{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } سورة إبراهيم آية 41


فهل أنَّ والد سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كافر ؟؟؟؟


الحمد لله رب العالمين.


اللهم صلِّ على سيدِّنا محمَّد وعلى آله وازواجه وذريَّته وباركْ وسلِّمْ كما تحبه وترضاه آمين.


قال تعالى :


{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }الأنعام 74


قال ابن كثير رحمه الله تعالى : قال الضحاك ، عن ابن عباس : إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزرُ ، إنما كان اسمه تارح ، رواه ابن أبي حاتم.


وقال أيضا : حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو عاصم شبيب ، حدثنا عِكْرِمة ، عن ابن عباس في قوله : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ } يعني بآزر : الصنم ، وأبو إبراهيم اسمه تارح ، وأمه اسمها مثاني ، وامرأته اسمها سارة ، وأم إسماعيل اسمها هاجر ، وهي سرية إبراهيم.


وهكذا قال غير واحد من علماء النسب : إن اسمه تارح ، وقال مجاهد والسُّدِّي : آزر : اسم صنم.


قلت : ( ابن كثير ) : كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم ، فالله أعلم .


وجاء عن ابن كثير رحمه الله تعالى أيضا :


قال تعالى : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لأبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا } [مريم : 41 -48]


فكان إبراهيم ، عليه السلام ، يستغفر لأبيه مدة حياته ، فلما مات على الشرك وتبين إبراهيم ذلك ، رجع عن الاستغفار له ، وتبرأ منه ، كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114].


وثبت في الصحيح : {{ أن إبراهيم ، يلقى أباهآزر يوم القيامة فيقول له أبوه : يا بني ، اليوم لا أعصيك !! ، فيقول إبراهيم : أي ربّ ، ألم تعدني أنك لا تخزني يوم يبعثون وأي خزي أخزي من أبي الأبعد ؟ فيقال : يا إبراهيم ، انظر ما وراءك ، فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه ، فيلقى في النار }} صحيح البخاري برقم (3350).














__________


معانى بعض الكلمات :


[ ( الأبعد ) أي من رحمة الله تعالى ، ( بذيخ ) البذيخ : ذكر الضبع الكثير الشعر ، أري أباه على غير هيئته ومنظره ليسرع إلى التبرء منه ، ( متلطخ ) متلوث بالدم ونحوه ].


وفي تفسير الآلوسى رحمه الله تعالى :


( وآزر : بزنة آدم ، علم أعجمى لأبى إبراهيم - عليه السلام - وكان من قرية من سواد الكوفة ، وهو بدل من إبراهيم أو عطف بيان عليه ، وقيل : إنه لقب لأبى إبراهيم واسمه الحقيقى تارخ وأن آزر لقبه ، وقيل :


هو اسم جده


ومنهم من قال اسم عمّه


، والعم والجد يسميان أبا مجازا ) .


وفي تفسير الآلوسى رحمه الله تعالى أيضا :


وعن محمد بن كعب القرظي أنه قال : الخال والد والعم والد ... ، وفي الخبر « ردوا على أبي العباس » وأيد بعضهم دعوى : أن أبا إبراهيم عليه السلام الحقيقي لم يكن كافرا ، وإنما الكافر عمّه ، بما أخرجه ابن المنذر في « تفسيره » بسند صحيح عن سليمان بن صرد قال :


{{ لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم عليه السلام ، من النار جعلوا يجمعون الحطب ، حتى إن كانت العجوز : لتجمع الحطب ، فلما تحقق ذلك ، قال : حسبي الله تعالى ونعم الوكيل ، فلما ألقوه قال الله تعالى : { قُلْنَا يانار كُونِى بَرْداً وسلاما على إبراهيم } [ الأنبياء : 69 ] فكانت ، فقال عمّه : من أجلي دفعه عنه ، فأرسل الله تعالى عليه شرارة من النار ، فوقعت على قدمه فأحرقته }} .


وبما أخرج عن محمد بن كعب وقتادة ومجاهد والحسن وغيرهم :


أن إبراهيم عليه السلام ، لم يزل يستغفر لأبيه ، حتى مات ، فلما مات تبين له أنه عدو لله ، فلم يستغفر له ، ثم هاجر بعد موته وواقعة النار إلى الشام ، ثم دخل مصر ، واتفق له مع الجبار ما اتفق ، ثم رجع إلى الشام ومعه هاجر ، ثم أمره الله تعالى أن ينقلها وولدها إسمعيل إلى مكة فنقلهما ودعا هناك فقال :


{ رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم } إلى قوله : { رَبَّنَا اغفر لِىوَلِوَالِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحساب } [ إبراهيم : 37 ، 41 ] .


فإنه يستنبط من ذلك : أنَّ المذكور ، في القرءان ـ بالكفر هو عمَّه ، حيث صرّح في الأثر الأول :


أنَّ الذي هلك قبل الهجرة ، هوعمَّه.


ودل الأثر الثاني : على أنَّ الاستغفار لوالديه ، كان بعد هلاك أبيه بمدة مديدة.


فلو كان الهالك هو أبوه الحقيقي : لم يصح منه عليه السلام :


هذا الاستغفار له أصلاً ؛.


فالذي يظهر :


أن الهالك هو العمّ الكافر المعبر عنه بالأب مجازاً .


وذلك لم يستغفر له بعد الموت .


وأن المستغفر له : إنما هو الأب الحقيقي وليس بآزر.


وكان في التعبير بالوالد في آية الاستغفار ، وبالأب في غيرها ، إشارة إلى المغايرة .


ومن الناس من احتج على أن :


آزر : ما كان والد إبراهيم عليه السلام ، بأن هذه دالة على أنه عليه السلام شافهه (( بالغلظة والجفاء )) ، لقوله تعالى فيها : { إِنّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ } أي الذين يتبعونك في عباداتها ، { فِى ضلال} عظيم عن الحقّ { مُّبِينٌ } أي ظاهر لا اشتباه فيه أصلا ، ومشافهة الأب بالجفاء : لا يجوز لما فيه من الإيذاء !!!، وآية التأفيف * : بفحواها ، تعم سائر أنواع الإيذاءات ، كعمومها للأب الكافر والمسلم







__________


معانى بعض الكلمات : *{ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }الأنبياء 67


وأيضاً : إنَّ الله تعالى ، لما بعث موسى عليه السلام ، إلى فرعون : أمره بالرفق معه والقول اللين له ، رعاية لحقّ التربية ، وهي في الوالد أتمّ .


وأيضاً : الدعوة بالرفقّ ، أكثر تأثيراً ، فإن الخشونة ، توجب النفرة ، فلا تليق من غير إبراهيم عليه السلام ، مع الأجانب ، فكيف تليق منه : مع أبيه وهو الأواه الحليم ؟؟؟!!!!.


===