وقفة مع آية \ المجاهدة
قال تعالى ((وَالّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) العنكبوت\69
قوله تعالى ((وَالّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا )) أي جاهدوا الكفار فينا أي في طلب مرضاتنا
قال السدي وغيره : أن هذه الأية نزلت قبل فرض القتال
قال ابن عطية : فهي قبل القتال العرفي وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته
قال ابو سليمان الداراني : ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط بل هو نصر الدين والرد على المبطلين وقمع الظالمين وعظمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله
قال سفيان بن عيينه لأبن المبارك : إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور فإن الله تعالى يقول (( لنهدينهم ))
قال الضحاك : والذين جاهدوا في الهجرة لنهدينهم سبل الثبات على الإيمان ثم قال : مثل السنة في الدنيا كمثل الجنة في العقبى , من دخل الجنة في العقبى سلم كذلك من لزم السنة في الدنيا سلم
قال بن عباس رضي الله عنهما : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا وهذايتناول بعموم الطاعة في جميع الأقوال , ((لنهدينهم سبلنا)) أي طريق الجنة
قال النقاش : يوفقهم لدين الحق وهو معهم سبحانه بالنصرة والمعونة والحفظ والهداية ومع الجميع بالإحاطة والقدرة
هكذا كانت جميع أقوال علماؤنا في هذه الآية التي جاءت في ختام سورة العنكبوت تبشير المؤمنين
الذين جاهدوا في الله ليصلوا اليه ,
الذين احتملوا في الطريق إليه ما احتملوه , فلم ينكصوا ولم ييأسوا , صبروا على فتنة الناس وفتنة النفس ,
الذين حملوا أعباء الدعوة إلى الله وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق
هؤلاء يبشرهم الله تعالى بأنه لن يتركهم وحدهم ولن يضيع إيمانهم ولن ينسى جهادهم وسينظر اليهم من عليائه فيرضى عنهم
وسينظر إلى جهادهم فيه فيهديهم أحسن السبل
وسينظر إلى محاولتهم الوصول إلى تحقيق غايتهم فيأخذ بإيديهم ويوفقهم إلى غايتهم
وسينطر إلى صبرهم وإحسانهم فيجزيهم خير الجزاء ((وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب