2683" سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال ، ينزلون على أبواب


المساجد ، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف ، العنوهن


فإنهن ملعونات ، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمهن نساؤكم كما خدمكم نساء


الأمم قبلكم " .




قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 411 :




أخرجه أحمد ( 2 / 223 ) و المخلص في " بعض الجزء الخامس من الفوائد و الغرائب


المنتقاة " ( ق 264 / 1 ) و السياق له ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 1454 -


موارد ) و الطبراني في " الصغير " ( 232 - هند ) و " الأوسط " ( رقم 9485 -


ترقيمي ) مختصرا من طريق أبي عبد الرحمن المقري - عبد الله بن يزيد - : حدثنا


عبد الله بن عياش بن عباس : حدثنا أبي عياش بن عباس قال : سمعت عيسى بن هلال


الصدفي و أبا عبد الرحمن الحبلي يقولان : سمعنا عبد الله بن عمرو بن العاص


يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الطبراني : "


لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد " . و تابعه عبد الله بن وهب :


أخبرني عبد الله بن عياش القتباني به نحوه ، و لم يذكر في إسناده أبا عبد


الرحمن الحبلي ، و قال : " يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم " .


رواه الحاكم ( 4 / 436 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و رده الذهبي


بقوله : " قلت : عبد الله و إن كان قد احتج به مسلم ، فقد ضعفه أبو داود و


النسائي ، و قال أبو حاتم : هو قريب من ابن لهيعة " . قلت : قد روى عنه الليث


بن سعد الإمام ، و هو من أقرانه ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " ، فهو مع هذا


و احتجاج مسلم به وسط حسن الحديث ، و غلا فيه الشيخ أحمد شاكر فقال في تعليقه


على هذا الحديث من " المسند " ( 7083 ) : " إسناده صحيح " ! و أشار الحافظ


المنذري في " الترغيب " ( 3 / 101 ) إلى تقويته بتصديره إياه بصيغة ( عن ) و


وقع عنده أن الحاكم قال : " صحيح على شرط مسلم " ، و ينبغي أن يكون هذا هو أصل


" المستدرك " و " تلخيصه " لأنه لو كان كما سبق نقله : " على شرط الشيخين " لم


يقل الذهبي في رده إياه ما سبق ، و لقال : " و إن كان قد احتج به الشيخان ... "


، فقوله : " ... مسلم ... " دليل على أن الذي في نسخته من " المستدرك " : "


صحيح على شرط مسلم " ، و على هذا فما في المطبوعة من " المستدرك " خطأ من


الناسخ أو الطابع . ( تنبيه هام ) : وقعت هذه اللفظة ( الرحال ) في " فوائد


المخلص " بالحاء المهملة خلافا لـ " المسند " و " الموارد " و غيرهما ، فإنها


بلفظ ( الرجال ) بالجيم ، و على ذلك شرحه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في "


الفتح الرباني " ( 17 / 301 ) ، فقال : " معناه : أنهم رجال في الحس لا في


المعنى ، إذ الرجال الكوامل حسا و معنى لا يتركون نساءهم يلبسن ثيابا لا تستر


أجسامهن " . و لم ينتبه للإشكال الذي تنبه له الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى


إذ قال في تعليقه على الحديث في " المسند " ( 12 / 38 ) : " و قوله : " سيكون


في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال " إلخ مشكل المعنى قليلا ،


فتشبيه الرجال بالرجال فيه بعد ، و توجيه متكلف ، و رواية الحاكم ليس فيها هذا


التشبيه ، بل لفظه : " سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى


يأتوا أبواب مساجدهم ، نساؤهم كاسيات عاريات " إلخ .. و هو واضح المعنى مستقيمه


، و رواية الطبراني - كما حكاها الهيثمي في " الزوائد " - : " سيكون في أمتي


رجال يركبون نساؤهم على سروج كأشباه الرجال " . و لفظ " يركبون " غيره طابع "


مجمع الزوائد " - جرأة منه و جهلا - فجعلها " يركب " ، و الظاهر عندي أن صحتها


" يركبون نساءهم " . و على كل حال فالمراد من الحديث واضح بين ، و قد تحقق في


عصرنا هذا ، بل قبله وجود هاته النسوة الكاسيات الملعونات " . قلت : لو أن


الشيخ رحمه الله اطلع على رواية ( الرحال ) بالحاء المهملة ، لساعدته على


الإطاحة بالإشكال ، و فهم الجملة فهما صحيحا ، دون أي توجيه أو تكلف ، و هذه


الرواية هي الراجحة عندي للأسباب الآتية : أولا : ثبوتها في " الفوائد " و


نسختها جيدة . ثانيا : أنها وقعت كذلك بالحاء المهملة في نسخة مخطوطة من كتاب


" الترغيب و الترهيب " للحافظ المنذري محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق في


مجلد ضخم فيه خرم ، و هي و إن كانت نسخة مؤلفة من نسخ أو خطوط متنوعة ، فإن


الجزء الذي فيه هذا الحديث من نسخة جيدة مضبوطة متقنة ، و مما يدلك على ذلك أنه


كتب تحت الحاء من هذه الكلمة حرف حاء صغير هكذا ( الرحال ) ، إشارة إلى أنه حرف


مهمل كما هي عادة الكتاب المتقنين قديما فيما قد يشكل من الأحرف ، و كذلك فعل


في الصفحة التي قبل صفحة هذا الحديث ، فإنه وقع فيها اسم ( زحر ) فكتب تحتها (


ح ) هكذا ( زحر ) . ثالثا : أن رواية الحاكم المتقدمة بلفظ : " يركبون على


المياثر .. " تؤكد ما رجحنا ، لأن ( المياثر ) جمع ( ميثرة ) و ( الميثرة )


بالكسر قال ابن الأثير : " مفعلة من الوثارة ، يقال : وثر وثارة فهو وثير ، أي


وطيء لين ، تعمل من حرير أو ديباج ، يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال


" . فإذا عرفت هذا ، فرواية الحاكم مفسرة للرواية الأولى ، و بالجمع بينهما


يكون المعنى أن السروج التي يركبونها تكون وطيئة لينة ، و أنها ( أعني السروج )


هي كأشباه الرحال ، أي من حيث سعتها . و عليه فجملة " كأشباه الرحال " ليست في


محل صفة لـ ( رجال ) كما شرحه البنا و غيره ، و إنما هي صفة لـ ( سروج ) . و


ذلك يعني أن هذه السروج التي يركبها أولئك الرجال في آخر الزمان ليست سروجا


حقيقية توضع على ظهور الخيل ، و إنما هي أشباه الرحال . و أنت إذا تذكرت أن (


الرحال ) جمع رحل ، و أن تفسيره كما في " المصباح المنير " و غيره : " كل شيء


يعد للرحيل من وعاء للمتاع و مركب للبعير " إذا علمت هذا يتبين لك بإذن الله أن


النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى هذه المركوبة التي ابتكرت في هذا العصر


، ألا و هي السيارات ، فإنها وثيرة وطيئة لينة كأشباه الرحال ، و يؤيد ذلك أنه


صلى الله عليه وسلم سماها ( بيوتا ) في حديث آخر تقدم برقم ( 93 ) ، لكن تبين


فيما بعد أن فيه انقطاعا . و إذا ففي الحديث معجزة علمية غيبية أخرى غير


المتعلقة بالنساء الكاسيات العاريات ، ألا و هي المتعلقة برجالهن الذين يركبون


السيارات ينزلون على أبواب المساجد . و لعمر الله إنها لنبوءة صادقة نشاهدها كل


يوم جمعة حينما تتجمع السيارات أمام المساجد حتى ليكاد الطريق على رحبه يضيق


بها ، ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة ، و جمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس


، أو على الأقل لا يصلونها في المساجد ، فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة


، و لذلك يتكاثرون يوم الجمعة و ينزلون بسياراتهم أمام المساجد فلا تظهر ثمرة


الصلاة عليهم ، و في معاملتهم لأزواجهم و بناتهم ، فهم بحق " نساؤهم كاسيات


عاريات " ! و ثمة ظاهرة أخرى ينطبق عليها الحديث تمام الانطباق ، ألا و هي التي


نراها في تشييع الجنائز على السيارات في الآونة الأخيرة من هذا العصر . يركبها


أقوام لا خلاق لهم من الموسرين المترفين التاركين للصلاة ، حتى إذا وقفت


السيارة التي تحمل الجنازة و أدخلت المسجد للصلاة عليها ، مكث أولئك المترفون


أمام المسجد في سياراتهم ، و قد ينزل عنها بعضهم ينتظرون الجنازة ليتابعوا


تشييعها إلى قبرها <1> نفاقا اجتماعيا و مداهنة ، و ليس تعبدا و تذكرا للآخرة ،


و الله المستعان . هذا هو الوجه في تأويل هذا الحديث عندي ، فإن أصبت فمن الله


، و إن أخطأت فمن نفسي ، و الله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي و عمدي ، و


كل ذلك عندي . ( تنبيه آخر ) : تناقضت الآراء في مرتبة هذا الحديث كنتيجة


لاختلاف أقوال الحفاظ في راويه ( عبد الله بن عياش بن عباس ) . أما المرتبة ،


فقد صححه الحاكم و الشيخ أحمد شاكر ، خلافا للذهبي كما رأيت ، و تبعه المعلق


على " الإحسان " ( 13 / 64 - 65 ) ، و بناء على ذلك ضعفه في طبعته من " الموارد


" ( 1 / 668 - 669 ) بخلاف الداراني المعلق على طبعته من " الموارد " ( 4 / 448


- 449 ) ، فإنه حسن إسناده . و هذا هو الذي جريت عليه في تخريجاتي في عديد من


كتبي و تعليقاتي منذ عشرات السنين ، فانظر مثلا الحديث المتقدم برقم ( 896 ) و


في " تخريج مشكلة الفقر " برقم ( 102 ) و التعليق على " تحذير الساجد " ( ص 7 )


. و أما المعلق على " الإحسان " فكان متناقضا في ذلك أشد التناقض ، فبينا نراه


هنا ضعف حديثه هذا إذا به يحسن له ثانيا ( 12 / 380 ) و يصحح له ثالثا ( 3 / 50


) و يقول في رابع ( 1 / 298 ) : " و إسناده حسن في الشواهد " ، و في خامس ( 8 /


246 ) : " حديث صحيح " ، يعني لغيره ، و لم يحسن إسناده ! و مثل هذا التناقض


الثلاثي في إسناد راو واحد من تضعيف إلى تحسين إلى تصحيح ، لا يقع عادة إلا من


معلق غير متمكن في هذا العلم ، حديث عهد به ، أو أن ذلك من أكثر من شخص تداولوا


التعليق على " الإحسان " ، مختلفي السوية في هذا العلم و التحقيق فيه ، و هذا


هو الذي يغلب على الظن ، و كان من آثار ذلك أن تظهر هذه الأحكام المتناقضة في


طبعة " الموارد " في أحاديثه ، فانظر مثلا الأحاديث المرقمة بـ ( 96 و 472 و


880 و 2551 ) و من الغرائب أن حديث الرقم ( 472 ) راويه عن ( عياش ) كان اختلط


، و لذلك جعلته من حصة كتابي " ضعيف الموارد " و هو و قسيمه " صحيح الموارد "


تحت الطبع ، يسر الله نشرهما قريبا إن شاء الله تعالى . و أما الاختلاف في


الراوي ، فحسبك ما ذكره الذهبي في تعقيبه ، و منها قول أبي حاتم ، و تمامه : "


ليس بالمتين ، صدوق يكتب حديثه ، و هو قريب من ابن لهيعة " . و ذكره ابن حبان


في " الثقات " ( 7 / 51 و 8 / 334 ) . و من ذلك قول الذهبي المتقدم : " احتج به


مسلم " و كذا في " سيره " ( 7 / 334 ) ، فخالفه الحافظ فقال في " التقريب " : "


صدوق يغلط ، أخرج له مسلم في الشواهد " . و قال في " التهذيب " متعقبا المزي


الذي أطلق العزو لمسلم : " قلت : حديث مسلم في الشواهد لا في الأصول " . قلت :


و الحديث الذي يشير إليه حديث عقبة بن عامر في النذر : " لتمش و لتركب " . و هو


مخرج في " الإرواء " ( 8 / 219 ) من رواية الشيخين عن يزيد بن أبي حبيب بسنده


عنه . و قد تابع عبد الله بن عياش سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عند


البخاري ( 1866 ) ، و لكن هل هذا مما يسوغ القول بأن مسلما روى له في الشواهد ،


و المتابعة هذه ليست عنده ؟ في ذلك عندي وقفة . و من ذلك أن الذهبي قال عقب


قوله المتقدم في " السير " : " قلت : حديثه في عداد الحسن " . و هذا الذي


فهمناه أو استنبطناه من تلك الأقوال المختلفة ، و قد وافق الذهبي الحاكم على


تصحيح بعض أحاديثه ، منها الحديث الذي سبق قريبا عزوه لـ " تخريج المشكلة " (


102 ) .




-----------------------------------------------------------




[1] قلت : و أما قولهم في الإذاعات و غيرها : " .. مثواه الأخير " فكفر لفظي


على الأقل ، و أنا أتعجب كل العجب من استعمال المذيعين المسلمين لهذه الكلمة ،


فإنهم يعلمون أن القبر ليس هو المثوى الأخير ، بل هو برزخ بين الدنيا و الآخرة


، فهناك البعث و النشور ثم إلى المثوى الأخير ، كما قال تعالى *( فريق في الجنة


و فريق في السعير )* ، و قال في الأخير : *( فالنار مثوى لهم )* ، و ما ألقى


هذه الكلمة بين الناس إلا كافر ملحد ، ثم تقلدت من المسلمين في غفلة شديدة


غريبة ! *( فهل من مدكر )* ؟ . اهـ .