إن المنهج التربوي الذي تربى عليه الفاروق وجميع الصحابة رضوان الله عليهم
هو القران الكريم المنزل من عند رب البرية رب العالمين فهو المصدر الوحيد للتلقي.

وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توحيد مصدر التلقى لدى جميع الصحابة
وأن يكون القران الكريم هو المنهج الوحيد لـ التلقى والتربية والتعليم .

فكانت لـلايات الكريمة التي سمعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
لها تأثير مباشر في تكوين شخصيته الإسلامية فلقد طهرت قلبه وزكت نفسه وتفاعلت روحه معها
فتحول إلى إنسان جديدة بقيمه ومشاعره وأهدافه وأخلاقه وسلوكه وتطلعاته وفي كل جوانب حياته.


فأصبحت نظرة الفاروق رضي الله عنه إلى ربه مستمدة من كتاب الله عز وجل
وهدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يعلم أن الله منزه عن النقائص موصوف بالكمال
وانه لاشريك له وليس له ولد ولا صاحبة سبحانه وتعالى واستمد من القران الكريم
أن الله هو المنعم المتفضل على عباده وانه خالق كل شيئ ومدبره ومالكه
وانه مصدر كل نعمة وانه لايخفى عليه شيئ في الارض ولا في السماء .




وتعلم وتربى وتأصل إلى كل ما يعلقه بخالقه حتى تصوره عن النار فكان القران الكريم
رادعاًً له في حياته من أي انحراف عن شريعة الله عز وجل فعمق استيعابه لفقه القدوم على الله عز وجل
وشدة خوفه من عذاب الله وعقابه فلقد ترتب على هذا الفهم الصحيح من القران الكريم
بأن أصبح ذا عقيدة سليمة صحيحة صافية خلفت عقيدته الاولى وقضت في نفسه على أركان الوثنية
وأصبحت عقيدته الايمان بالله وحده مصفاة من الشرك والايمان بالاخرة
وأصبح الله ورسوله أحب شيئ إليه .


تربى عمر بن الخطاب على القران الكريم وتنقل به من تشريع إلى اداب ومن تاريخ إلى حكمة في عطاء مسترسل كريم
مع توفيق الله تعالى له في العيش مع القران الكريم الذي اثر في عقله وقلبه ونفسه وروحه
وانعكست ثمار تلك المعيشة على جوارحه .





هذا هو فاروق الأمة الذي تطيب المجالس بذكره حيث يصدق فيه القول

أن من خاف الله أخاف الله منه كل شيئ .... والجزاء من *** العمل

كان يسمع القران الكريم فيُغشى عليه فيُحمل صريعاً إلى منزله فيُعاد أياماً ليس به مرضاً
إلا الخوف
وقد بلغ من خوفه أن حفرت الدموع خطين أسودين في وجهه
من كثرة بكائه.

إنه الوقاف عند كتاب الله عز وجل ... إنه القيم والمُثل بعينها ...
وماأروع المُُثل يوم تكون رجالاً فتكون الأخلاق فعالاً .... إنه العادل إن ذكر العادلون ....
هو من سهر لينام الناس ....وجاع ليشبع الناس ....


هو من جعل كبير المسلمين أباً ... وأوسطهم أخاً ..... وأصغرهم ولداً ... فوقر أباه وأحب أخاه ورحم ولده
إنه هو الزاهد العالم .... العابد الغيور .... الخائف من الله
إنه فاروق الأمة ... إنه عمر بن الخطاب .... نور أضاء سطور التاريخ





عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
"
إن أهل الدرجات العُلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أُُفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما "رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني




وها هو الفاروق رضي الله عنه يسطر على جبين التاريخ صفحات مضيئة تتألق
روعة وجمالاً وإجلالا من الورع والخوف من الله عز وجل
دعونا نتجول في تلك المشاهد التي يعجز القلم عن وصفها


ولـ ننظرإلى حرص أمير المؤمنين وخوفه من ربه من أن يسأله في أبلين من الصدقة
" بينا عثمان بن عفان في مال له بالعالية في يوم صائف –شديد الحر- إذ رأى رجلا يسوق بَكرين – من الأبل –
وعلى الارض مثل الفراش من الحر فقال : ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح .
ثم دنا الرجل فقال لمولاه : انظر من هذا ؟ فنظر فقال : أرى رجلا مُعتماً بردائه يسزق بكرين .
ثم دنا الرجل فقال انظر فنظر فإذا عمر بن الخطاب فقال : هذا أمير المؤمنين . فقام عثمان بن عفان فأخرج رأسه من الباب
فإذا نفح السموم فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال : ماأخرجك هذه الساعة ؟!!
فقال عمر : بكران من إبل الصدقة تخلفا وقد مُضي بإبل الصدقة فأردت أن ألحقهما بالحمى وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما !!
فقال عثمان : يا أمير المؤمنين هلم إلى الماء والظل ونكفيك . فقال عمر عُد إلى ظلك يا عثمان !
فقال عثمان : من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا فعاد إلينا فألقى نفسه "

أسد الغابة لابن الأثير بسند صحيح




هذا هو عمر بن الخطاب فاروق الامة وخوفه من خالقه وورعه وإجتهاده
دعونا الأن نتجول في صفحات أخرى من خوفه وورعه من خالقه رب العالمين


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال اشتريت إبلا وسقتها إلى الحمى فلما سمنت
قدمت بها فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا فقال لمن هذه ؟
فقيل : لعبد الله بن عمر فجعل يقول يا عبد الله بخ بخ ابن أمير المؤمنين !
فجئته أسعى فقلت : مالك ياأهير المؤمنين؟ قال ما هذه الإبل ؟
قلت : إبل أنضاء – هزيلة –اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى ابتغي ما يبتغي المسلمون .
فقال عمر : ارعوا إبل ابن امير المؤمنين ! اسقوا إبل أمير المؤمنين ! يا عبد الله بن عمر !
خذ رأس مالك واجعل الربح في بيت مال المسلمين "

أخبار عمر رضي الله عنه




قال عبد الله بن عامر بن ربيعة : رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض
فقال :
ياليتني هذه التبنة ليتني لم أكُ شيئاً ليت أمي لم تلدني
سير الخلفاء الذهبي وابن الجوزي

عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
"
كان يدخل يده في دبر البعير ويقول إني أخاف أن أسأل عما بك "
أخرجه ابن سعد في الطبقات ورجاله ثقات

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما يدني يده من النار ويقول :
ابن الخطاب هل لك على هذا صبر
أخبار بن الخطاب عن ابن الجوزي

وعن البراء بن معرور أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يوماً حتى أتى المنبر
وقد كان اشتكى شكوى له فنعت له العسل – وصفوه له – وفي بيت المال عكة
فقال"
إن أذنتم لي فيها أخذتها وإلا فهيعلي حرام "
طبقات ابن سعد وتاريخ الطبري بسند صحيح