أداب الـمزاح




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أن الإنسان مدني بطبعة، والمدنية لابد أني تخللها مزاح


والمراد بالمزاح: الملاطفة والمؤانسة، وتطييب الخواطر، وإدخالالسرور .


وقد كان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم


كما ذكر ذلك البخاري في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث: { يا أبا عمير ما فعل النغير }.


وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: { يا ذا الأذنين} يمازحه[رواه الترمذي ].


وسئل ابن عمر رضي الله عنهما: ( هل كان أصحاب رسول الله يضحكون؟


قال : نعم، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال).




ولا شك أن التبسط لطرد السأم والملل، وتطييب المجالس بالمزاح الخفيف فيه خير كثير،


ولكن بضوابط منها :-


1- ألا يكون فيه شيء من الإستهزاء بالدين :


فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى:


وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَباللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ،


لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:66،65 ]،


قال ابن تيميةرحمه الله: ( الإستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه ).




2- ألا يكون المزاح إلا صدقاً:


قال محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين :


{ إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد منالثريا } [رواه أحمد ].
وان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمزح الا صدقا وانه ايضا قال فى حديث (انا زعيم بيت فى الجنه لمن ترك الكذب وان كان مزاحا)






3- عدم الترويع :


خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد، أو يستغلون الظلام وضعف بعض الناس


ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف،


عن ابن أبي ليلى قال: حدثناأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي ،


فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع،


فقال رسول : {لا يحل لمسلم أن يروع مسلما } [رواه أبو داود ].




4- الإستهزاء والغمز و اللمز :


الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم، وبعض ضعاف النفوس - أهل الإستهزاء والغمز واللمز -


قد يجدون شخصاً يكون لهم سلماً للإضحاك والتندر والعياذ بالله وقد نهى الله عز وجل عن ذلك قال تعالى :


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَنيَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ


وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَاتَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات:11 ]،


قال ابن كثير في تفسيره: ( المرادمن ذلك احتقارهم واستصغارهم والإستهزاء بهم، وهذا حرام، ويعد من صفات المنافقين ).




5- أن لا يكون المزاح كثيراً :


فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين،


والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاطوالترويح عن النفس .


قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : (اتقوا المزاح، فإنه حمقة تورث الضغينة ).




6- معرفة مقدار الناس :


فإنالبعض يمزح مع الكل بدون اعتبار، فللعالم حق، وللكبير تقديره، وللشيخ توقيره،


ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يعرف .


وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز: ( اتقو المزاح، فإنه يذهب المروءة ).


وقال سعد بن أبي وقاص: ( اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرىء عليك السفهاء )




7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :


قال: { لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب }[صحيح الجامع:7312 ].


فإياك إياك المزاح فإنه *** يجرىء عليك الطفل والدنس النذلا


ويذهب ماء الوجه بعد بهاءه *** ويورثه من بعد عزته ذلا




8- ألا يكون فيه غيبة:


وهذا مرض خبيث، ويزين لدى البعض إنه يحكى ويقال بطريقة المزاح،


وإلا فهو داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : {ذكرك أخاك بما يكره } [رواه مسلم ].




9- إختيار الأوقات المناسبةللمزاح :


كأن تكون في رحلة برية، أو في حفل سمر، أو عند ملاقاة صديق، تتبسط معه بنكتة لطيفة،


أو طرفة عجيبة، أو مزحة خفيفة، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه،


أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين، فإن الممازحةالخفيفةتزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها.


منقول