عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
شرح الحديث النووي: جزاء معاداة الأولياء..
جزاء معادات الأولياء
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: { إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتي أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر فيه، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعـطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه }. [رواه البخاري:6502].
قوله: { إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب } هذا الحديث حديث قدسي لأن النبي رواه عن ربه وكل حديث رواه النبي عم ربه يسمى عند العلماء حديثاً قدسياً. المعاداة ضد الموالاة، والولي ضد العدو وأولياؤه سبحانه وتعالى هم المؤمنون المتقون ودليله قوله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس62-63].
وقوله: { آذنته } يعني: أعلمته أي: إني أعلنت الحرب، فيكون من عادى ولياً من أولياء الله فقد آذن الله تعالى بالحرب وصار حرباً لله، ثم ذكر تبارك وتعالى أسباب الولاية فقال: { وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه } يعني: ما عبدني أحد بشيء أحب إلى مما افترضته عليه لأن العبادة تقرب إلى الله سبحانه وتعالى فمثلاً ركعتان من الفريضة أحب إلى الله من ركعتين نفلاً، ودرهم من زكاة، أحب إلى الله من درهم صدقة، حج فريضة أحب إلى الله من حج تطوع، صوم رمضان أحب إلى الله من صوم تطوع، وهلم جرى ولهذا جعل الله تعالى الفرائض لازمة في العبادة مما يدل على آكاديتها ومحبته لها.
{ ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل } يعني: الفرائض والفعل { لا يزال } يدل على الاستمرار يعني: ويستمر { عبدي يتقرب إليّ بالنوافل } يعني: بعد الفرائض حتى أحبه الله، { حتى } تحتمل هنا الغاية وتحتمل التعليل فعلى الأول يكون المعنى: أن تقربه إلى الله يوصله إلى محبة الله، وعلى الثاني يكون المعنى: لا يزال يتقرب إليّ بالنوافل ويكون هذا التقرب سبباً لمحبته والغاية واحدة.
{ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به } أي: سددته في كل ما يسمع فلا يسمع إلا ما فيه الخير له وليس المعنى أن الله يكون سمع الإنسان لأن سمع الإنسان صفه من صفاته أي: صفات الإنسان محدث بعد أن لم يكن، وهو صفة فيه أي: في الإنسان وكذلك يقال في { بصره الذي يبصر به } أي: أن الله فيما يرى إلا ما كان فيه خير ولا ينظر إلا إلى ما كان فيه خير.
{ ويده التي يبطش بها } يقال فيها ما سبق في السمع أي: أن الله تعالى يسدده في بطشه وعمله بيده فلا يعمل إلى ما فيه الخير.
{ ولئن سألني } أي: دعاني بشيء وطلب مني شيئا { لأعطينه }.
{ ولئن استعاذني لأعيذنه } فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب، والاستعاذة التي بها النجاة من المهروب وأخبر أنه سبحانه وتعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل يعطيه ما سأل ويعيذه مما استعاذ.
فوائد الحديث:
- إثبات الولاية لله عز وجل أي: أن لله تعالى أولياء وهذا قد دل عليه القرآن الكريم قال الله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63،62].
- كرامة الأولياء على الله حيث كان الذي يعاديهم قد آذن الله بالحرب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن معاداة أولياء الله من كبائر الذنوب لأن الله جعل ذلك إيذانا بالحرب.
- أن الفريضة أحب إلى الله من النافلة لقوله: { وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه }.
- الإشارة إلى أن أوامر الله عز وجل نوعان: فرائض، نوافل.
- إثبات المحبة لله عز وجل لقوله: { أحب إليّ مما افترضته عليه } والمحبة صفة قائمة بذات الله عز وجل ومن ثمراتها الإحسان إلى المحبوب وثوابه وقربه من الله عز وجل.
- أن الأعمال تتفاضل هي بنفسها.
- الدلالة على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان يزيد وينقص لأن الأعمال من الإيمان فإذا كانت تتفاضل في محبة الله لها يلزم من هذا أن الإيمان يزيد وينقص بحسب تفاضلها.
-أن في محبة الله عز وجل تسديد العبد في سمعه وبصره ويده ورجله مؤيدا من الله عز وجل.
- أنه كلما ازداد الإنسان تقرباً إلى الله بالأعمال الصالحة فإن ذلك أقرب إلى إجابة دعائه واعاذته مما يستعيذ الله منه لقوله تعالى في الحديث: { ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه }.
المفضلات