يوحي بالخصومة والنزاع، وهو ما لا يتفق مع الحياة الزوجية التي تقوم على المودة والرحمة، لكننا هنا لا نقصد التفاوض بالمعنى السياسي الصراعي، بل إدارة العلاقة الزوجية بشكل منظم بعيداً عن العشوائية التي تسمى أحياناً بغير اسمها، وتؤدي إلى فشلها لميل كفة الميزان لصالح طرف على حساب الطرف الآخر، لذا فالتفاوض هنا يتم بين طرفين عن وعي دائم بأنهما يشكلان وحدة واحدة في مركب واحد، وأن علاقتهما ليست صراعية، بل تراحمية تكاملية، وما التفاوض إلا أداة لضبط ميزان الحقوق والواجبات.

لا غنى عن التفاوض
العلاقات الحديثة لم تعد تعتمد على الأدوار التي يفرضها الإرث الثقافي. فالشريكان يجب أن يحددان أدوارهما بحيث أن كل عمل فعلا يستدعي التفاوض.
وبما أن احتياجات الناس تظل تتغير طيلة الوقت، ومتطلبات الحياة تتغير أيضا، فإنه لا غنى للعلاقات الجيدة عن التفاوض ومعاودة التفاوض طيلة الوقت. وتظل المفاوضات ناجحة إذا توفر «حسن النية» في الوصول إلى نقاط مشتركة مثمرة.
إلا أن الكثير من الأزواج والزوجات يخافون من التعبير عن حاجاتهم، فيضطرون إلى إخفائها أو تمويهها. فتكون النتيجة «خيبة الأمل» لعدم حصولهم على ما يريدون، والضجر من الشريك لأنه لم يسد حاجاتهم الدفينة. متناسين أن المودة لا تأتي بدون مصراحة، فشريكك لا يستطيع قراءة أفكارك.

روح الفريق الواحد
لابد أن تعتبرا نفسيكما فريقا واحدا ، أي أنكما شخصين فريدين، منظوراكما مختلف، وقوتكما مختلفة .. هذه هي قيمة ضبط خلافاتكما، حسب ما تقول خبيرة العلاقات "ديان سولي " مديرة الزيجات الناجحة .. يجب أن تعرفا كيف تحترمان الخلافات وتتعاطيان معها، فذلك هو مفتاح نجاح العلاقات. فالخلافات لا تفسـد العلاقات، ولكن الشتائم هي التي تفسدها وتهدمها.

استمع لشريكك
المراوغة أو تجاهل الخلافات ليست الطريقة السليمة للتعاطي معها، فإذا كنت لا تفهم أو لا تحب شيئا يفعله شريكك، اسأل عنه، واسأل عن سبب قيامه به. تحدث واستكشف ولا تفترض.

استمع لقلق شريكك وتذمره قبل أن تصدر حكما يخصه، ففي كثير من الأحيان يكون كل ما نحتاجه هو وجود أحد يستمع إلينا، فهذا يفتح الباب للثقة، لأن مشاركة الشعور أمر حيويّ حيث ننظر إلى الأمور من وجهة نظر شريكنا، ومن وجهة نظرنا أيضا.

اعتذر، واعتذر، واعتذر
كل منا معرض أن يخطئ، ومحاولة إصلاح الخطأ أمر حيوي في فضاء السعادة الزوجية. فقد تكون المشاجرات سخيفة أو مضحكة أو حتى تدعو إلى السخرية، ولكن الرغبة في إصلاح ذات البين فيما بعد هو محور سعادة كل زواج.

طبيعة المرأة
لغة التفاوض تحتاج من الرجل ـ خاصة ـ فهم جيد لطبيعة المرأة، فالمرأة لها طبيعة وجدانية انفعالية أسرع من الرجل، وهذه الطبيعة مناسبة تماما لوظيفتها الرئيسية «الأمومة» .. إن الله تعالى غرس فيها هذه العاطفة لتكون تلبيتها لنداء وليدها وصغيرها تلبية فورية، غير قائمة علي الحسابات العقلية والموازنات الظرفية، وإلا لهلك الطفل! هذه الطبيعة الانفعالية لا يمكن للمرأة أن تحيدها مع طرف، في الوقت الذي تطلق لها العنان مع طرف آخر، فالمرأة تتصرف بهذه الطبيعة مع كل الأطراف سواء كان وليدها أم زوجها أم غيرهما؟!
ولابد أن تفهم المرأة ذلك عن نفسها، ولابد – كذلك – للرجل أن يفهم ذلك عن النساء، لأنه إذا أدرك ذلك فلن يبادرها بما يثير حفيظتها ضده أكثر، أو يشعل غيظها تجاهه إلي أقصي الدرجات، ولا يبادرها أيضا إذا اشتكت له بما يثير حفيظتها منه أو من والدته أو من جيرانهم، أو من أي طرف كان .. بل يجاوبها بتهدئتها كقوله: الموضوع بسيط، وتافه، ولا يستحق كل هذه الثورة منك!

طبيعة الرجل
أيضا ينبغي للمرأة أن تتفهم طبيعة الرجل، فأغلب الظن أن الوظيفة الأولي للرجل كانت الصيد، فقد كان الرجل يترك زوجته مع صغيرها في مكان آمن، ثم يخرج هو ليأتي لهم بما يطعمون، ووظيفة الصيد كما نعلم جميعا تحتاج إلي ملكات معينة، منها عدم الانفعال السريع، لأن الانفعال السريع يثير الحركة، والحركة تضيع الفريسة لأنها تنبهها بوجود من يتربص بها، ومنها طول البال لتحين أنسب الأوقات للانقضاض علي الفريسة، ومنها قوة وحدة وجرأة الانقضاض، إذ لا معني للانقضاض البطيء أو الضعيف الذي يضيع الفريسة .. ومنها الكثير غير ذلك .
وكما نري فإن الله أودع الرجل مثل هذه الصفات لأنه بدونها لا يستطيع أن يؤدي وظيفته الرئيسية، من حماية ورعاية من يعول، وبالطبع فهذه الطبيعة لا يستطيع الرجل أن يحيدها مع طرف أو مجال، أو يستفرغها بكل قوة في مجال آخر. -